تمكن باحثون سعوديون في هندسة تقنية النانو بجامعة واترلو في كندا، من استخدام تقنية النانو في تصنيع خلايا شمسية ذات كفاءة عالية تصل نسبة كفاءتها إلى 9.9 بالمائة، وتسجيلها في شركة إنرل الأمريكية (NREL) المسؤولة عالميا عن توثيق الأرقام القياسية في مجال الطاقة الشمسية، والتي تحقق خفضا في تكاليف تصنيع الخلايا الشمسية بتقنية النانو المتناهية الصغر في هندسة المواد بحجم ذري بأسعار منخفضة عن الخلايا الشمسية التقليدية. وقال ل(اليوم) عبدالله بن سعود عباس الذي نجح مع مجموعة من زملائه الباحثين في تحقيق الرقم القياسي العالمي الجديد: إن استخدام تقنية النانو في تصنيع خلايا شمسية ذات كفاءة عالية يسهم بشكل كبير في زيادة كفاءة الطاقة وتحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية عبر تقنية النانو (المتناهية الصغر) في هندسة المواد بحجم ذري صغير جدا. وأكد "عباس" أنه تمكن مع مجموعة من زملائه الباحثين من إصدار رقم قياسي عالمي جديد، بنسبة 9.9 بالمائة، وموثق من شركة إنرل الأمريكية (NREL) المسؤولة عالميا لتوثيق الأرقام القياسية في مجال الطاقة الشمسية، مشيراً إلى انه رغم صغر هذه التقنية إلا أنه يمكن تغليف الخلايا الشمسية بأطباق حامية (وهذه الوسيلة موجودة وتستخدم) إذا استدعى الأمر للخوف من دخولها لجسم الإنسان. التحكم في التركيب الكيميائي وأشار الباحث عباس إلى أنه من المهم جدا دقة الإجراء لإنتاج هذه المواد لصغر الحجم، حيث إن التحكم بالتركيب الكيميائي يعد معضلة كبيرة، ومن أهم الأسباب في تصنيع خلايا شمسية ذات كفاءة عالية كون النقاط الكمومية (مكونة من مادة كبريتيد الرصاص) وهي المسؤولة عن امتصاص الطاقة من الشمس. وقال "عباس": "من المعروف لدى الكل أن المصدر الأساسي للطاقة بشكل عام هو البترول (النفط) والذي يُعد من أكفأ المواد حاليا لإنتاج الطاقة، ولكن ما يصدر من النفط من مخلفات، كغاز ثاني أكسيد الكربون، أثر في البيئة وكون احتباسا حراريا في الغلاف الجوي للكرة الأرضية، وهذه الأسباب حفزت العلماء والناس لإيجاد حلول بديلة حتى لا تحدث مشاكل طبيعية تنعكس سلبا على الحياة على وجه الأرض. واسترسل: من ضمن تلك الحلول الطاقة المتجددة والتي لا تنفذ، وتستخدم مصادر من الطبيعة الإنتاج طاقة مفيدة (كطاقة كهربائية، كيميائية أوحرارية)، ومن أمثلة الطاقة المتجددة: الطاقة من الرياح، المياه، الشمس، والحرارية من الأرض، ومن بين هذه البدائل، تعد الطاقة الشمسية من المصادر الواعدة لإنتاج طاقة هائلة تكفي لإضاءة العالم". تقليص استهلاك النفط وأضاف "عباس": "إن كمية الطاقة التي تسطع على سطح الكرة الأرضية من الشمس تكون حوالي 6000 ضعف ما يستهلكه الناس على مستوى العالم، وتعتبر طاقة هائلة تكفي لتقليص استهلاك النفط، والفحم، والغاز الطبيعي، مما سيؤدي إلى تقليص كبير في إنتاج ملوثات تلوث البيئة، حسب الكفاءة العالية لتحويل هذه الطاقة الى طاقة كهربائية. وأشار إلى أن الكفاءة تعد مقياس لقدرة الخلية الشمسية بمساحة معينه (تكون بالمتر المربع) على امتصاص الطاقة القادمة من الشمس وتحويلها بنسبة ( ك 30 بالمائة) إلى طاقة كهربائية، وهناك أنواع عدة من الخلايا الشمسية ذات كفاءات وميزات مختلفة، ولكن هناك حد نظري للكفاءة لمختلف الخلايا الشمسية". وتابع "عباس": "من أشهر الخلايا الشمسية والتي تم تسويقها هي خلايا السيليكون بكفاءة 27.5بالمائة، وهذه النسبة تبدو قليلة، ولكن لو افترضنا أن لدينا لوحة شمسية (مكونة من عدة خلايا) بمساحة متر مربع واحد مربع، فيستم إنتاج 275 واط، وبهذه الطاقة يتم تغطية التكلفة الطاقة المستهلكة ب12 دولارا في السنة، أي 45 ريالا سعوديا بالسنة. وبهذه الطاقة، من الممكن شحن 50 جوال آيفون على سبيل المثال بنفس الوقت (لأن جهاز آيفون واحد يحتاج إلى 5.45 واط بالساعة) وهذا مثال توضيحي يبين قدرة الطاقة الشمسية على إصدار طاقة كهربائية كافية. وقد يتساءل البعض، لماذا إذا لا نرى الناس يستخدمون هذه التقنيات، والجواب بشكل بسيط هو التكلفة، تكلفة تصنيع الخلايا الشمسية من السيليكون بهذه الكفاءة 27.5 بالمائة للمتر المربع الواحد هو 150 دولار أو ما يقارب 560 ريالا سعوديا، وهنا يأتي دور تقنية النانو (المتناهية الصغر) في هندسة المواد بحجم ذري (صغير جدا). وحدة قياس متري وتابع "عباس": "إن تقنية النانو هي وحدة قياس متري بحيث 1 نانو متر يساوي 1 جزيء من البليون من المتر (أو جزء من المليون من الميليمتر)، وعند تقليص المواد إلى الحجم النانوي، تختلف خواص المواد بشكل عظيم من ناحية فيزيائية (مثلا: لون الذهب يصبح أحمر عندما يكون قطر الجسيم النانوي للذهب 10 نانومتر). ومن ناحية كيميائية (مثلا: يزداد معدل التفاعل للجسيمات النانوية بشكل كبير مقارنة بالمواد السائبة أو الكبيرة)، ومن المواد النانوية مشهورة الاستخدام في تصنيع الخلايا الشمسية ما يعرف بالنقاط الكمومية (Quanutm Dots)، كبريتيد الرصاص (أو Lead Sulfide، PbS)، والتي تعتبر من أشهر النقاط الكمومية لامتيازها بامتصاص طاقة الأشعة تحت الحمراء (Infrared). ولقد نشرت عدة بحوث خلال السنوات العشر الماضية عن تطوير واكتشافات جديدة لهذه المادة لهدف زيادة كفاءتها لتحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية. وأوضح "عباس" أنه قبل البدء في بحثه لتطوير هذه المادة في جامعة تورنتو، كندا، مع البروفيسور إيدوار سارجنت، المعروف عالميا بإسهاماته في تطوير هذه المادة والخلايا الشمسية بشكل عام، كان هناك إنجاز من مجموعه من الباحثين بجامعة إم أي تي بأمريكا، حيث تم إصدار رقم قياسي، 8.55 بالمائة، لكفاءة هذا النوع من الخلايا الشمسية (النقاط الكمومية). وأضاف: كان من مهمته خلال تطبيقه تحت إشراف البروفيسور إيدوار أن يحصل على كفاءة 10 بالمائة، لخبرته في مجال تقنية النانو خلال دراسته له في جامعته، جامعة واترلو، كندا، حيث تمكن مع مجموعة من زملائه الباحثين، من إصدار رقم قياسي عالمي جديد، بنسبه 9.9 بالمائة موثقة من شركة إنرل الأمريكية (NREL) المسؤولة عالميا لتوثيق الأرقام القياسية في مجال الطاقة الشمسية. ونشر البحث في مجلة «المواد المتقدمة» (Advanced Materials) والتي تعتبر من المجلات العلمية العريقة عالميا ومصدقة من قبل علماء متخصصين في مجال المواد النانوية والطاقة الشمسية. وقال "عباس": "إن البحث الذي نُشر في المجلة يشرح طريقة الانجاز في زيادة كفاءة الخلية الشمسية إلى 9.9 بالمائة، وإن تركيب النقاط الكمومية، لصغر الحجم (بقطر ~ 1-3 نانومتر)، فإن التحكم بالتركيب الكيميائي يعد معضلة كبيرة. ولذلك دقة الإجراء لإنتاج هذه المواد يعد من أهم الأسباب في تصنيع خلايا شمسية ذو كفاءة عالية لأن النقاط الكمومية (مكونه من مادة كبريتيد الرصاص) هي المسؤولة عن امتصاص الطاقة من الشمس. تركيب النقاط الكمومية وأشار "عباس" إلى أنه تم تأسيس طريقة في البحث لتركيب النقاط الكمومية، الشبه الخالية من المواد الشائبة، التي تسبب في تصريف الطاقة بشكل غير مفيد، ولتقريب النقاط الكمومية لمعالجة سطح المواد الكمومية من المواد الشائبة بمادة اليود، والتي تؤدي إلى تقليص نسبة المواد الشائبة مما يسمح بإنتاج الإلكترونات بشكل اكبر حتى يتم استقطابها، بجانب مادة كبريتيد الرصاص. في حين ان جزيئات أكسيد الزنك والتي يتراوح قطر الجزئ بين 15-20 نانو متر هي المسؤولة عن نقل الإلكترونات واستقطابها إلى القطب الخارجي بحيث يتم توصيل القطب الخارجي إلى الدائرة الكهربائية لتوليد الطاقة الكهربائية. وعندما تمتص النقاط الكمومية الضوء من الشمس، يتم إصدار إلكترونات تحتوي على طاقة، لتجذب هذه الإلكترونات خارج النقاط الكمومية إلى الدائرة الكهربائية والذي يُعد توليد للطاقة، وإن لم يتم جذب هذه الإلكترونات، فإن الإلكترونات تعطي طاقتها إلى المحيط أو الجوار بشكل طاقة حرارية غير مفيدة، لأنه يتم نقل الإلكترونات من النقاط الكمومية عن طريق جزيئات أكسيد الزنكو، ولابد أن يتم تركيب جزيئات أكسيد الزنك بشكل دقيق بحيث لا يكون هناك مواد شائبة تعمل على إسراف الإلكترونات. ولفت إلى أن هناك بحوثا في هذا المجال سابقة وتعطي نتائج جيدة، ولكن المشكلة التي واجهته في البحث هو تكوين غشاء أو رقاقة (بسماكة 100 نانومتر تقريبا) بدون شقوق كون الشقوق تسبب في قطع شبكة انتقال الإلكترونات، ومن خلال تجارب وتحليلات عدة، وجدنا أنه قبل طلاء الخلية بجزيئات أكسيد الزنك، إضافة محلول المثانول (مواد الكحول الكيميائية) أنتج غشاء بدون أية شقوق وقلل من المواد الشائبة التي قد تعلق بين جزيئات أكسيد الزنك، وبهذا تم تحقيق رقم قياسي، 10.18 بالمائة في المعمل و9.9 بالمائة موثقة عالميا". وزاد "عباس": إن البعض قد يقلق من خطورة هذه المواد لصغر حجمها، كونها ممكن أن تدخل إلى جسم الإنسان وتسبب بعض المشاكل الصحية، ولكن هناك وسائل عدة للوقاية من أي حادثة، ومنها تغليف الخلايا الشمسية بأطباق حامية (وهذه الوسيلة موجودة وتستخدم). فيما يرى البعض أن هذه النسبة ضئيلة بالنسبة إلى خلايا السيليكون، ولكن الجواب الشافي، أن سبب تكلفة خلايا السيليكون 150 دولارا (لكل متر مربع) وهو التصنيع الدقيق والذي يشمل استخدام أجهزة مكلفة جدا، بينما تصنيع الخلايا الشمسية المصنعة من النقاط الكمومية يشمل فقط أجهزة بسيطة متواجدة في معظم المعامل في العالم، ولذلك هناك أمل أن تتصدر هذه المادة النانوية في مجال الطاقة الشمسية وتسهم في تقليص استخدامنا للمواد المضرة للبيئة. الباحث عبدالله عباس خلال عرض بحثه اللوحة الشمسية المكونة من 24 خلية ذات كفاءة 10 بالمائة خلية شمسية سخانات تعمل بالخلايا الشمسية حجم اللوحة الشمسية بتقنية النانو