أن تخلف جيلا يضم بين صفوفه العديد من العمالقة، فذلك يثقل كاهلك بإرث كبير، ويزيد الصعوبة امامك، ولكن دائما ما تحضر الحالات الاستثنائية في عالم الرياضة بالذات، وهو ما ينطبق على نجم المنتخب البحريني الأول لكرة الطائرة جاسم يوسف النبهان، الذي بدأ مسيرته في اللعبة خلال الموسم (1994 - 1995)، وهو في العاشرة من عمره، ونجح في التألق بامتياز بعد جيل رائع لكرة الطائرة البحرينية تحت قيادة اللاعب الفذ رضا علي. ولفت النبهان الأنظار سريعا الى امكانياته الفنية في احدى البطولات التنشيطية، فقام مدرب البطولة حينها احمد المرباطي باستدعائه للتدريب بشكل انفرادي، وتطويره من النواحي المهارية واللياقية، بالإضافة الى تعليمه خطوات الضربات الساحقة على الشبك وحائط الصد ومهارة الدفاع والاستقبال وضرب الإرسال الساحق الذي برز بإتقانه الكبير له فيما بعد. وفي سن ال (13)، حقق النبهان بطولتي الدوري والكأس مع ناشئي المحرق، ليختاره الاتحاد البحريني من أجل التطبيق عليه خلال تمارين دورة للمعدين، التي شارك فيها العديد من اللاعبين المميزين، ومن ضمنهم الهولندي "جورني"، الذي حذر الاتحاد البحريني من التفريط فيه، ونصحهم بالعمل الجاد على صقل موهبته. وفي نفس العام، قام الاتحاد البحريني بدعوة الخبير الهولندي "كريجينس" من أجل اختيار أعضاء منتخب شباب البحرين لكرة الطائرة، فكانت المفاجأة وجود اسم النبهان ضمن الاسماء المختارة رغم صغر سنه، حيث اشار كريجينس إلى أنه سمع الكثير عن النبهان من مواطنه جروني، الذي اخبره عن مهاراته المميزة وامكانياته العالية. موهبة النبهان لم تكن بحاجة للكثير من الوقت حتى تفرض وجودها وهي في سن ال (14)، فتواجد اسمه سريعا على خارطة الفريق الأول لكرة الطائرة، الذي نجح في تحقيق لقبي الدوري الممتاز وكأس ولي العهد لعامين متتاليين. التميز الكبير للنبهان قاده لتمثيل منتخب ناشئي البحرين لكرة الطائرة في البطولة العربية، التي حقق فيها جائزة أفضل ضارب في البطولة بعد حصول المنتخب البحريني على المركز الثاني. بعد ذلك، نال جاسم النبهان العديد من البطولات والالقاب الفردية على مستوى الفئات السنية، وبالخصوص فيما يتعلق بالبطولات الخليجية، لكنه حرم وبكل غرابة من الحصول على جائزة أفضل ضارب في البطولة الآسيوية العاشرة للشباب بإيران في العام (2000)م، وذلك بعدما فضلت اللجنة المنظمة اعطاء الجائزة لاحد لاعبي الفرق التي وصلت للدور نصف النهائي. ولم يحبط ذلك النبهان، فعاد أكثر قوة خلال البطولة الخليجية السابعة عشرة للشباب التي أقيمت في نفس العام بالعاصمة العمانية مسقط، ونجح من خلالها في الحصول على جائزتي أفضل لاعب وضارب، ليثبت بأن موهبته الكبيرة لا يمكن أن تحطم بسبب حرمانه من أحد الالقاب الفردية المستحقة. وفي العام (2001)م، اختير النبهان للعب ضمن منتخب الخليج في بطولة راشد الدولية، وتمكن فيها من الحصول على جائزة أفضل "مرسل ساحق"، في ظل مشاركة منتخبات قوية في لعبة كرة الطائرة كتونس واوكرانيا والهند واستراليا والامارات. وبعد تألق استمر لمدة (5) أعوام، خاض النبهان تجربته الاحترافية الأولى خارج البحرين، حينما لعب لنادي العربي الكويتي، الذي مثل الانطلاقة الحقيقية للنبهان نحو تجارب احترافية مميزة جدا، ومن أبرزها (3) محطات اوروبية، حيث كانت البداية في القارة العجوز عن طريق نادي أثنوكس اليوناني في العام (2010)م. بعدها بعام فقط، كانت الأضواء مسلطة بشكل كبير على النبهان الذي قدم مستويات مبهرة في الدوري اليوناني، شجعت العديد من الأندية الاوروبية على التعاقد معه، لكن العرض الأقوى جاء من نادي "نوفا بالافولو مولفيتا" الايطالي، الذي نجح في انهاء الصفقة سريعا، مما قاد النبهان إلى اللعب في احد اقوى الدوريات العالمية على الاطلاق بعد تجربة قصيرة مع كاظمة الكويتي. ومواصلة لتجاربه الاحترافية الفريدة، وافق النبهان على عرض نادي ألميريا الاسباني المغري، الذي رفض الطرفان الافصاح عن قيمته المادية، ليخوض تجربة مميزة جدا اختتمها بالتتويج بلقب الدوري الاسباني في العام (2013)م. بعد ذلك، عاد النبهان للاحتراف خليجيا عبر بوابة نادي الجزيرة الاماراتي، ليستمر في رحلة التألق والتميز، صانعا له اسما لا يمكن أن ينسى من ذاكرة كرة الطائرة الخليجية والعربية. وفي العام الحالي، عاد النبهان لصفوف المنتخب البحريني بعد غياب استمر لمدة موسم واحد، ليثبت بأنه ذهب لا يصدأ، فها هو يقود المنتخب البحريني بتميزه الفني وخبرته الكبيرة إلى تصدر منافسات كرة الطائرة بدورة الألعاب الخليجية الثانية التي تقام حاليا بالدمام، واذا ما تمكن من قيادة فريقه للفوز على المنتخب العماني مساء اليوم الأحد، فسوف يضيف لقبا جديدا إلى خزينة ألقابه المليئة بالإنجازات المحلية والخليجية والعربية، وكذلك العالمية. المنتخب البحريني المشارك في دورة الألعاب الخليجية بالدمام