تصلبت هياكل إدارة مياه الأمطار في مناطق الدرع العربي، لتصبح جزءا من حياة كل فرد. هياكل جعلت وظيفة الأجيال الكبرى ضمان مواصلة نجاح مسيرتها ودورها، صيانة حاضرها حفاظا على أهداف ماضيها، العناية بحاضرها ليشكل مداد مستقبلها ومستقبلهم. تسندهم قناعة البقاء، وثقة النفس بما يفعلون. يعمقون جذورهم في الأرض، ليتوسع مجال نجاح بقاء أجيالهم في فضائها الواسع. وجود خلل في أي جزء من هذه الهياكل، يعني انهيار هذه الإدارة ومنظومتها.. هذا يعني في نهاية المطاف موت محقق للإنسان والبيئة.. من خلال عناوين تحملها رسائل ومؤشرات الفقر والتصحر.. يعرفونها فيتم تجنبها حتى بالقوانين الصارمة الجادة.. يفرضونها على أنفسهم، كجزء من نجاح إدارة مياه الأمطار والبيئة.. في النّهاية يصنعون ضمان سلامتهم، لتحقيق أمنهم المائي والغذائي حتى في أحلك الظروف قسوة. الثوابت متصلة بين الإنسان والمطر والبيئة.. تقوى بتعظيم دور البيئة.. بجانب تعظيم دور الإنسان.. بجانب تعظيم دور المطر. الإنسان والبيئة يخضعان لنجاح إدارة مياه الأمطار واستثمارها. الأمطار وحدها غير كافية لبيئات المناطق الجافة، الهشة والضعيفة أمام أي تغيير سلبي. إدارة الإنسان لنفسه وللبيئة وللمطر محور حياة المناطق الجافة. أنجز إنسان مناطق الدرع العربي هذه الإدارة بجدارة. اليوم نحتاج تفسيرات علمية تؤصل وتسجل الحقائق. خبرات تراكمية تكدست عبر السنين.. تعزز أهمية البحث والتقصي العلمي، لكشف منافعها وتأثيراتها الإيجابية على المستقبل. في هذا المقال الخامس، نواصل الحديث عن عنصر: «الاستنتاجات والتفسيرات العلمية». في المقالات السابقة الحديث كان عن ثلاثة عناوين: (فلسفة إنسان الدرع العربي في إدارة مياه الأمطار)، (إستراتيجية إنسان الدرع العربي في نظرته لماء المطر)، (مفهوم إدارة مياه الأمطار عند إنسان الدرع العربي). نواصل اليوم الحديث عن الرابع: (متطلبات إدارة مياه الأمطار)، وعن الخامس: (معرفة وفهم البيئة). في مجال متطلبات إدارة مياه الأمطار، هناك ثلاثة مستويات من المتطلبات.. تمثل مسؤولية يجب الوفاء بها كجزء من متطلبات تحقيق نجاح كامل وكفء لهذه الإدارة. مستوى من المسؤوليات يجب الوفاء به قبل نزول المطر. مستوى آخر من المسؤوليات يجب الوفاء به أثناء نزول المطر. ومستوى ثالث من المسؤوليات يجب الوفاء به بعد نزول المطر. ثلاثة مستويات من المسؤولية يجب تحقيقها لجني نجاح دائم الإتقان. مُتطلبات ما قبل نزول المطر.. تجب إجادة قراءتها بشكل دقيق.. تتلخص في مراجعة جميع الأنظمة والهياكل المتعلقة بإدارة مياه الأمطار.. بهدف الوقوف على سلامتها وجودة أداء وظيفتها.. بجانب التأكد من صلاحيتها.. اتخاذ ما يلزم من عمل للصيانة.. التأكد من وفائها بمتطلبات النجاح، إضافة وتعديلا وتوسعة. هذا المستوى يتحقق بتفعيل التوقعات وتخيلها وتصورها مسبقا. يتحقق أيضا بضمان نجاح وظيفتها أثناء نزول المطر. يجب التأكد من كفاءة عملها بصورة سليمة. الكل خبراء وعارفون لوظيفتها بحكم الممارسة. هناك متطلبات أثناء نزول المطر؛ بهدف التأكد من عمل الأنظمة أثناء نزول المطر، التأكد من أداء يحقق سلامتها وعملها بكفاءة عالية. هذه المرحلة تسمح بالتعديل المباشر؛ لتلافي المخاطر نتيجة لأي قصور طارئ، أو لزيادة كميات مياه الأمطار بصورة استثنائية. أخيرا متطلبات ما بعد نزول المطر؛ بهدف الوقوف على نتائج عمل الأنظمة، هذا يساعد في توسعة بناء المزيد من الأنظمة بما يحقق أفضل النتائج، أيضا للوقوف على متطلبات الصيانة المستقبلية، وتحديد نقاط التحديات والعيوب، وإصلاحها لمواجهة المستقبل. العنوان الخامس في عنصر: «الاستنتاجات والتفسيرات العلمية» هو: (معرفة وفهم البيئة). للخبرة التراكمية شأن في تحقيق نجاح المعرفة والفهم للبيئة، كأحد متطلبات نجاح إدارة مياه الأمطار. عناصر المعرفة والفهم الدقيق للبيئة يعني تراكم خبرات التعايش، هذا يحقق نجاح الخضوع لشروط البيئة، وعدم تحديها. احترام الظروف والشروط البيئية القائمة ضرورة، التعامل مع البيئة وفقا لخرائط واقعها دون عبث وإيذاء مطلب. تسخير الشروط البيئية لصالح جني ماء المطر كمحصول هدف، هذه الفلسفة والمنهج يحققان نجاح حياة البيئة وتنميتها، أيضا يحقق نجاح استمرار حياة الإنسان في هذه البيئة، كنتيجة يعزز كفاءة إدارة مياه الأمطار، نجاح إنسان الدرع العربي في معرفة وفهم البيئة، مكّنه من تحديد المناطق الصالحة للزراعة، روّض الجبال السمر واستأنس منحدراتها، وظّف كل جزء من البيئة؛ ليؤدي دورا في إدارة مياه الأمطار، أنجز بهذه المعرفة والفهم قانون توسعات المستقبل والاستدامة. ويستمر الحديث بعنوان آخر.