يوم الجمعة «25 سبتمبر/ أيلول 2015م » اعتمدت 193 دولة عضوا في الجمعية العامة للأمم المتحدة رسميا خطة التنمية المستدامة 2030م في مؤتمر قمة التنمية العالمية بمقر الأممالمتحدة، وتحوي الخطة سبعة عشر هدفاً تحل محل «أهداف تنمية الألفية الثمانية» التي أقرّتها الأممالمتحدة في عام 2000م لمدة 15 عاماً حتى عام 2015م. السبعة عشر هدفاً لخطة التنمية لما بعد عام 2015م تم تحديد العام 2030م لتحقيقها، وهي: القضاء على الفقر، القضاء على الجوع، ضمان الصحة الجيدة، ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلُّم مدى الحياة للجميع، تحقيق المساواة بين الجنسين، ضمان توافر المياه وخدمات الصرف الصحي للجميع، ضمان حصول الجميع بتكلفة ميسورة على خدمات الطاقة الحديثة الموثوقة والمستدامة، تعزيز النمو الاقتصادي المطرد والشامل للجميع والمستدام، إقامة بنى تحتية قادرة على الصمود، الحد من انعدام المساواة داخل البلدان، جعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة للجميع وآمنة، الاستهلاك والإنتاج المسئولان من خلال الحد بدرجة كبيرة من إنتاج النفايات، اتخاذ إجراءات عاجلة للتصدي لتغيُّر المناخ، حفظ المحيطات والبحار والموارد البحرية، حماية النظم الإيكولوجية البرية، تعزيز السلام والعدل والمؤسسات من خلال تعزيز سيادة القانون على الصعيدين الوطني والدولي وضمان تكافؤ فرص وصول الجميع إلى العدالة وغيرها، وتعزيز وسائل التنفيذ وتنشيط الشراكة العالمية من أجل التنمية المستدامة. ومفهوم التنمية المستدامة ظهرت فكرته في مؤتمر ريودي جانيرو عام 1992م، والإسلام سبق ذلك بأكثر من ألف وأربعمائة عام، حيث شمل آيات قرآنية وأحاديث نبوية تؤكد على التنمية المستدامة التي تنظم العلاقة بين الإنسان وبيئته المحيطة حيث استخلفه الله فيها وجعله أمينا عليها يستفيد منها بدون إسراف لضمان استدامتها ومنها قوله تعالى: «هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها». وقوله تعالى «وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة »، وقوله تعالى «جعلناكم أمة وسطاً»، وقوله تعالى «وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إن الله لا يحب المسرفين». ويستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله تعالى، وسنة رسوله، ويقوم الحكم في المملكة العربية السعودية على أساس العدل، والشورى، والمساواة، وفق الشريعة الإسلامية. والهدف الأول من الأهداف العامة لخطة التنمية العاشرة بالمملكة العربية السعودية ينص على «المحافظة على القيم والتعاليم الإسلامية، وتعزيز الوحدة الوطنية، وترسيخ هوية المملكة العربية والإسلامية»، وللمملكة دور مهم في تحقيق التنمية المستدامة على المستوى المحلي والعالمي حيث أوضح وزير الخارجية السعودي «أن المملكة العربية السعودية تعد واحدة من أكبر 10 دول مانحة للمساعدات الإنمائية في العالم، حيث تبوأت العام الماضي المرتبة السادسة طبقاً لإحصاءات الأممالمتحدة، مشيراً إلى أن إجمالي ما قدمته المملكة خلال الأربعة عقود الماضية أكثر من 115 بليون دولار، استفادت منها أكثر من 90 دولة في مختلف أرجاء العالم، وهذا يعكس اهتمام المملكة في دعم التنمية في العالم»، وفي كلمته التي ألقاها أمام القمة العالمية الألفية للتنمية المستدامة لما بعد عام 2015م، قال: «إن السعودية وهي تشارك في هذه القمة وتتوافق مع مخرجاتها وأهدافها لابد أن توضح موقفها حيال بعض الفقرات الواردة في هذا البيان، التي يمكن أن تفسر بشكل يتعارض أو يخالف تعاليم وأحكام الشريعة الإسلامية.... وتؤكد على حقها السيادي الكامل في التحفظ على تنفيذ أي توصيات تتعارض مع مبادئ ديننا الإسلامي وتشريعاتنا». من القضايا المهمة لتحقيق التنمية المستدامة الحفاظ على الهوية، والتثقيف بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والأمنية والإدارية بجميع القطاعات التنموية ومستوياتها، وسيتم توضيح دور التخطيط الحضري والإقليمي في تحقيق التنمية المستدامة في مقالات قادمة، ومع اعتماد خطة التنمية المستدامة 2030م تبرز أهمية مراجعة ومتابعة خطة التنمية الخمسية العاشرة وأهدافها والتثقيف بها وما تحوي من أهداف قطاعية ومكانية بأبعاد اقتصادية واجتماعية وبيئية وإدارية تساهم في تحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة. وأخيراً وليس آخراً الإسلام يؤكد على ركائز التنمية المستدامة، قال الرسول صلى الله عليه وسلم : «تركت فيكم ما إن تمسكتم به، لن تضلوا بعدي أبداً، كتاب الله وسنتي».