مع تساقط خلايا الارهاب واحدة تلو الاخرى.. وتواصل ضربات الامن الاستباقية لمعاقل وأوكار الفكر الضال والفئة المنحرفة وآخرها الخلية العنقودية بالرياض والدمام وإجهاض تنفيذ عمليات ارهابية وشيكة.. ظهرت على السطح دعوات تطالب بتعزيز الامن الفكري وتحصين المجتمع وخاصة فئة الشباب بخطورة تلك الافكار لحمايتهم من الوقوع في براثن تلك الجماعات المنحرفة سواء بالداخل أو الخارج. «اليوم» طرحت القضية على عدد من الأكاديميين المتخصصين في التاريخ وكذا طلاب الجامعات ومجموعة من مسؤولي الجمعيات الخيرية لرصد مفهومهم حول الإرهاب ورؤيتهم لسبل تعزيز الأمن الفكري في المجتمع حتى يمكن القضاء نهائيا على تلك الظاهرة الدخيلة على مجتمعنا. رؤية واضحة في البداية يرى أستاذ التاريخ المشارك بكلية الآداب جامعة الملك فيصل بالأحساء الدكتور علي البسام أنه يجب وضع رؤية واضحة في وزارة التعليم للتصدي للإرهاب والفكر المنحرف، ترتكز وتنطلق من تعاليم ديننا الإسلامي، كما يجب على وزارة العمل إيجاد وخلق فرص وظيفية للشباب فور تخرجهم حتى يضمنوا مصدر رزق لهم يساعدهم على الارتباط وتكوين أسرة تكون داعمة للمجتمع إضافة لضرورة زيادة الجرعات الدينية في وسائل الإعلام المختلفة بطريقة علمية تخاطب الشباب والمجتمع، بجانب ضرورة إقامة ندوات ومؤتمرات للتصدي للإرهاب. تصحيح افكار وبالنسبة لتعزيز الأمن الفكري فتقع على عاتق الدولة مسؤولية كبيرة لعقد دورات تدريبية ومحاضرات من خلال شتى الوزارات كل بحسب تخصصه وتثقيف موظفيها والعاملين بها لتعزيز الأمن الفكري، وقد دعا الملك عبدالله رحمه الله للحوار الذي يساهم في تصحيح فكر المجتمع في الاتجاه الصحيح كما على الدولة أن تكفل حرية الرأي الذي لا يتعارض مع أمن المجتمع أو المساس بمعتقداته الدينية باتخاذ منهج وسطي سليم يكون له دور في تعزيز الأمن الفكري في المجتمع. أمن أسري وتتفق معه في الرأي استاذ التاريخ الوسيط بجامعة الدمام د. سلوى السليمان، مؤكدة ان الأمن الفكري لا يأتي إلا إذا كان هناك أمن أسري واجتماعي وبعد تطبيق صحيح للشريعة الإسلامية، وهو ما يستلزم الاهتمام باقامة معاهد تدريب لبعض العلماء والمشايخ وطلبة العلم، على حسن الخلق بالبيت بالمسجد بالمدرسة بالجامعة حتى لا ينتهي بنا المطاف للخلطة الدعشاوية التي تكونت من عقلية متحجرة خالية من الثقافة ومحشوة بالفكر المتطرف والجفاء والغلظة والفظاظة. مصالح خاصة من جانبهم اتفق عدد من طلبة الجامعات حول مفهومهم لمصطلح الإرهاب والأمن الفكري، ويرى حمد ناصر الكنهل الطالب بكلية الطب في جامعة الملك سعود أن الإهارب هو التطرف في استخدام وسائل العنف ونشر الخوف للحصول على مصالح خاصة سواء أكانت سياسية أو إيدولوجية أو مادية بحتة، ونلاحظ هنا عدم حصرها في ديانة أو مذهب فكري معين لأن الإرهاب رهين التطرف حيثما حل وبالنسبة للأمن الفكري فهو جهود المجتمع سواء كان ممثلاً بالمؤسسات أو الأفراد للوقاية من الأخلاق والأفكار التي تحمل في طياتها مضامين لا تتوافق ومبادئ وقيم المجتمع. بينما تقول مرام الرويس تخصص لغة انجليزية بجامعة الدمام إن الإرهاب هو التخويف والمجاوزة في الحد والمغالاة والأمن الفكري هو التوازن في التفكير والأفكار السليمة والصحيحة. وترى جواهر مقبول تخصص دراسات إسلامية بجامعة الدمام أن الإرهاب بشكل عام هو قيام أشخاص بتهديد أمن البلد والأمن الفكري. معتقدات خاطئة وتشير أروى الخلف طالبة ادارة اعمال جامعة الامير محمد بن فهد الى ان الأمن الفكري هو غزو الفكر بمعتقدات خاطئة وتشويه الافكار الايجابية بأخرى سلبية، فالارهاب كتعريف هو منظمات تسعى للفساد، فيما تصف إشراق الروقي تخصص رياض أطفال أخطر أنواع الإرهاب بأنه الإرهاب الفكري المُمارس على الشعوب والذي حوّل واقعنا العربي إلى صمت وعدم تجدد وأصالة بالأفكار، والإرهاب الفكري ظاهرة عالمية موجودة في كل المجتمعات بنسب متفاوتة وله وجهان الاول عبارة عن انتشار أفكار هدامة تهدم العقول وتشتت تفكيرها بحيث لا يُعرف ما هو الصواب من عدمه، بينما يتمثل النوع الثاني في خوف الأفواه من النطق بأفكارها وعرضها وطرحها على المجتمع خشية الرفض أو الهجوم وخلافه. بناء الثقة وترى سارة صالح بورسيس تخصص إدارة أعمال جامعة الدمام أنه لا يوجد مفهوم واضح يكفي وتتوافر به كل المعاني اللازمة لشرح الإرهاب ووصفه، فقد تعددت التعاريف والأعمال الشنيعة على هذه الكلمة، بينما الأمن الفكري هو بناء درع واقية مشبعة بالتعزيز وبناء الثقة والوازع الديني ونشر الوعي بين أفراد المجتمع لمنع تسلل تلك السموم الى الجسد فتفسد الفكر والسلوك والأخلاق الإسلامية. دعوة عامة وفي الاطار نفسه ساهمت الجمعيات الخيرية من خلال دورها الاجتماعي في تحسين وضع الأسر التي تحتضنها وترعاها لحماية أبناء هذه الأسر من الانحراف وتعزيز الأمن الفكري لدى هذه الأسر وبينت عضو مجلس إدارة جمعية جود الخيرية النسائية بالدمام منيرة العفالق ل اليوم أن من أهداف جمعية جود النسائية الخيرية المساهمة في تنمية المجتمع وتعزيز ثقافته من خلال نشر الوعي الديني والثقافي والصحي وإقامة المحاضرات التي تمس اهتمام الأسرة بشكل عام مرة كل شهر، وتتناول في كل مرة موضوعاً مختلفاً، كما حرصت على أن يكون مُلقي ومُلقية المحاضرات من ذوي الاختصاص، ولم يقتصر الجانب التوعوي ومحاضرات على النساء فقط، وإنما تعقد محاضرات لرجال وأبناء الأسر التي تكفلها الجمعية وتكون الدعوة عامة لحضور مهتمين من غير المنتمين للاسر، وأكدت حرص الجمعية على الاهتمام بوعي الاسرة في جميع جوانب الحياة، ينعكس إيجاباً على طريقة تفكير وحياة الأسرة فتكون ذات وعي وبمنأى من الانخراط فيما لا تحمد عقباه. مسؤولية مشتركة أوضح مدير عام الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام «بناء» عبدالله راشد الخالدي أن الأمن الفكري مسؤولية مشتركة فالمحافظة على النشء من الانجراف وراء الأفكار الهدامة يبدأ من الأسرة في المقام الاول ومن ثم المدرسة وكذلك المجتمع بشكل عام ويأتي دور الجمعية في التكامل مع هذه الجهات والتي تسمى وسائط التنشئة الاجتماعية «الأسرة والمسجد والمدرسة» وبذلك تسعى الجمعية ليكون لها دور فاعل مع الأسرة ومع المدرسة في تعزيز الأمن الفكري لدى الأيتام وأسرهم وأنها مسؤولية مشتركة للحفاظ على هوية المجتمع وثوابته. دورات ومعارف وأشار الخالدي الى اسهام جمعية رعاية الأيتام بالمنطقة الشرقية «بناء» في ترسيخ المفاهيم الصحيحة في نفوس الأيتام من خلال ما نقدمه لهم من دورات تدريبية ومعارف في جميع المجالات لتنمي فيهم روح الانتماء الوطني وقد قدمت الجمعية خلال الفترة الماضية العديد من الدورات وورش العمل من خلال مبادرة أرامكو لرعاية الأيتام وتخللها الكثير من البرامج والأنشطة التي تدعم هذا الجانب وتحقق الأهداف التي نسعى لها جميعاً في جعل الأيتام أفراداً صالحين يساهمون في بناء المجتمع وتنميته، علاوة على مشاركة الأيتام في المناسبات الوطنية كاليوم الوطني وما شابه ذلك لتعزيز روح الانتماء والوطنية في نفوسهم وحماية عقولهم من الغزو الفكري والانحراف الثقافي ومحافظتهم على المكتسبات والوقوف بحزم ضد كل ما يؤدي إلى الإخلال بالأمن الوطني. تمكين الأيتام كما تقوم الجمعية بجانب ما تقدمه من خدمات الغذاء والكساء والمصروف النقدي والمساهمة في توفير احتياجاتهم من الأثاث والأجهزة الكهربائية ومساعدات الإيجار للمسكن، تتولى تدريب وتنمية مهارات الأرامل في التعامل مع الأبناء وأساليب التربية الحديثة بهدف بناء الشخصية المتكاملة لليتيم وتعزيز الترابط الأسري واحتواء الأبناء وتعزيز قدرة الأرملة على التربية الصالحة للأبناء والوقاية من الانحراف وإقامة البرامج والأنشطة والرحلات والزيارات التي تساهم في تنمية مواهب الأبناء وتعزيز ولائهم وانتمائهم لوطنهم واستثمار طاقاتهم فيما يعود عليهم بالنفع والفائدة وإقامة برامج ودورات تدريبية في تنمية الذات ومهارات التواصل والتكيف الاجتماعي والإبداع والابتكار بهدف تعزيز تكيفه مع واقعه الاجتماعي ومع أسرته ومجتمعه وتمكين الأيتام واليتيمات في مجالات التوظيف بعد إعدادهم من خلال برامج تدريب وتأهيل تتناسب مع تطلعاتهم وتتواءم مع احتياجات سوق العمل، وحث الأرامل على الالتحاق ببرامج محو الأمية ودعمهن مادياً ومعنوياً إيماناً من الجمعية بأن التعليم ومكافحة الجهل هو السبيل الأمثل لمعالجة الفقر ومكافحة الإرهاب. مهارات فكرية وأكدت رئيسة جمعية ود الخيرية للتكافل والتنمية الأسرية نعيمة الزامل ل «اليوم» أن من أهم الطرق التنموية بجمعية «ود» التنمية الفكرية لدى الأسر وأهم عمود في الأسرة هو المرأة، مشيرة إلى أن التعليم هو المفتاح الأول للتنمية الفكرية من خلال محو الأمية بقدر المستطاع في تعليم الكبيرات والذي تشرف عليه وزارة التعليم. وأشارت الزامل لقيام الجمعية بعقد المحاضرات التنموية لتوعية المستفيدات بحقوقها المجتمعية والأسرية واصول التربية في أسرتها وعمل ورش تطويرية لمعرفة شخصيتها والمهارات الموجودة لديها كالمهارات الحرفية.. والمهارات الفكرية والتربوية والاقتصادية ثم السعي لكيفية الاستفادة منها وتطويرها مبينة ان الجمعية كونت مجموعة من أهل الرأي عبارة عن مجموعة سيدات من «الثقبة والبايونية والإسكان والخبر الجنوبية» تناقش وتدرس المشاكل وإيجاد الحلول والعمل لتنفيذ هذه الحلول ونجدها في كثير من الأحيان امرأة مبدعة. وأشارت الزامل الى العمل على اقامة ملتقى للفتيات يستهدف حثهن في سن مبكرة على التطوير الفكري والقيام بورش تطويرية ووضع بعض الخطط لحل بعض المشاكل لدى الفتيات أنفسهن مما يؤدي إلى تطويرها مستقبلاً. المحاضرات والدورات وسيلة فاعلة لتبصير الشباب ضربات أمنية استباقية لأوكار خلايا الإرهاب تجفيف منابع تسليح وتمويل الجماعات الضالة