يتطلع معظم الشركات البتروكيماوية للاستثمار بانشاء مجمعات صناعية على الأراضى الامريكية مستغلة توافر اللقيم بأسعار منافسة بسبب النهضة بانتاج الغاز الصخرى وسوائل الغاز المستخرجة من المصادر الصخرية. وتنتج أمريكا حالياً كميات كبيرة من اللقيم يزيد على حاجتها ما أسفر عن انهيار أسعارها، الأمر الذى جذب الشركات من مختلف أنحاء العالم الى الاستثمار في أمريكا. وتتوقع الدراسات المختصة ان تسفر هذه النهضة في الصناعات البتروكيماوية في أمريكا من ارتفاع قيمة تصديرها للمواد البتروكيماوية من 60 مليار دولار في عام 2014م الى حوالي 120 مليار دولار بحلول عام 2030م، بالإعلان عن قيام حوالي 220 مشروعا لها علاقة بالاستفادة من الغازات الصخرية وسوائلها، وهذا عكس حال أوروبا التى لا تشهد أي نمو يذكر. وخلال السنوات الخمس الماضية قدم معظم الشركات الكبيرة ذات العلاقة الى أمريكا كل حسب حاجته، وعلى سبيل المثال: تستثمر الشركات الصينية مليارات الدولارات لانتاج الميثانول في أمريكا ومن ثم شحنه الى الصين. وأعلنت شركة يارا النرويجية عن موافقتها لبناء مجمع ضخم في تكساس لانتاج الاسمدة بالشراكة مع شركة باسف مستفيدين من رخص لقيم الغاز الطبيعى الذي وصل الى حوالي 2 دولار للمليون وحدة حرارية مقارنة بحوالى 6- 8 دولارات في أوروبا. وأعلنت أيضاً شركة براسكيم البرازيلية عن نيتها الدخول في شراكة لانشاء مصنع لانتاج الايثيلين في غرب فرجينيا. كما بدأت مجموعة اينيوس السويسرية استيراد لقيم الايثان الى مجمعاتها الصناعية في أوروبا وستحذو حذوها شركة سابك أوروبا لوحدتها من الايثلين في بريطانيا في العام المقبل. وفي نفس السياق، فقد أعلنت شركة باسف الالمانية وهى أكبر شركة كيميائية بالعالم بأن نصف استثماراتها المستقبلية ستكون خارج القارة العجوز بسبب أسعار اللقيم والطاقة، وهي بذلك تلمح للصين والى أمريكا الشمالية. وقد أعلنت قبل فترة عن نيتها اقامة مصنع لانتاج البرويلين من لقيم الميثان الرخيص فى تكساس. الجدير بالذكر ان سعر لقيم الميثان بأمريكا أقل بثلاثة أضعاف سعره بالمانيا. أما بالنسبة لتوافر رخص لقيم الايثان في أمريكا وهو اللقيم الذهبي للصناعات البتروكيماوية فقد قامت باسف بتحويل مصنعها في تكساس لانتاج الايثيلين من لقيم النافثا الى لقيم الايثان. وفى نفس الاطار أعلنت شركة فرموزا للبتروكيماويات التايوانية عن نيتها اقامة ثانى مجمع بتروكيماوى لها في الولاياتالمتحدة. وجاء هذا الإعلان قبل أيام في مؤتمر صحفي ضم حاكم ولاية لويزيانا والرئيس التنفيذي لشركة فرموزا، ويتوقع ان يكلف الاستثمار في هذا المشروع حوالي 9.5 مليار دولار. وسيحتوي على مصنع لتكسير الايثان ووحدات لتحويل الايثيلين المنتج الى بلاستيك ومواد كيميائية مختلفة. وسينتهي العمل بهذا المشروع بحلول عام 2020م، وتخطط الشركة لان تقيم المرحلة الثانية لهذا المشروع في عام 2022م. الجدير بالذكر ان شركة فرموزا للبلاستيك تبني حالياً مجمعاً كبيراً لانتاج حوالي 1.1 مليون طن سنوياً من الايثيلين الذى سيتم تحويله الى بلاستيك في تكساس. وهذا يدل على ان فرموزا تخطط لانتاج حوالي 2.2 مليون طن من الايثيلين بحلول عام 2020م، وبهذا تكون شركة فرموزا قد خططت لوضع معظم استثماراتها المستقبلية في الغاز الصخري الأمريكي. وقد جاء ترتيب شركة فرموزا للبلاستيك ضمن تصنيف الشركات البتروكيماوية في المرتبة 35 عالمياً في عام 2014م. حيث وصلت قيمة مبيعاتها في تلك السنة الى حوالي 12.7 مليار دولار وبأرباح اقتربت من المليار دولار. وللمقارنة فقد جاءت فرموزا في عام 2013م في المرتبة 51 عالمياً بمبيعات تقارب 8.5 مليار دولار. ويبدو واضحاً أثر التخطيط الاستراتيجي الصحيح على الشركة التي قفزت مبيعاتها بحوالي 50% خلال عام وقفزت بالترتيب العالمي عشرين مرتبة في سنة واحدة فقط رغم حاجتها الماسة للقيم ما أجبرها على الذهاب الى أمريكا لاقتناص الفرص التى لا تعوض. لا شك في ان الايثيلين هو الركيزة الأساسية لصناعة البتروكيماويات في العالم أجمع، وسوف ينمو استهلاك العالم للايثيلين بحوالي 6 ملايين طن سنوياً حسب (IHS). وبذلك يتوقع ان يصل الطلب العالمي على الايثيلين الى حوالي 180 مليون طن في عام 2020م أي ان الانتاج العالمي يجب ان يرتفع بحوالي 40 مليون طن بحلول 2020م. وسيكون معظم هذه الزيادة (70%) من نصيب الصين ودول الخليج العربي، أما الباقي فسيكون من نصيب أمريكا الشمالية. وحسب آخر المصادر يبدو ان القدرة الانتاجية الاضافية لامريكا تقترب من 12.5 مليون طن سنوياً من الايثيلين بحلول 2020م. يذكر ان الطاقة العالمية الحالية لانتاج الايثيلين 143 مليون طن سنوياً، أما القدرة الانتاجية الامريكية الحالية فهي 28،1 مليون وهي أكبر قدرة في العالم تليها كل من الصين (13،6 مليون طن) والمملكة (13،1مليون طن). وبهذه التطورات المتلاحقة على الساحة الامريكية، ستصل قدرة أمريكا لانتاج الايثيلين الى حوالي 40 مليون طن بحلول 2020م. ويمكن القول: إن الخطط المعلنة الى الآن لصناعة البتروكيماويات في أمريكا ستغير هذه الصناعة والى الأبد. لكن من غير المفهوم عدم وجود أية شركة بتروكيماوية خليجية واحدة ضمن الشركات العالمية التى اتخذت خطوات جادة للاستثمار في أمريكا.