كثيراً ما نسمع في مجالسنا أن أولادنا غير مبالين ولا يتحملون المسؤولية ولديهم ضعف في التواصل مع الناس، فالأم تمنع مشاركة الأبناء في الأعمال المنزلية بحجة صغر سنهم، وتلبية كل احتياجاتهم (الدلال الزائد)، وعدم مشاركتهم في تحمل المسئولية والأب مشغول في عمله وحياته مع الأصدقاء ومن أسباب الكثير من المشاكل في حياة الأبناء التنشئة التربوية لكل من الزوجين وبيئة العلاقات الاجتماعية والإنسانية والتعليمية التي نشأوا فيها، وبالتالي فإن الأبناء ينشؤون على ما تلقوه وتربوا عليه في طفولتهم وشبابهم من مبادئ وأخلاقيات وسلوكيات، قد تنعكس على حياتهم العامة سواء في المدرسة أو في الشارع أو في البيت، ولذلك فإن المشاكل الحياتية التي يواجهها الأبناء ليست وليدة الصدفة بل إن لها أصولاً وجذوراً تهيئ لها وتغذيها وتساعد على تفاقمها أو معالجتها بكل حيوية وحكمة. إن إعطاء الوالدين الأبناء الإحساس بذواتهم، وأن لهم قيمة منذ طفولتهم، ومشاركتهم مع الأسرة في كل الأعمال المرتبطة بالمنزل، له مردود كبير في اعتمادهم على ذواتهم وثقتهم بالنفس مستقبلا والوالدان يستطيعان أن يضمنا نجاح مستقبل أبنائهما إذا أحسنا التربية والتهيئة، ودربا أبناءهما منذ الصغر على كيفية التعامل مع المشاكل في الحياة، بمفهومهم البسيط والمتواضع، فينشأ الابناء وعندهم عقلية تحليلية يستثمرونها إذا كبروا عند مواجهة مشاكلهم في الحياة، ولكي لا يقع أبناؤنا في الحفر التي وقعنا بها، فلا بد من استثمار أخطائنا الماضية في توجيه أبنائنا نحو المستقبل، فإن كان جيلنا قد تلقى تربية القمع والإحجام وتربية الكبت والتحجيم، وعدم إطلاق خيالنا والتعبير عما في نفوسنا بحرية، سواء أكانت هذه التربية في مدارسنا أم في بيوتنا، فلا يجدر بنا أن ندع أبناءنا يسمعون «اُسكت ياولد» أو «اُسكت ولا كلمة» فإنه منهج عقيم يدمر النفوس والعقول، فإذا كبر هذا الولد وتعرض لمشكلة في حياته سواء عملية أو زوجية، فإنه لا يحسن التعامل معها ولا يرى لها حلولاً إلا اختلاق المشاكل أو السكوت، لأنه قد تربى على منهج السكوت وعدم التفكير، وتلقيه الحلول الجاهزة حتى عندما يأتينا أحد الأبناء يطلب منا مساعدة في أمر ما واجهه فإننا لا نسأله ماذا تقترح أنت لحل هذه المشكلة على شكل خيارات؟ بل نبادر نحن بطرح الحلول وهذا خطأ فادح فالمفروض أن نترك للأبناء مجالاً لطرح حلول لمشكلاتهم ونستمع لهم بكل اهتمام وفي النهاية نناقشهم في الحلول التي طرحوها وندعهم يستنبطون منها حلاً لمشكلاتهم. أبناؤنا يحتاجون منا خطوات لتعزيز الثقة لديهم ومنها تشجيعهم عند مبادرتهم لأي عمل أو قولهم لأي فكرة ودعمهم على الإبداع وفتح آفاق الخيال لديهم ومساعدتهم عند خوضهم تجربة جديدة في حياتهم ورصد جوائز معينة يأخذها من يحاول علاج مشكلة عائلية ومكافأة من يكتب أكثر الاحتمالات الواردة لعلاج مشكلة معينة وتشجيعهم على المجازفة المعقولة وإشعارهم بالاستقلالية، وتحملهم المسئولية عند اتخاذ القرار ومن المستحسن أن نسمح لهم بارتكاب الأخطاء في سبيل الإبداع والتجديد ونشترى لهم الألعاب التي فيها عقد وحلول لخلق جو التنافس فيما بينهم ونشركهم في المشاكل العائلية ونأخذ رأيهم فيها ونهيئ لهم جو التعلم من الكبار وسماع رأي أهل التجارب والخبرة وتشجيعهم عند القيام بأي خطوة، ليكون لديهم حافز لزيادة التفكير والإبداع، وفى حالة الوقوع في الخطأ من المهم تأنيبهم ومعاقبتهم، ويكون العقاب ليس بالقسوة. هناك قول لمارتن لوثر عن التشجيع والتأنيب: «صحيح أنك إذا استغنيت عن العصا فإنك تفسد الطفل، ولكن ضع تفاحة إلى جوار العصا لتعطيها له عندما يُحسن»، التوبيخ والتأديب ضروريات في التربية السليمة وعلينا أن نعمل على أن يشعر الأبناء بأن أساس التوبيخ هو المحبة، وأن التوبيخ يخص السلوك فقط وليس الفرد.