العانس كما نعرفها عموماً البنت البالغة التي لم تتزوج أو الرجل الذي لم يتزوج، فاللفظ على المرأة والرجل؛ وهذه ملاحظة جديرة بالاهتمام. وبالرغم من الكم الهائل من الموروث الديني والثقافي الذي يعمل على منع ظهور ظاهرة العنوسة؛ إلا أن انتشارها في مجتمعاتنا العربية أصبح يشكل مشكلة كبيرة، ويحقق أزمة ضخمة يصعب حلها بسبب عادات عقلية غريبة، وشروطاً شكلية كثيرة... الخ، وتبقى نظرة المجتمع التي لا ترحم لكل من تقدم بها السن دون أن تتزوج مع أن العنوسة مشكلة اجتماعية تخص الرجال والنساء. لماذا تُحمل المرأة مسؤولية العنوسة وتفاقمها باعتبارها سلعة رائجة لفترة معينة ثم تصبح منتهية الصلاحية؛ أما الرجل "فلم يأت نصيبه" تلك المقولة التي تتردد على أفواهنا في المجتمع العربي وأخرى "رجل لا يعيبه شيء" يتزوج متى سنحت له الفرصة وأراد ذلك. وقد قدرت دراسة حديثة في المملكة أن نسبة العنوسة وصلت إلى 4 ملايين فتاة عام 2014م مقارنة ب 1.5 مليون فتاة عام 2010م، ولم يتطرق الباحث للعنوسة الرجالية بالرغم من أن نسبة كبيرة من الرجال يعانون هذه الظاهرة، فنسبة الذكور غير المتزوجين في لبنان ما بين 25-30 سنة تبلغ 95%، والإناث 85% وهي الأولى على مستوى الدول العربية في ارتفاع نسبة العنوسة، يليها الإمارات العربية المتحدة 75%، ثم العراق وسوريا 70%، تونس 62%، الجزائر 51%، والسعودية والأردن 45% من مجموع الفتيات في سن الزواج عام 2014م..... الخ، أرقام تدل على تفشي ظاهرة خطيرة على مستوى الوطن العربي لا بد من الالتفات إليها لتداركها ومعالجة أسبابها كيلا نقع بسلبياتها وتأثيراتها الاجتماعية والنفسية والأخلاقية على المجتمع بأكمله. مسكينة فتاة العرب!! منذ نعومة أظافرها وهي تحلم باليوم الذي ترتدي به ثوب الزفاف الأبيض، وتتوج ملكة لمملكة الحب في منزل الزوجية الذي تدخله طائعة مختارة، تحلم بحياة سعيدة هانئة في ظل زوج رسمته في خيالها. لكن الحلم بيوم الزواج قد يتأخر، والأمل في حياة زوجية سعيدة قد يطول انتظاره، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل الأهل مسؤولون عن أغلبها، وجهل الفتاة بمصلحتها له باع من عنوستها. ونذكر من هذه العوامل على سبيل المثال لا الحصر: اختيار الزوج وفق معايير الاصل والفصل، والحسب والنسب، والمستوى المعيشي للأسرة، ودخل الزوج وما يملكه من أموال، ومركزه الاجتماعي والعائلي، وتعليمه، ناهيك عن ملحه وملامحه وتصرفاته وشكله الخارجي وسيارته..... الخ. ومن تلك الأسباب نخرج بنتيجة مفادها أن العنوسة نوعان: العنوسة القصرية التي لا دخل للشباب بها وإنما يحُمل ذنبها للأسرة، والعنوسة الاختيارية الناتجة عن أفكار الشباب ونفورهم من فكرة الارتباط لأسباب عدة يطول شرحها والوقوف عليها، ولكن أود أن أذكر جميع الأطراف أن ترك الزواج عن عمد مكروه شرعاً وليس من الدين، فالله خلق الرجل للمرأة والمرأة للرجل، ونظم العلاقة بينهما عن طريق الزواج لتضمن عفتهما وكرامتهما، وللأسرة والمجتمع أقول اتقوا الله في أبنائكم فهم أمانة في أعناقكم حافظوا عليها لقول الرسول عليه السلام: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير).