حين تُترَك البنوك وبنوك الظل لشأنها، فإنها ستقوم بالتأكيد بإنشاء الكثير من النوع الخاطئ من الديون وترك الاقتصادات تواجه تبعات شديدة نتيجة الديون العالقة. وهذا يثير التساؤل التالي: كيف يمكننا أن نحول دون إيجاد الائتمان المفرط؟ في أعقاب أزمة العامين 2007-2008، وضعت السلطات في عدد من البلدان إصلاحات رئيسية كانت تهدف إلى جعل النظام المالي أكثر استقرارا، على نحو يضمن وجود بنوك ذات إدارة أفضل وإصلاح مشكلة البنوك التي هي "أكبر من أي تفشل"، بمعنى أن أهميتها لسلامة النظام المالي تجعل من غير الممكن أن تسمح الحكومات بانهيارها. لكن هذا غير كاف، حيث إن الإقراض الذي يبدو جيدا من منظور القطاع الخاص يمكن أن تكون له آثار اقتصادية سيئة. كما أن أدوات إدارة المخاطر الأفضل، مثل المشتقات الائتمانية، يمكن أن تجعل النظام المالي العام أقل ميلا إلى الاستقرار. نحتاج إلى إدارة كمية ومخصصات الائتمان، وليس فقط إصلاح البنوك ووضع حد أعلى لمكافآت المصرفيين. الآثار البغيضة للديون العالقة التي تؤخر الانتعاش الاقتصادي وتسبب الانكماش يمكن أن تكون مدفوعة بالمقترضين الذين يسددون قروضهم مثلما هي مدفوعة بالمقترضين الذين يتعرضون للإعسار. المشكلة الأساسية هي العقارات. ذلك أن المنازل والمباني التي يرغب الناس بامتلاكها هي محدودة من حيث ما هو معروض منها، والأرض التي يجلسون عليها هي أصول لا يمكن تكرار إنتاجها. نتيجة لذلك، لم تكن دورات الائتمان وأسعار العقارات مجرد جزء من قصة عدم الاستقرار المالي في الاقتصادات المتقدمة، بل إنها تكاد تكون هي القصة بأكملها. وكلما أصبحت الاقتصادات أكثر ثراء، ستصبح العقارات والأراضي الحضرية أكثر أهمية حتى من قبل. كان ارتفاع أسعار الأراضي والعقارات هو المحرك المهيمن على الزيادة في نسب "الدخل إلى الثروة" التي وثقها الخبير الاقتصادي الفرنسي توماس بيكيتي. سيمثل الاستثمار في البنية التحتية للعقارات والمناطق الحضرية حتما حصة متزايدة من جميع الاستثمارات الرأسمالية، في الوقت الذي يستمر فيه انخفاض أسعار السلع الرأسمالية التي تشتمل على تكنولوجيا المعلومات. كما أن القروض العقارية السكنية لا بد لها أن تمثل حصة كبيرة من القروض، على اعتبار أنها تلعب دورا هاما في تدعيم التبادل في الأصول داخل الجيل الواحد وفيما بين الأجيال المختلفة. لكن تلك الميول الكامنة تجعل الاقتصادات أقل استقرارا. وحتى لو كانت عقود الديون والرفع المالي لا وجود لها على الإطلاق، يمكن أن تكون الاقتصادات التي تكون فيها نسب "الثروة إلى الدخل" أعلى من غيرها هي اقتصادات أقل استقرارا، لأن الاستهلاك والاستثمار أمور شديدة الحساسية للتقلبات في أسعار الأصول. كما أن الرفع المالي العالي مقابل العقارات يؤدي إلى تفاقم الخطر. للتغلب على هذا، تشمل الأدوات المتاحة متطلبات رأسمالية أعلى بكثير في حالة الإقراض العقاري. كما تشتمل أيضا على قيود مفروضة على المقترضين، مثل نسبة الحد الأقصى من "قيمة القرض إلى قيمة المسكن"، ونسبة "القرض إلى الدخل". والسياسات اللازمة لمعالجة المحركات الكامنة للعرض والطلب العقاري هي أيضا سياسات ذات أهمية بالغة. وأنا أوصي بمعايير ضمان متشددة للقروض العقارية وقيود على الإعلانات على القروض ذات الفوائد المرتفعة جدا. السياسات العامة التي تشجع على تشتت التطور الاقتصادي قد تكون أيضا لازمة للحد من أهمية عرض الأراضي الحضرية النادرة. يجب تغيير السياسات الضريبية أيضا. حيث إن أنظمة الضرائب على المكاسب الرأسمالية، التي تعفي بيوت العائلات، تجعل الإسكان واحدا من الأصول الرأسمالية التي توفر عائدات معفاة من الضرائب. مبالغ الفوائد على القروض العقارية، التي يدفعها صاحب المسكن إلى البنك، معفاة من الضرائب بالنسبة لشاغلي البيوت. وفي جميع البلدان تقريبا، تكون الفوائد على القروض العقارية معفاة من الضرائب بالنسبة للمستثمرين في الممتلكات المستأجرة. في المملكة المتحدة، ساعد هذا في ازدهار طفرة "الشراء بهدف التأجير" في بريطانيا، التي عملت على رفع أسعار المساكن. هنالك حجة قوية لصالح فرض الضرائب سواء على قيم الأراضي أو المكاسب الناتجة عن ارتفاع أسعارها. ينتج عن ارتفاع قيمة الأراضي تراكم في الثروات لا علاقة له بعمليات الابتكار أو الاستثمار الرأسمالي الذي يحرك النمو الاقتصادي. ارتفاع أسعار الأراضي في المناطق الحضرية يعتبر أيضا مساهما رئيسيا في عدم المساواة في مستوى الثروة بين الناس.