يظل موضوع أزمة الإسكان يتصدر واجهة المواضيع التي تهم المواطنين، حيث لا تخلو صحيفة او موقع إلكتروني او محطة إذاعية الا وتتناول الموضوع بشكل متكرر، وهذا بالطبع يرجع الى حجم معاناة الكثير من المواطنين وارباب الأسر من امتلاك المسكن المأمول، وان تعددت المعاناة حيث البعض يعاني غلاء الايجارات الحالية ويحلم بالمسكن في أسرع وقت، والبعض يعاني من انه يقيم في منزل صغير او مع أهله مما اثر بشكل او بآخر على اُسلوب حياته الاجتماعية، لكن الغالبية العظمى تعاني من ضعف الدخل المالي، مما يجعل امتلاك مسكن أشبه بالحلم. مما لا شك فيه ان الحكومة لم تتغافل ولم تتجاهل هذا الموضوع، ومنذ بدء بزوغ هذه الظاهرة التي دخلت عقدها الثاني، والحكومة تبحث عن حلول وافكار لمعالجة هذا الموضوع وتأمين المسكن الملائم للمواطن، وهذا بالتبعية نتج عنه قرار الملك عبدالله - رحمه الله - باستحداث هيئة للإسكان وبعد سنوات قليلة تم تحويلها الى وزارة لتتولى هذا الملف والعمل على إيجاد الحلول والطرق والأدوات المناسبة لتوفير المسكن واعطائها كافة الصلاحيات في ذلك، وان كان استقبال هذا القرار في ذلك الوقت صاحبه أمل كبير من قبل المواطنين، حيث ان هذه الوزارة ستعمل على حلحلة هذه المشكلة وتفكيكها وتحويل قاعدة العمل فيها الى عمل مؤسساتي يصاحبه الشفافية والعدالة والسرعة في تنفيذ الطلبات المقدمة. وبعد مضي عدة سنوات ورحيل الوزير السابق وتعيين وزير جديد، يبدو ان الامر يزداد صعوبة في ظل عدم وضوح توجهات واهداف الوزارة في الفترة القادمة، مكتفية ببعض التصريحات التى يراها الكثيرون من المهتمين بهذا الموضوع تزيد هذا الموضوع ضبابية، ومع إقرار بعض المبادرات التي تنصب في نفس سياق هذا الموضوع مثل تحويل الصندوق العقاري الى بنك للإسكان واقرار القرض المعجل وغيرها، الا ان البعض يرون ان هذه المبادرات لن تقدم ولن تؤخر، وان المخاوف بدأت تزداد مع كثرة التشريعات وتغيير الأنظمة، مما قد يعرضهم الى تاخير في فترة استحقاقهم للقروض السكنية حسب المنهجية المتبعة من قبل صندوق التنمية العقاري من عقود طويلة من الزمن. يبدو انه من الواضح جليا ان المبادرات الفردية لن تأتي بالثمار المرجوة، فزيادة مبلغ القرض السكني وبناء الوحدات السكنية في بعض المناطق من قبل وزارة الإسكان وغيرها، لم تأت بالنتائج المطلوبة، وبالتالي اقترح على الوزارة ان تحرر نفسها من الضغوط وان تعمل على وضع استراتيجية واضحة وآليات عمل مؤسساتية تعتمد على الشفافية والعدالة وتشخيص الواقع المستند الى احتياجات المجتمع السعودي للمسكن وذلك بالشراكة مع الجهات المختصة ذات العلاقة، ولا اعتقد ان ذلك صعب، حيث لدى الكثير من الدول تجارب سابقة ناجحة ممكن الاستفادة منها قدر الإمكان وان نبتعد عن اعادة اختراع العجلة قدر الإمكان.