قال: سمعتك كثيراً تتحدث عن (الحب) بين الزوجين وأعتقد أن كلامك خطأ، لأن الله تعالى عندما تحدث عن العلاقة الزوجية في القرآن لم يذكر لفظ (الحب) وإنما ذكر لفظ (المودة والرحمة) لقوله تعالى: {وجعل بينكم مودة ورحمة}، فينبغي ألا نشجع الحب في العلاقة الزوجية وإنما الأهم وجود مودة ورحمة، فالحب لم يذكر بالقرآن وإنما هو بضاعة غربية يروج لها الإعلام!! قلت: إن كلامك صحيح بعدم وصف الله للعلاقة الزوجية بلفظ (الحب)، ولكن هذا لا يعني إلغاء (الحب الزوجي)، (فالحب) خلق مطلوب ومرغوب من الجميع حتى تستمر العلاقة ويزداد العطاء، وقد ذكر الله تعالى (الحب) في القرآن في أكثر من موضع، منها أنه وصف نفسه بأنه يحب بعض الصفات مثل: {والله يحب المطهرين} وكذلك {والله يحب المحسنين}، وعندما ذكر قصة التقاط آل فرعون لموسى وهو طفل رضيع بين لنا أنه حفظه الله (بالحب) فقال: {وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني}، بل وجعل الله تعالى من أبرز صفات من يختارهم لنصرة دينه (الحب) فقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه}، فهل بعد كل هذا تقول إن الحب لم يذكر بالقرآن؟ قال: كنت أظن أن (الحب) لم يذكر في القرآن.. قلت: بل ذكر الحب كثيرا في القرآن وكذلك ذكر بالسنة النبوية فقد ورد بالحديث: (إذا أحب الله تعالى العبد نادى جبريل: إن الله تعالى (يحب) فلاناً فأحبوه، فيحبه جبريل، فينادي أهل السماء: إن الله (يحب) فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول بالأرض)، قال: إذن (الحب) موجود بين الله وملائكته وعباده، فلماذا إذا القرآن لم يصف العلاقة الزوجية (بالحب)؟ قلت: إذا لنتفق أن الله ذكر (الحب) في القرآن، وكذلك ذكر (الحب) في السنة بل إني سأذكر لك حديثا صريحا عن وصف للعلاقة الزوجية (بالحب)، وذلك عندما تحدث النبي صلى الله عليه وسلم عن علاقته بالسيدة خديجة - رضي الله عنها - قال: (إني رزقت حبها) فماذا تفهم من هذا الحديث؟ قال متعجباً: وهذا نص واضح وصريح في وصف العلاقة الزوجية بالحب، قلت: إن السنة مبينة للقرآن وشارحة له وقد وصف لنا نبينا الكريم بأنه (يحب) خديجة - رضي الله عنها - فهذا من معاني المودة والرحمة فسكت متأملا ثم قلت له: إن القرآن عندما يصف العلاقة الزوجية (بالمودة والرحمة) فلا يعني هذا أنه ألغى (الحب)؟! وإنما أكدّ عليه لأن (الحب) معناه: ميلان القلب والتعلق بالآخر، ومن صفات المحب خدمة الحبيب وطاعته والتشاور معه والتضحية من أجله وإيثاره، وكل هذه المعاني تشملها المودة والرحمة، بل إنني راجعت (لسان العرب) في كلمة (مودة) لأعرف معناها فوجدت أن مصدرها (ودد) وقرأت أقوال اللغويين في وصفها فقال ابن سيده: الود الحبُّ يكون في جمع مداخل الخير، وقال الليث: ودّك ووديدك كما تقول: حبُّك وحبيبك، والودود من أسماء الله تعالى من الود والمحبة، وبعد هذه الأقوال صار واضحا أنه عندما يصف الله تعالى العلاقة الزوجية (بالمودة) فقد وصفها بمعنى كبير وعظيم جداً يدخل فيها معنى (الحب) الزوجي. قال: ما كنت أتوقع هذا في القرآن والسنة وكان في تقديري أن (الحب) بضاعة غربية يروج لها من خلال الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي والأغاني، قلت: لا شك أن معنى (الحب الزوجي) عندنا يختلف عن المعنى المتداول في الغرب، فالحب عند الغربيين هو ارتباط بين شخصين رجل وامرأة ولهما الصلاحية في فعل ما يشاؤون، والآن طوروا المفهوم إلي العلاقة بين رجلين أو امرأتين، بينما نحن لدينا الحب له حدوده بالحلال وعدم فعل الحرام وخاصة بين الرجل والمرأة، ولو وقع الطرفان في الحب فأفضل حل لهما حتى لا يفعلا الحرام هو الزواج، قال: نعم صحيح، قلت: إذن حب زوجتك وكن سعيدا، فابتسم وانتهى اللقاء.