إذا كنت من البشر ومن متداولي السندات، إليك هذه البشرى السارة: تبين أخيرا أنه ليس من السهل الاستعاضة عنك بجهاز كمبيوتر. هذا هو الأثر المترتب على قيام شركة إنتركونتننتال إكستشينج بشراء شركة إنتر آكتيف للبيانات بقيمة 5.2 مليار دولار، التي تتخصص في تقييم القيم السوقية العادلة للسندات التي لا يتم تداولها بكثرة. إنها عملية استحواذ مقْنعة، لأن من السهل على إنتركونتننتال، التي تمتلك بورصة نيويورك، أن تسعى لتطوير نظام تداول إلكتروني آخر للتداول في سندات الشركات. بدلا من ذلك، اختارت دفع مليارات الدولارات في شركة تستمد الجزء الكبير من إيراداتها من قسم يعمل فيه 200 شخص على تقييم السندات بالطريقة البشرية ذات الطراز القديم - من خلال التحدث مع الآخرين، والانكباب على وثائق الصفقة، وتجميع المعلومات التي تكون غير متاحة بسهولة من خلال أنظمة أسعار التداول العامة. تؤكد الصفقة على العديد من الطرق التي يكون من خلالها تداول السندات يختلف عن شراء كتاب أو مكنسة كهربائية أو مناديل ورقية عبر الانترنت. ويعتمد المتداولون في السندات على الفهم والمعلومات التي يحصلون عليها جراء التحدث إلى بعضهم البعض.. ومن دون المعلومات ومستوى معين من الثقة، من الصعب اجتذاب المستثمرين والمتداولين إلى المكان نفسه لإبرام صفقة، بغض النظر عن التكنولوجيا. قال كيفن ماكبارتلاند، محلل لهيكل السوق في (جرينيتش أسوشيتس): "لا يزال الناس يثقون ببعضهم البعض أكثر من وثوقهم في أجهزة الكمبيوتر. لا أعتقد أن هذا سيتغير أبدا". هذا ينطبق بشكل خاص على سوق سندات الشركات الأمريكية التي تبلغ قيمتها 8 تريليونات دولار، والتي تضم آلاف الأنواع من السندات التي تخضع لوثائق التعامل ذات الطابع الخاص والمملوكة من قبل بعض الشخصيات المرحة والذكية الماكرة (مثل كارل آيكان أو فيليب فالكون). عرف متداولو وول ستريت تقليديا مَن الذي يملك السندات، وأي الشركات التي كانت ترغب بالبيع أو الشراء، وكيفية إبرام الصفقات بكل هدوء بدون إحداث الفوضى في الأسعار. لكن المصارف الكبرى خفضت عدد موظفيها، ووظفت المزيد من صغار المتداولين وشهدت نزوح العديد من الوسطاء الماليين المحنكين لأن الرواتب والمنافع تراجعت والقواعد الجديدة قلصت من قدرتها على مواجهة المخاطر. عمل هذا على ترك فراغ.. وفي الوقت الذي انتقل فيه بعض النشاط إلى الأنظمة الإلكترونية، توقف الكثير من التداول في السندات ذات الطابع الغريب إلى حد ما، مع افتقار المستثمرين للاقتناع بالدخول في صفقات. ولا يزال من الممكن أن تتوسع صفقة إنتركونتننتال إكستشينج، التي أعلنت عن استحواذها يوم الإثنين، في أعمال التداول الإلكتروني لسندات الشركات. فهي تمتلك أصلا بورصات لكل شيء بدءا من العقود الآجلة للمشتقات والسلع الأساسية ومشتقات الائتمان (تمتلك الشركة 23 بورصة وسوقا للتداول). لكن الاتجاه الحديث في البورصات كان في التركيز أكثر على المعلومات. ولا شك في أن سوق السندات يمكن أن تستفيد من تزايد الشفافية وجعل الأسواق أكثر كفاءة. لكن كما أوضحت صفقة إنتركونتننتال، يمكن أن يكون الفهم البشري العادي مهما بقدر أهمية السرعة الخوارزمية.