أصدر مجلس الوزراء الموقر في جلسته الماضية قرارا بإنشاء هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وهذا القرار لاقى قبولا وتفاؤلا واسعا وسط المجتمع الاقتصادي السعودي لما يمثله هذا القطاع من أهمية بالغة، حيث انه يمثل ما يقارب 90٪ أو يزيد قليلا من حجم المنشآت الكلي في المملكة، وبالتالي فان القادم من الأيام لمستقبل هذه المنشآت سيختلف كليا للأفضل بإذن الله عن سابقتها، حيث إن هذه الهيئة ستعمل لرفع طاقة وكفاءة هذه المنشآت وزيادة قدرتها التنافسية في السوق. بعد صدور هذا القرار، والذي سيتبعه بلا شك النظام الأساسي للهيئة وتشكيل مجلس ادارتها، ستكون هناك المرحلة الأصعب وهي رسم التوجهات وتحديد الأهداف التي ستسير عليها الهيئة وفق الخطط التي سيوافق عليها مجلس الادارة، ولعل وضع رؤية سليمة وواضحة وبرامج ومنتجات تناسب هذا النوع من المنشآت، سيكون من اول الأولويات، حيث إن هذا القطاع اشبع حديثا ونقاشا وتشخيصا عبر سنوات عديدة، وقد يكون أكثر قطاع تم استهدافه من حيث تنوع وتعدد المبادرات، ولكن ونحن مقبلون على مأسسة دعم وتنمية هذا القطاع بشكل سليم، فان الوضع يختلف حيث إن المنتظر من الهيئة هو الدعم المباشر والملموس والبعيد عن التنظير. منذ سنوات عدة وكانت توصيات منتديات وملتقيات المنشآت الصغيرة المتوسطة توصي بإنشاء هيئة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وذلك لإيمانها البالغ والعميق بان متطلبات دعم هذا القطاع ينطلق من جهة أو مظلة تتوفر لديها عدة خصائص وأهم هذه الخصائص (مناسبة أو تكييف التشريعات بما ينسجم مع هذا النوع من المنشآت، التنسيق مع الجهات الحكومية، الدعم والتمويل، تسهيل وتبسيط الإجراءات)، ومن هنا فان حجم التطلعات كبير وبالتالي حجم عطاء الهيئة في المستقبل ينبغي أن يكون أكبر. هناك عدة دول استطاعت أن تضع لها نموذجا اقتصاديا واضحا ومحددا للمنشآت الصغيرة والمتوسطة بما ينسجم ويتفاعل مع أوضاع هذه المنشآت في دولها، والسبب في ذلك انها أسست لها هيئة أو مؤسسة حكومية معنية بهذه المنشآت واستطاعت باقتدار أن تصنع لها النموذج المناسب الذي يحافظ وينمي ويطور ويدعم ويحتوي المنشآت الصغيرة والمتوسطة بكافة اختلافاتها وحجمها. يمثل هذا القطاع قاعدة أساسية للاقتصاد المحلي، وبالتالي سيتم دعمه ليساهم في نسبة الناتج المحلي وكذلك زيادة التوطين من ناحية توظيف السعوديين وكذلك دعم الصادرات السعودية، ولكن يظل وضع برامج وخطط لهذه المنشآت أمرا هاما وتحويل المنشآت الناجحة إلى هيكل قانوني يساعد المنشأة على الاستمرار وحقن هذه المنشآت بالفكر المالي والقانوني الملائم، من أهم أولويات الهيئة، وبمعنى اخر نريد استقرارا يساعد على النمو بدلا من نمو اقتصادي تصاحبه نزاعات تجارية تؤثر على رؤية الهيئة لبناء مستقبل افضل. في الختام نبارك لمعالي وزير التجارة هذا القرار التاريخي، والذي سبقه ايضا قرار يقضي بإنشاء هيئة للمقاولين، ونأمل أن يوفق معاليه بالحصول على موافقة مجلس الوزراء بإنشاء هيئة للعقاريين، بلا شك ان المهام كبيرة، لذا نسأل الله العلي القدير أن يكون التوفيق مصاحبا لكل من يعمل ويخدم الوطن ويسعى الى رفعته في شتى المجالات. قرار انشاء هيئة المنشآت الصغيرة يضمن توظيف المزيد من الشباب