إذا كان الاقتصاديون في سيتي جروب على حق، فإن العالم يخاطر بالانزلاق إلى ركود عالمي. لذلك هناك الكثير من الحديث عن حاجة مجلس الاحتياطي الفدرالي لمقاومة إغراء رفع أسعار الفائدة، وأن يفكر في إدخال حتى برامج أخرى من التيسير الكمي. البنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان يتعرضان لضغوط مماثلة لزيادة برامج التيسير الكمي لديهما. ولكن إذا لم تنجح عملية خفض أسعار الفائدة أكثر من 600 مرة منذ إفلاس بنك ليمان براذرز في 2008، ربما سيكون قيام مسؤولي البنوك المركزية بإسقاط المزيد من الأموال في الاقتصاد من الطائرات المروحية هو الحل الخاطئ. ربما يحتاج العالم إلى أقل من ميلتون فريدمان والمزيد من جون ماينارد كينز. تظهر محاضر آخر اجتماع حول السياسة النقدية لمجلس معظم الاحتياطي الفدرالي التي نشرت الخميس أن صناع السياسة "قرروا أنه من الحكمة أن ننتظر للحصول على معلومات إضافية تؤكد أن الآفاق الاقتصادية لم تتدهور." وقال مارك كارني محافظ بنك إنجلترا متحدثا في الاجتماع السنوي لصندوق النقد الدولي يوم الجمعة: "هذه بيئة قاسية تماما؛ يحتاج الجميع إلى الاعتراف بأنه لن تكون هناك زيادة كبيرة في الطلب من الخارج." وفقا لأندي هالدين، كبير الاقتصاديين لدى بنك إنجلترا، نحو 40% من العالم يتمتع منذ فترة بأسعار فائدة أقل من 1%، في حين أن تكاليف الاقتراض بالنسبة للثلثين هي أقل من 3%. وحتى الآن الدعوات إلى اتخاذ مزيد من إجراءات البنوك المركزية تتزايد، بمعنى أن هناك إشارات إلى الاحتياطي الفدرالي بأن يقوم بالمزيد من التسهيل الكمي. إذا لم يعمل المال المجاني على شفاء المرض الذي يعاني منه الاقتصاد حتى الآن، فإن من الصعب أن نرى ما يمكن تحقيقه إذا طبقنا المزيد من هذه الإجراءات السابقة. وليست هناك فائدة من توقع الروبوتات ونظارات الواقع الافتراضي أن تأتي للإنقاذ، لأنه كما يبدو أن التكنولوجيا الجديدة لا تدعم الإنتاجية. روبرت غوردون، أستاذ الاقتصاد في جامعة نورث وسترن (الذي يعتبر نفسه من غير المتفائلين بإمكانيات التكنولوجيا) يقول إنه إذا كان للتكنولوجيا أي أثر، فإن تحسين الإنتاجية يتلاشى لأن الأدوات والبرامج التي نستخدمها لا تختلف في الحقيقة كثيرا عما كانت متوفرة قبل عقد من الزمن: "بالنسبة للاقتصاد ككل، كان نمو الإنتاجية بنسبة 2.7% خلال الفترة 1920-1970، وبنسبة 1.6% خلال الفترة 1970-1994، وبنسبة 2.3% خلال الفترة 1994-2004 خلال ما نسميه عصر الدوت كوم، وفقط بنسبة 1.0% من عام 2004 إلى الربع الثاني من 2015. لذلك كان نمو الإنتاجية في السنوات ال 11 الماضية ليس فقط أبطأ مما كانت عليه في عهد الدوت كوم، ولكن حتى أبطأ مما كان عليه في ما يسمى فترة التباطؤ التي بدأت في أوائل السبعينيات." لذلك ربما - ربما فقط - حان الوقت للحكومة أن تتدخل لاتخاذ خطوة مع نوع ما من "الصفقة الجديدة" من ذلك النوع الذي كان يمكن أن يدعمه كينز. قدم الخبير الاقتصادي بول كروجمان، الحائز على جائوة نوبل، حجة هذا الأسبوع مفادها أنه لم تكن البنوك المركزية هي العامل الذي حال دون أن تتوسع أزمة الائتمان لتبلغ مستوى الكساد العظيم بكامل طاقته. وإنما كان العامل المهم في هذا الموضوع هو وجود "حكومة كبيرة" لها ضرائب وتنفق ما هو أكبر بكثير مما كانت عليه حال الاقتصاد في الثلاثينيات. قال كروجمان: "أود أن أجادل أن بيئة المالية العامة ربما كانت أكثر أهمية من الإجراءات النقدية في الحد من الضرر." وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، راحت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد تتغنى بفضل زيادة الاستثمار في البنية التحتية كرد فعل مالي على تباطؤ الاقتصادات: "الأبحاث التي قمنا بها مؤخرا تظهر أنه خيار مربح لكل الأطراف بالنسبة للاقتصاد. إنه اختيار رابح على المدى القصير لأنه سيدعم بشكل واضح نشاط النمو عند إنشاء الطرق الجديدة، وعند صيانة البنية التحتية القائمة. لقد تم وضع الناس في العمل (لزيادة) النشاط على المدى القصير، وهو ما يعمل أيضا على تحسين متوسط الآفاق على المدى الطويل للنمو." لاحظ أن الموضوع لا يدور حول دفع الناس لحفر الحفر وملئها مرة أخرى؛ بدلا من ذلك، هي دعوة لتلك البلدان، التي تستطيع أن تكون مستريحة نوعا ما حول إنفاق أموال الحكومة، أن تعترف أنه حيث إن البنوك المركزية الآن تقوم بإطلاق الرصاص الفارغ، فإن الاستثمار في مستقبل البنية التحتية يمكن أن يكون له معنى على الأجل القصير والطويل على حد سواء. قبل بضع سنوات، الرئيس التنفيذي لواحدة من أكبر شركات البناء في العالم قال لي إنه عندما تقوم شركته بتسعير العقود في الولاياتالمتحدة، فإنها لا تستخدم ذلك النموذج الذي بني للاقتصادات المتقدمة، وهو نموذج يعطي بعض التقديرات حول الخدمات اللوجستية المحيطة بالمشروع. بدلا من ذلك، تستخدم الشركة نماذج الأسواق الناشئة، التي تفترض أن كل شيء سيكون أكثر تعطلا وتفككا مما يبدو للوهلة الأولى، وتفترض أن البناء سيستغرق فترة أطول ويكون أكثر صعوبة. وفي مقال له في بلومبيرج، كتب السيناتور الأمريكي توم كاربر عن البنية التحتية الولاياتالمتحدة ما يلي: "الطرق العادية والطرق السريعة والجسور وشبكات النقل التي لدينا هي في حالة فظيعة في أجزاء كثيرة من الولاياتالمتحدة، وتزداد سوءا. الأشغال العامة لدينا هي في حالة يرثى لها إلى حد كبير لأن صندوق اتئمان الطرق السريعة لدينا، الذي يساعد على دفع تكاليف أنظمة النقل، قد تم تعطيله منذ عام 2008." يبدو أن حكومة المملكة المتحدة أدركت وجود الفرصة. استحدثت لتوها لجنة جديدة للبنية التحتية الوطنية التي من شأنها تقديم المشورة للحكومة في المشاريع الجديدة مثل مشروع كروسريل 2، الذي سيُشغِّل القطارات من لندن إلى الجنوب الشرقي من البلاد، إلى جانب وصلة السكك الحديدية عالية السرعة الثالثة لتوصيل المدن في شمال إنجلترا.