أغلق سوق الأسهم السعودية على مكاسب طفيفة بنحو 29 نقطة فقط أي بنسبة 0.4% بعد أن كان قد حقق مكاسب تفوق 100 نقطة، وهذا السلوك السعري يوحي بقوة الصراع الدائر بين المشترين والبائعين، وهذا يبين أن الموجة الارتدادية الصاعدة الحالية أصبحت في مراحلها الأخيرة خاصةً بعد حالة التذبذب الكبيرة التي ضربت أسواق النفط وأسواق الأسهم والعملات نتيجة خيبة الأمل التي أصابتها جرّاء عدم خفض منظمة أوبك حصتها الإنتاجية واتفاق الدول الأعضاء على الإبقاء على مستوى الإنتاج الحالي والذي سيتسبب في استمرار انخفاض أسعار النفط لمستويات جديدة. أما من حيث السيولة فقد حقق السوق سيولة أسبوعية تتجاوز 28 مليار ريال مقارنةً بنحو 24.7 مليار ريال للأسبوع الذي قبله، وهذا الارتفاع في السيولة لا أراه أمرا ايجابيا؛ لأن ارتفاع السيولة في المراحل الأخيرة من الارتدادات الصاعدة يوحي بأن المضاربين يجنون أرباحهم وأنهم بصدد إغلاق المراكز الاستثمارية، وهذه العملية إذا وصلت إلى أوجها فإن قوة البيع تغلب على قوى الشراء وبالتالي يخلق حالة من حالات البيوع الجماعية والتي تدفع السوق إلى الهبوط من جديد. هذا بالإضافة إلى أن الشهر الحالي هو شهر تصفية المراكز الاستثمارية غير المرغوب فيها في الصناديق والمحافظ الاستثمارية والإعداد لمراكز جديدة سيتم العمل عليها بعد ظهور نتائج العام الحالي للشركات. التحليل الفني بالنظر إلى الرسم البياني للمؤشر العام أجد أنه قد توقف عند مقاومة 7,350 نقطة ولم يتمكن من اختراقها نظراً لدخول السوق في عملية جني أرباح رافقت تراجع أسعار النفط وحالة الترقب لاجتماع منظمة أوبك والذي عُقد مساء الخميس الماضي وما سينتج عنه وما مدى تأثير ذلك على افتتاح تداولات السوق السعودي هذا الأسبوع، وأرى أن جني الأرباح عملية مقبولة وصحية إذا احترمت مستوى 7,200 نقطة والتي هي صمام الأمان لمرحلة الارتداد الصاعد الحالي، لكن في حال تم كسر تلك النقطة فسوف يتم تعميق جني الأرباح حتى مشارف 7,000 نقطة، لكن لابد من التنويه بأن الفيصل بين استمرار الارتداد أو انتهائه يكمن في البقاء فوق مستوى 7,000 نقطة فبكسرها يتأكد أن المسار الهابط الرئيسي تم استئنافه رسمياً وأن قاع 6,827 نقطة لن يكون قادراً على إرجاع السوق للصعود مجدداً. أما من حيث القطاعات فأجد أن قطاع المصارف والخدمات المالية لم يتمكن حتى الآن من اختراق مقاومة 16,000 نقطة بالرغم من ارتداد السوق بشكل جيد، ففي الوقت الذي ارتد فيه السوق بنحو 7% لم يحفز ذلك القطاع على الارتداد سوى بنسبة 2% فقط، وهذا يدل على مدى الضعف الذي يعيشه القطاع رغم تماسكه خلال الأسبوع المنصرم لذلك فأي كسر دعم 15,200 نقطة يعني أن القطاع سيتراجع بشكل ملفت حتى مشارف 13,200 نقطة. أيضاً قطاع الصناعات البتروكيماوية فقد هو الآخر مستوى 5,000 نقطة وهو المستوى الذي كان يعوّل عليه القطاع كثيراً في استمرار الصعود لكن ذلك لم يحدث، ورغم ذلك فإن القطاع قد أعطى خلال مرحلة الارتداد السابقة بشكل جيد حيث صعد بنسبة 8.6% وهذا بفضل حالة الاستقرار المؤقتة على أسعار النفط والتي ما لبثت أن تراجعت خلال نهاية الأسبوع الماضي مما أثر بشكل سلبي على القطاع ليؤكد بذلك توجهه نحو دعم 4,700 نقطة، وكسر هذا الأخير يعطي إشارة على أن الارتداد الصاعد على القطاع قد انتهى وأن المسار الهابط الرئيسي سيستأنف من جديد. أما من حيث القطاعات الإيجابية لهذا الأسبوع فهي قطاعات الطاقة والإعلام والفنادق. في المقابل فإن القطاعات المتوقع أن يكون أداؤها سلبياً هي قطاعات الاسمنت والتجزئة والزراعة والاتصالات والتأمين والاستثمار المتعدد والاستثمار الصناعي والتشييد والبناء والتطوير العقاري والنقل. أسواق السلع الدولية شهد مساء الخميس الماضي اجتماعا لأعضاء منظمة أوبك وخلاله اتفقت الدول الأعضاء على عدم تخفيض حصة المنظمة السوقية والإبقاء على إنتاجها الحالي عند 31.50 مليون برميل يومياً وإعطاء مهلة لدراسة قرار التخفيض حتى الاجتماع القادم في شهر يونيو 2016م، وفي رأيي أن الأسواق قد أُصيبت بخيبة أمل جرّاء هذا القرار حيث تراجعت أسعار خام برنت إلى نحو 42 دولارا ولتبقى الأسعار دون مستوى مقاومة 45 دولارا للأسبوع الرابع على التوالي، وهذا يفتح المجال أمام المزيد من التراجعات لكن يبقى مستوى 40 دولارا للخام هو صمام الأمان الحقيقي والنقطة المفصلية التي تؤكد الهبوط من عدمه. أما خام نايمكس فقد كان هو الخاسر الأكبر حيث تراجعت أسعاره بعد إقرار منظمة أوبك عدم خفض الإنتاج إلى مستوى 39.60 دولار وبهذا يكون قد أكد المسار الهابط بعد أن فشل في العودة فوق مقاومة 42 دولارا للبرميل، وهذا الأمر سيشكل ضغطاً متزايداً على القطاع النفطي الأمريكي الذي يُعد أكبر الخاسرين بتراجع هذا الخام وبالتأكيد هذا الأمر سيجعل الشركات النفطية تقلّص من عملياتها بالإضافة إلى استمرار سياسة تسريح العمالة واضطرار الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى رفع وارداتها من النفط الخام بعد أن خفضتها من 600 ألف برميل يومياً قبل 7 أعوام إلى 200 ألف برميل حالياً، لكن يبدو لي أنها ستواجه صعوبة خاصةً مع استمرار الصين في جذب المنتجين إليها كما فعلت مع السعودية خلال السنوات القليلة الماضية. من جهة أخرى أجد أن أسعار الذهب بدأت تعطي إشارات على ضعف المسار الهابط الحالي وأنها بصدد الدخول في موجة ارتداد فرعية بعد أن تمكنت الأسعار من الثبات فوق مستوى 1,046 دولارا للأونصة وهذا الأمر ربما يدفعها لمواصلة الارتداد حتى مشارف 1,150 دولارا، لكن ذلك يبقى ارتدادا فرعيا ضمن المسار الهابط الرئيسي، والذي يهدد أسعار الذهب بمعاودة الهبوط هو استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار والذي بارتفاعه سيجعل الضغوط على الذهب لا تزال قائمة ويتأكد هبوط المعدن الثمين بكسر المسار السفلي الحالي. أسواق الأسهم العالمية رغم ارتفاع مؤشر داو جونز الأمريكي بأكثر من 300 نقطة خلال جلسة الخميس إلا أنه لم يتمكن من اختراق مستوى 18,000 نقطة، وبهذا تبقى الفرضية السلبية قائمة وأن التداولات بين 17,400 نقطة و 18,000 نقطة ما هي إلا عبارة عن تهيئة سعرية لدخول المؤشر في موجة هابطة رئيسية تستهدف مستويات 16,300 كدعم أول، ويدعم هذه الفرضية التهيئة النفسية التي يقوم بها البنك الفيدرالي الأمريكي لقرار رفع الفائدة على الدولار والتي ستدفع الأسواق إلى الهبوط بلا شك وسيتحدد ذلك الأمر بعد 10 أيام ابتداءً من اليوم في اجتماعهم المرتقب. أما مؤشر فوتسي البريطاني فما زال يتداول دون مستوى 6,500 نقطة متأثراً بالارتفاعات الكبيرة على الباوند مما أثر سلباً على قطاع الأعمال وجعل النتائج السنوية المتوقعة دون المأمول، فنياً فإن أي كسر لدعم 6,100 نقطة والإغلاق دونها يؤكد المسار الهابط الرئيسي على سوق لندن. أخيراً فإن مؤشر نيكاي الياباني قد انتهت موجته الصاعدة وأنه بصدد الدخول في موجة تصحيحية تأخذه حتى مشارف 18,800 نقطة متأثراً بحالة الركود التي ضربت أهم الاسواق العالمية خاصةً الصين والتي أثرت سلبياً على القطاع الصناعي الياباني والتي تعتمد عليه الدولة بشكل كبير.