مع ازدياد موجات العنف التي تنسب إلى الإسلام، ظهرت حالة من الإرهاب عرفت باسم «الإسلاموفوبيا»، وأصبح ذلك مفهوماً مشاعاً ومتداولاً كما تعلمون في وسائل الإعلام العالمية والدراسات وحتى في لغة التواصل الاجتماعي، وهو الأمر الذي جعل الإسلام عند البعض مرادفاً للإرهاب، ولهذا أثار قبل أيام إعلان لسلسلة شركات أزياء عالمية أمريكية ردود فعل متضاربة؛ بسبب ظهور فتاة ترتدي حجاباً ونظارة شمسية وملابس فضفاضة، فمن المتعارف عليه أن الدعايات لم تكن في يوم من الأيام إلّا للمرأة ذات الشعر الذهبي المموج، التي كلما قلّت عدد القطع التي ترتديها وقصر طولها جذبت الأنظار، ولفتت الرقاب وثبّتت السلعة في أذهان المتلقي. ورغم أن ظهور الفتاة المحجّبة لم يتجاوز الثانيتين ضمن عدّة وجوهٍ مختلفة إلّا أن هذه اللقطة تحديداً أثارت أيضاً اهتمام وآراء روّاد وسائل التواصل الاجتماعي حول سبب اختيارها. فمنهم من اعتقد أن الاعلان ليس إلا حالة من التنوّع واختلاف العملاء والزبائن والمستهلكين المرتادين لكل خطوط الموضة، بينما اعتقد البعض الآخر أن للإعلان بعدًا اجتماعياً أكبر من ذلك يعتمد على اعتداد بقيمة العدالة والخير واحترام معتقدات الآخر. بينما اعتمدت فكرة هذا الإعلان الرئيسة -حسب الشركة المنتجة- على التأكيد بأنه لا توجد قاعدة ثابتة في عالم الموضة الواسع. لم يكن في الحقيقة هذا هو الإعلان الأول الذي ظهرت فيه فتاة ترتدي حجاباً، فقبل ذلك بشهور قليلة بثّت إحدى شركات السيارات على صفحتها الرسمية على "اليوتيوب" لقطات من الشرق والغرب وكأنهما اجتمعا على نوع السيارة الجديدة، وتضمّن وجود ذلك سيدة بعباءة سوداء، فيما تسبب هذا بظهور عاصفة هجوم اتهموا فيها الشركة بأنها تريد خطب ودّ البيئة الخليجية، لأنها تعتبر من أكبر الأسواق استهلاكاً للسيارات في العالم. مهما كانت الأسباب حول الاستعانة بفتيات يرتدين الحجاب ويتّسمن بالاحتشام في الدعاية لشركات أجنبية، فأظن أن ذلك يساهم ويساعد الشعوب في القبول بالتنوّع الثقافي والاقرار به عبر استعمال الإعلام وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات بشكل خاص، وهذا ربما ما جعلني أربط هذا الحدث الصغير على شاشة اليوتيوب من مجرد إعلان إلى هدف أكبر تطمح إليه وتعزّزه برامج الحوار بين الأديان وتقبل الآخر في عالم يتزايد فيه ربط الصراعات بالانتماء الديني.