أجمل وأروع نعمة وهبها الخالق العظيم لكل انسان. يراها العشاق والمحبون ويسمونها مرآة الروح لانها الكيان الاكثر احساساً واثارة وتاثيراً يؤثر ويتأثر بها البشر لانها ذات خاصة وميزة لصاحبها. تحزن لحزنه وتسر وتبتهج لمسراته وأفراحه وتفصح عن كل ما هو ساكن ودفين من مشاعر وآهات نراها جلية ومجسدة بصدق فى عينيه.( فالعين تنطق والافواه صامتة... حتى ترى من صميم القلب تبيانا ) ولا غرابة او عجب ان يصر الشعراء بمحاكاتها ومناجاتها والابداع فى الترنم بها ووصفها بأرق المعانى لانها بالنسبة لهم الالهام الصادق والباعث الذى لا غنى عنه للملكة والقريحة الشعرية التى تميز كل شاعر. يتغنون بها ويعددون ألوانها ويفتنون بأشكالها ويكنوها بشتى الأوصاف البديعة ويهتمون بأحوالها .فيها (الحب والكره والفرح والحزن والحنان والقسوة. ترضي ولا ترضي تسعد وتكتئب). (فى عيونها بحر الناس به تغرق.... وفى رمشها سهما يجيب المنية). فالعيون لدى المحبين والهائمين نظراتها فاتكة ومميته حين تأسر القلوب والعقول. لقد عجز المبدعون من تسطير وتخليد أدق القصائد كناية وتجسيداً فرسىا بهم الحال ووحي أفكارهم عندما عجزوا أن يفوا ويمنحوا العيون حقها فجعلوها هى القصيدة والقصائد. للعيون لغة تعرف بلغة العيون لا تحتاج ان تترجم او ثقافة او المام بلهجات الشعوب والاوطان واضحة ومفهومه لكل الناس صادقة فى المشاعر لانها تعبر عن الخوف اذا احست به قلوبنا والفرح ان أفعم وجداننا وخلجاتنا. فالعيون لا تخفي ابتسامتها وتعجز الشفاه عن مداراتها. والعيون لها أوصاف ومغانٍ يعرفها البشر تشعر بالراحة ان لمحت او شاهدت حبيبها وان قال المرء عيوني لمن يحبه كان القصد انه غالٍ ومنى للنفس وان قال قرة عينى عبر بشدة فرحه ورضاه. انها شأن وعالم هى البحر والضوء فى عالمها. فهى لليالى وسوادها رؤية تزيل عنها عتمة الظلام يراه من حرموا لذة النوم واتعبهم الأرق وأضناهم السهر. وصفها العرب وأسموها بالعديد من الاسماء منها العيون ( الدعجاء : وهى شديدة السواد) ( النجلاء : ويقصد بها العيون الواسعة) (الكحلاء : المسودة جفونها) (والشهلاء : وتعنى رقيقة الاجفان) ومهما قيل فيها من وصف وهيام بها وغزل تبقى العيون السوداء الأجمل والأكثر ذكرا ومناداة فيها الاعجاب والتعلق بها لها سكون تغمره العواطف. لها سحرها وتأثيرها. انها غرام لا مقدرة او حيلة للفرار منه. ففتنتها تأسر الألباب وتبهج الخاطر. ولكن لها جراح ان صوبتها رموشها كانت سهاماً نافذة تغور فى القلوب فتعلها ولا يبرأ من أصابته منها ابدا أجارنا الله واياكم من آلامها وقسوتها وحسدها.