سأل مايكل ماكي، زميلي في بلومبيرج، سؤالاً جيداً حقاً، خلال المؤتمر الصحفي الذي عقدته جانيت ييلين: إذا كانت اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة تتوقع تضخما دون المستوى المستهدف لسنوات، لماذا يعتقد معظم أعضائها بأن هنالك حاجة للدعوة إلى حدوث ارتفاع في أسعار الفائدة قبل نهاية هذا العام؟ كان العنوان الرئيسي للبيان هو أن أسعار الفائدة باقية عند مستوى الصفر في الوقت الراهن. لكن من بين المواد التي صدرت مع الإعلان، هناك ما يسمى «نقاط البيانات الإحصائية» التي تعرض «حكم كل عضو في اللجنة لنقطة الوسط الخاصة بنطاق الهدف المناسب لسعر الفائدة التي يتقاضاها الاحتياطي الفدرالي على ودائع البنوك لديه. هذا يبين بأن 13 من أصل 17 من المشاركين يتوقعون أن تكون هناك أسباب موجبة لأول ارتفاع في أسعار الفائدة قبل نهاية هذا العام. بالانتقال إلى صفحة أخرى من توقعات اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة، يمكنك رؤية أن التضخم المتوقع لا يزال أقل من السعر المستهدف البالغ 2% لمدة ثلاث سنوات أخرى - ويصل في نهاية المطاف إلى 2% في نهاية عام 2018. في ظاهر الأمر، حتى لو قبلنا يحدوث تأخر في السياسة النقدية، فإن احتمال مرور ثلاث سنوات من التضخم دون المستوى المستهدف لا يعني أن من المناسب فرض زيادة في أسعار الفائدة بحلول شهر ديسمبر من هذا العام. لهذا السبب سأل ماكي سؤاله. ما لم أكن مخطئا، كان ذلك هو السؤال الوحيد خلال المؤتمر الصحفي الذي جعل ييلين تتوقف لتفكر. أما إجابتها، المعقولة بما فيه الكفاية، فقد أكدت على الفارق بين التغييرات في أسعار الفائدة والتأثير على التضخم. قالت ييلين ما يلي: «بالتالي، إذا استطعنا الحفاظ على سياسات نقدية ملائمة بشكل كبير لفترة طويلة جدا من الآن، وكان أداء الاقتصاد كما نتوقع، بمعنى أن يكون قويا والمخاطر الموجودة هناك لا تتحقق، فإن مصدر قلقي هو أنه سيكون لدينا المزيد من التشديد في أسواق العمل تفوق ما نراه في تلك التوقعات، وربما ستكون التأخيرات بطيئة، لكن في النهاية سوف نجد أنفسنا أمام اندفاع لا يستهان به في هدف التضخم لدينا ومن ثم سنكون مرغمين على اتباع سياسة تقوم على إحداث التوازن الدقيق بين معدل البطالة والتضخم. وسنكون بذلك قد دفعنا الاقتصاد مسافة بعيدة بحيث يصبح متسارعا للغاية. في هذه الحالة سوف ينبغي علينا تشديد السياسة النقدية بشكل مفاجئ أكثر مما نرغب. وبدلا من أن يكون لدينا تحسن مضطرد بطيء في نمو سوق العمل واستمرار التحسن في الأداء الجيد لسوق العمل، لا أعتقد أنها سياسة نقوم بتطبيقها الآن ثم بعد ذلك نستخدم الفرمل ونخاطر بحدوث انكماش في الاقتصاد.» بعبارة أخرى، من الأفضل أن نكون حذرين. حيث إن تأخير أول زيادة لأسعار الفائدة لفترة أطول من اللازم قد يرغم الاحتياطي الفدرالي على المسارعة في رفع معدلات أسعار الفائدة بصورة حادة في وقت لاحق، وهذا قد يزعزع حالة الانتعاش. هذا صحيح بما فيه الكفاية — مع ذلك تظل نقطة ماكي قائمة. تشير ييلين إلى الحفاظ على «سياسة نقدية ملائمة جدا لفترة طويلة جدا». تلك ليست هي القضية. السؤال هو فيما إذا كان احتمال مرور ثلاث سنوات من التضخم دون المستوى المستهدف يدعم الحاجة إلى زيادة في أسعار الفائدة خلال الأشهر القليلة المقبلة. قد يبدو هذا خطأ أكثر من كونه حذرا. في الواقع، يبدو أن ما يقوله هو أن التضخم بنسبة 2% يعد سقفا يجب عدم اختراقه وليس هدفا يمكن اختراقه في بعض الأحيان. تم توجيه السؤال إلى ييلين حول ذلك الموضوع أيضا، وقالت: إنه كان هدفا بالتأكيد. وقالت: لو كان سقفا، «فسيكون عليك انتهاج سياسة تعمل على إبقاء معدل التضخم أقل من 2%. وهذه ليست سياستنا». أليس كذلك؟ قد لا تعرف ذلك من مجرد النظر إلى التوقعات. إن التضخم دون المستوى المستهدف ليس فقط ما حققه الاحتياطي الفدرالي، سنة بعد سنة، وإنما أيضا ما يعتزم القيام به وإنجازه حتى نهاية عام 2018. إذا كان الاحتياطي الفدرالي لا يريد نشر توقعات تبين ارتفاع التضخم أعلى من 2%، ربما ينبغي عليه الاعتراف بأن هدفه هو بالفعل السقف أو الحد الأقصى. ومن ثم، بقيامه بذلك، ربما سينبغي عليه رفع السقف إلى 3%.