أمير المدينة المنورة يزور محافظة الحناكية    11 شهيد فلسيطينا بغزة في سادس أيام وقف إطلاق النار    ألمانيا تنشر مقاتلات في بولندا لحماية الجناح الشرقي للناتو    رئيس الاتحاد الآسيوي يهنئ المنتخب السعودي بمناسبة تأهله إلى كأس العالم    الصحة تؤكد مأمونية أدوية الستاتين وتلاحق المضللين    الذهب يتجاوز 4200 دولار مع آمال خفض الفائدة وتوترات تجارية    فيفا يأمل أن تكون المدن المضيفة «جاهزة» لاستضافة مونديال 2026    ضبط شخص بالقصيم لترويجه (13) كجم "حشيش" و(4763) قرصًا خاضعًا لتنظيم التداول الطبي    إحالة قضية تبديل جثمان بمستشفى الرس إلى النيابة    جازان.. تدشين مشاريع تعليمية بقيمة تتجاوز مليار ريال    الكلية التقنية بأبوعريش تنظم محاضرة توعوية بعنوان "تماسك"    أول ملتقى عن أئمة المسجد النبوي    «سلمان للإغاثة» يوزّع مساعدات إغاثية في مخيمات النازحين في قطاع غزة    أمير تبوك يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة تأهل المنتخب لكأس العالم 2026    نائب أمير تبوك يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة تأهل المنتخب السعودي لكأس العالم 2026    من مدارسنا تبدأ الحكاية.. ومن التميز تُكتب الريادة    المسح الصناعي شرط لتسجيل المصانع والمنتجات الوطنية    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق مرتفعًا عند مستوى (11682) نقطة    أمير حائل يهنئ أمانة المنطقة بحصولها على شهادة أفضل بيئة عمل صحية أوروبياً    نائب أمير القصيم يطلع على منجزات جمعية العناية بالمساجد برياض الخبراء    وزير البلديات والإسكان يبدأ جولة آسيوية لتعزيز الشراكات في القطاع العقاري والمدن الذكية    (إثراء) يتجاوز المليون ساعة تطوع بمشاركة 24 ألف متطوع و30 ألف طامح لصنع الأثر    فرع هيئة الصحفيين السعوديين بجازان ينفذ ورشة عمل "السرد القصصي في العمل الإعلامي"    القصيبي في كتارا.. رمز وجمع في سيرة فرد وشعروائية    نائب أمير جازان يهنئ القيادة بمناسبة تأهل المنتخب إلى كأس العالم 2026م    ترامب يدافع عن قيود جديدة على الصحفيين    السديس يتفقد استعدادات الرئاسة لانطلاق ملتقى مآثر الشيخ عبدالعزيز بن صالح    نائب أمير حائل يزور مشروع "إرث" التراثي العائلي بعقدة    توقّع بتوهّجات شمسية الأيام المقبلة    إعادة فتح برنامج فرص لشاغلي الوظائف التعليمية    إسناد تشغيل وصيانة محطات تنقية «السدود» و«الجوفية» لهيئة المياه.. مجلس الوزراء: تعديل نظام مهنة المحاسبة وتنظيم صندوق التنمية الوطني    السعودية مركز عالمي للخدمات اللوجستية    تحت رعاية أمير الرياض.. نادي الطيران يكشف تجارب مبهرة لمعرض 2025    على مرحلتين في الرياض وجدة والخبر.. تعزيز قدرات الخريجين في مجال الأمن السيبراني    "الصحراء والبحر" يلتقيان في معرض "آل خليفة"    برشلونة يخوض الكلاسيكو بقميص المغني شيران    كيف ينظر العماني للقراءة؟    محلك «صفر»!    70 مليار دولار لانتشال غزة من تحت الركام    الأمم المتحدة تطالب بفتح جميع المعابر الى غزة    نائب أمير مكة المكرمة وأمراء يواسون آل نصيف    ترأس اجتماع لجنة الحج والعمرة.. نائب أمير مكة: مضاعفة الجهود لتقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن    كود الطرق السعودي نقلة لتفعيل مواصفات السلامة    إنقاذ عشريني من «فطريات أنفية» خطيرة    عبر نموذج ذكي يعزز دقة التشخيص وجودة الحياة.. «التخصصي» يرسخ ريادته في طب الأعصاب    وجبة «برغر» إسبانية بسعر سيارة    المنتخبات العربية المتأهلة إلى كأس العالم 2026    اللعب على المصطلحات: صراع اللغة في زمن الإبادة    حينَ تَتكلَّمُ الرِّياضُ... يَصمُتُ الإملاء    حاضرون وداعمون    بوصلة السلام    رونالدو يصبح أفضل هداف في تاريخ تصفيات كأس العالم    سالم الدوسري: تأهل يدل على قوة منتخب السعودية    مشاركة الجموع عطّلت العقول بالركض خلف الترندات    متعة الترفيه    أمين العاصمة المقدسة يرأس الاجتماع الثالث للجنة الأعمال البلدية والبيئية لتعزيز التكامل التنموي بمكة    إطلاق كائنات فطرية في محمية الوعول    المدينة تحتضن ملتقى علمياً لمآثر شيخ الحرم ابن صالح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يتذكر أحد قرار الجمعية العامة رقم 1514؟
نشر في اليوم يوم 18 - 12 - 2015

هو قرار أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 14 ديسمبر عام 1960، ويفترض أن تحتفل الأمم المتحدة هذه الايام بذكرى مرور 65 عاما على صدوره لأنه لا يقل في أهميته عن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ويعتبر مكملا له. فقد صدر في صورة «إعلان خاص بمنح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة»، ويسمى في الأوساط الإعلامية والأكاديمية «إعلان تصفية الاستعمار». فقد أكد الإعلان على أن «اخضاع الشعوب للحكم والسيطرة الأجنبية يعد إنكارا لحقوق الإنسان الأساسية وخرقا لميثاق الأمم المتحدة، ويعوق تنمية العلاقات الودية بين الشعوب، وبالتالي يشكل تهديدا للسلم والأمن العالمى على المدى الطويل»، وطالب بالتصفية الكاملة للاستعمار، معتبرا أن القضاء على الاستعمار «حق من حقوق الشعوب» كما طالب «بضرورة اتخاذ اجراءات فورية لنقل جميع السلطات فى الأقاليم التى لم تحصل بعد على استقلالها إلى شعوب هذه الأقاليم، دون تحفظات أو شروط، وتمكينها من الحصول على استقلالها الكامل والتمتع بحقها في تقرير المصير». ولم يغفل ملاحظة أن نقص إمكانيات هذه الشعوب وافتقارها للخبرات أو للكوادر الإدارية والسياسية لا يجب أن يتخذ ذريعة لتأخير حصولها على الاستقلال، كما طالب بوضع نهاية سريعة لأعمال القمع ضد الوطنيين والأعمال العسكرية الموجهة ضد الشعوب الثائرة من أجل استقلالها.
من المهم جدا أن نتذكر في هذه المناسبة أن صدور إعلان يطالب في ذلك الوقت المبكر بتصفية الاستعمار تصفية تامة، مثل نقطة تحول وانعطافة كبرى ليس فقط في موقف الأمم المتحدة وإنما في موقف التنظيم العالمي كله من المسألة الاستعمارية. فمن المعروف:
1- أن «عصبة الأمم» لم تتخذ موقفا مناهضا للاستعمار، بل ولم تهتم بالمسألة الاستعمارية إلا من خلال اهتمامها بمستعمرات الدول المهزومة في الحرب العالمية الأولى، واكتفت بتقنين «نظام الانتداب» الذي لم يكن في الواقع سوى عملية إحلال لمستعمر من الدول المنتصرة محل مستعمر آخر من الدول المهزومة. بل إن عصبة الأمم ارتكبت جريمة دولية خطيرة حين أقدمت على إدراج «وعد بلفور»، الذي تعهدت فيه بريطانيا بمساعدة اليهود على إنشاء «وطن قومي» في فلسطين، في صلب اتفاقية الانتداب، فتحوله من وعد «أعطاه من لا يملك لمن لا يستحق» إلى التزام دولي تعين على الدولة المنتدبة تنفيذه بتفويض من المجتمع الدولي الذي يفترض أن تمثله «عصبة الأمم» وتتحدث باسمه.
2- وأن «الأم المتحدة» لم تتبن بدورها موقفا مناهضا بشكل جذري للمسألة الاستعمارية، وإن كان نسبيا أكثر تقدما من موقف العصبة. رغم تراجع نفوذ ومكانة الدول الاستعمارية الأوروبية عقب الحرب العالمية الثانية. فقد اكتفى ميثاق الأمم المتحدة بتصميم «نظام للوصاية» ليحل محل نظام الانتداب، وتضمينه نصا يتعلق ب «الأقاليم التي لا تتمتع بالحكم الذاتي»، يلزم الدول الاستعمارية بتوفير معاملة كريمة لشعوب هذه الأقاليم وتقديم بيانات سنوية عن تطور أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية، لكنه لم يذهب إلى حد الاعتراف لها بالحق في الحكم الذاتي أو الاستقلال.
ولحسن الحظ، فقد أصرت بعض الدول التي شاركت في المؤتمر التأسيسي للأمم المتحدة المنعقد في سان فرانسيسكو عام 1945 على أن يكون نظام الوصاية تحت إشراف ورقابة الجمعية العامة، وليس مجلس الأمن، مما مكن الجمعية من التحكم تدريجيا في تحديد سياسة الأمم المتحدة المستقبلية تجاه المسألة الاستعمارية ككل. وهكذا أصبح الباب مفتوحا أمام إمكانية تطوير التصور الأولي للميثاق تجاه المسألة الاستعمارية، والوصول به تدريجيا إلى التصور الراديكالي الذي عكسه القرار 1514 المشار إليه. فكيف حدث ذلك؟
عوامل كثيرة مهدت لهذه القفزة النوعية، أهمها:
1- تضحيات حركات للتحرر الوطنى في المستعمرات ولجوء العديد منها إلى اسلوب الكفاح المسلح الذي جعل من الاحتلال عبئا باهظ التكلفة بالنسبة للقوى الاستعمارية، وهو العامل الأهم.
2- مواقف المعسكر الشرقي المناهضة للاستعمار من حيث المبدأ، والداعمة لحركات التحرر الوطنى، في إطار استراتيجيته العامة التي تستهدف إضعاف المعسكر الغربي وحرمانه من عمق استراتيجي واقتصادي تشكله المستعمرات.
3- مواقف الولايات المتحدة المناهضة نظريا للاستعمار، والطامحة في الوقت نفسه لوراثة مواقع نفوذ الاستعمار التقليدي، ولكن بوسائل وأساليب أخرى لم يكن من بينها الاحتلال المباشر.
4- نجاح الدول المستقلة حديثا في تنظيم صفوفها فى إطار حركة التضامن الأفرو-آسيوى أولا، خاصة بعد مؤتمر باندونج المنعقد عام 1955، ثم في إطار حركة عدم الانحياز بعد ذلك.
كان من الطبيعي، في سياق كهذا، أن تسعى دول عدم الانحياز والدول التي عانت طويلا من الاستعمار، والتي راح عددها يتزايد تدريجيا في الجمعية العامة إلى أن أصبحت تشكل الأغلبية، لاستخدام آليات متنوعة تسمح للأمم المتحدة بممارسة أكبر قدر من الضغوط على الدول الاستعمارية. وحين تمكنت من إصدار إعلان يتعامل مع الاستعمار باعتباره جريمة ضد الإنسانية، شرعت بعد ذلك على الفور فى اتخاذ اجراءات وبناء آليات تساعد على وضع ما جاء به موضع التطبيق. فأقدمت في العام التالي على تشكيل «لجنة تصفية الاستعمار» روعي فيها ترجيح كفة الدول حديثة الاستقلال، وبالتدريج اعترف لهذه اللجنة بصلاحيات كاملة لتقرير ما تراه لازما لوضع الإعلان موضع التطبيق، بما فى ذلك إمكانية تنظيم زيارات للأقاليم المستعمرة والاستماع للشكاوى المقدمة من الأهالي ......الخ.
ما إن منحت «لجنة تصفية الاستعمار» لنفسها صلاحية فحص أوضاع كافة الأقاليم الخاضعة للاستعمار، أيا كان حجمها أو عدد سكانها، حتى راح نشاطها المتشعب يشكل ضغوطا متزايدة لإجبار الدول المتمنعة على التعاون معها. ولوحظ على نشاط هذه اللجنة اتجاها متصاعدا نحو اتخاذ مواقف راديكالية لمواجهة تصلب مواقف دول استعمارية بعينها، مثل البرتغال وغيرها من الدول الداعمة لسياسات الفصل العنصري. ومن هنا توجهها نحو إصدار قرارات تعتبر الأنشطة المختلفة للدول الاستعمارية أنشطة تهدد السلم والأمن الدوليين وتستوجب تدخل مجلس الأمن. ثم تقدمت خطوة جديدة حين أكدت على شرعية نضال الشعوب المستعمرة والشعوب الخاضعة للسيطرة الأجنبية من أجل ممارسة حقها فى تقرير المصير والاستقلال بكافة الوسائل الضرورية المتاحة، بما فى ذلك حقها فى الكفاح المسلح. ثم تقدمت خطوة أوسع حين اعترفت بحركات التحرير التى تحمل السلاح فى وجه المستعمر وقبلت بعضها كعضو مراقب فى الأمم المتحدة.
لقد استطاعت الجمعية العامة، تحت تأثير لجنة تصفية الاستعمار إحكام الحصار والعزلة السياسية حول الدول الاستعمارية التى رفضت التعاون معها مثل البرتغال (قبل اندلاع الثورة فيها عام 1974) أو جنوب أفريقيا واتخذت قرارات عديدة لمساعدة حركات التحرر الأفريقى فى المستعمرات البرتغالية كما قبلت ممثلي بعض حركات الكفاح المسلح كمراقبين وساهمت بذلك مساهمة واسعة في منح هذه الحركات الصفة التمثيلية والاعتراف الدولي اللازمين لدعم مسيرتها. وبالفعل تمكن العديد من هذه الحركات من قيادة الكفاح المسلح نحو الاستقلال الفعلي، بمساعدة الأمم المتحدة وأصبحت دولا أعضاء فيها. كما وقفت الجمعية العامة بصلابة ضد سياسة التفرقة العنصرية في جنوب أفريقيا وضد استمرار احتلال هذه الدولة لأقليم جنوب غرب أفريقيا (نامبيا فيما بعد) وضد الحكم العنصري في روديسيا الجنوبية ودفعت مجلس الأمن دفعا لاتخاذ عقوبات ضدهما. وهكذا أسهمت الأمم المتحدة اسهاما كبيرا وضخما في القضاء على الظاهرة الاستعمارية تماما، وكان النجاح حليفها عموما.
حين يعود الإنسان بذاكرته إلى الوراء ليتذكر كيف كانت دول وشعوب العالم الثالث مفعمة بالحيوية في ذلك الوقت، ويقارن بما يجري فيها اليوم، فمن الطبيعي أن يصاب بحسرة كبيرة حين يجد أن الشعوب التي كانت يوما صفا واحدا وبنيانا مرصوصا ضد الاستعمار أصبحت اليوم تحارب بعضها بعضا. فكيف حدث ذلك؟
يقول الله في محكم آياته، «وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين». صدق الله العظيم .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.