في دراسة جار العمل على إعدادها حول «تقييم قدرة الاقتصاد السعودي على خلق فرص عمل لائقة ومستدامة للمواطنين»، أظهرت خمسة عوامل تُمثل الخلل في سوق العمل السعودي أبرزها ضخامة أعداد المشتغلين الوافدين، وارتفاع نسبة أعداد السعوديين الذين هم خارج قوة العمل. وبينت الدراسة أنه من ضمن تلك الجوانب، تواضع المستوى التعليمي ومستوى التدريب والمهارات لدى نسبة عالية من العمالة الوافدة، إضافة إلى التباينات الحادة في معدلات الدخل وبيئة العمل، وتمركز العمالة في المدن الرئيسة الثلاث الرياض، جدة، والدمام. وتهدف الدراسة إلى الإجابة على السؤال الأهم الذي تريد الدراسة الإجابة عليه، وهو كيف يمكن استغلال قدرات الاقتصاد الوطني الظاهرة والكامنة في خلق فرص عمل ملائمة ومستدامة للسعوديين، ومعالجة الخلل الذي يعاني منه سوق العمل والذي يستوعب نحو 8 ملايين عامل وافد، بينما يشكو الآلاف من المواطنين من البطالة، وتقترح الدراسة رؤية استراتيجية متضمنة لعدد من السياسات الاقتصادية والمبادرات لتوليد فرص عمل للمواطنين. ورصدت حلقة نقاش نظمها منتدى الرياض الاقتصادي البارحة الأولى، في الحلقة الثالثة والأخيرة التي عقدها المنتدى في الرياض عمل مناقشات معمقة عن الدراسة في إطار التحضير للدورة السابعة للمنتدى الذي سيعقد مطلع ديسمبر المقبل، تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وبمشاركة مجموعة من الخبراء الاقتصاديين والمسؤولين الحكوميين ورجال وسيدات الأعمال. واستقرأت الحلقة قدرة الاقتصاد الوطني على إنتاج فرص عمل للمواطنين، من خلال أسلوب المحاكاة الرياضية، فتوقعت أن تبلغ قوة عمل السعوديين 7.7 مليون عامل عام 2020م، مع قدرة الاقتصاد السعودي على إنتاج 2.1 مليون وظيفة مناسبة جديدة للسعوديين، فيما سيبلغ عدد العمالة السعودية خارج قوة العمل 8.6 مليون عامل. وبعد أن قدم الاستشاري عرضاً مرئياً تضمن شرحاً مختصراً لأهمية الدراسة وأهدافها ومنهجية إعدادها، أدار الدكتور فهد العمران رئيس الفريق المشرف على إعداد الدراسة النقاش حول الدراسة، وطالب أحد المتحدثين بأن تهتم الدراسة بتقييم وضع الاقتصاد الوطني الذي يصنف باعتباره اقتصادا ريعيا، وقال: «إن هذا النوع من الاقتصادات يعطل الإنتاج والإبداع، وهو ما يتطلب معالجة هذه الإشكالية من خلال تنويع مصادر الدخل والتوجه بقوة لتأسيس المشروعات الإنتاجية والخدمية غير التقليدية». من جهته، بين عبدالعزيز العجلان، عضو مجلس إدارة غرفة الرياض ونائب رئيس مجلس أمناء المنتدى، أنه يستوجب أن يتم البحث في الدراسة عن حل لكيفية توظيف السعوديين، وما هي الوظائف المناسبة وغير المناسبة، مؤكداً أن الاقتصاد الوطني قادر على إنتاج فرص العمل للسعوديين، ودعا لإعادة النظر في آلية إصدار التأشيرات. وطالب المهندس منصور الشثري، عضو مجلس إدارة غرفة الرياض وعضو مجلس الأمناء، بأن تركز الدراسة على الأهداف الرئيسية التي أقرت الدراسة من أجلها، ودافع عن أهمية الدور الذي تلعبه المنشآت الصغيرة والمتوسطة في توظيف العمالة الوطنية، مؤكداً أن هذا النوع من المنشآت هو الموظف الأكبر في العالم. ودعا إلى أهمية قيام الدراسة بإجراء مقارنة بين المملكة والدول المتقدمة من ناحية نسبة حملة الشهادة الجامعية بين الداخلين الجدد لسوق العمل، وكذلك نسبة من يحملون مؤهلا في التخصصات النظرية والإنسانية فيهم، كي نستطيع تحديد حجم التحدي في سوق العمل. وبين أهمية دور الدراسة في تفعيل ما وصفه بالقطاع المهمل في إشارة إلى قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وقال: «علينا أن نبحث عن استراتيجية وآليات لتحويل 1.8 مليون منشأة من الاعتماد على العمالة الوافدة الرخيصة إلى العمالة السعودية، حيث حذرت دراسات لمنظمات دولية من عدم قدرة القطاع الخاص السعودي على توليد عدد كاف فرص العمل اللائقة للسعوديين». وأضاف: «99% من المنشآت التجارية بالمملكة هي منشآت صغيرة ومتوسطة اغلبها ذات رؤوس أموال ضعيفة غير قادرة على دفع أجور لائقة للسعوديين، وبيئة عمل لا تناسبهم، وأدعو القائمين على الدراسة أن يبحثوا عن حلول واقعية ومبتكرة لهذه الإشكالية، كما أن على الدراسة أن تعمل على اقتراح وتحديد خطط لرفع إنتاجية المنشآت ومهارة العمالة الوطنية لتكون قادرة على المنافسة وامتلاك فرص العمل». وفي ذات السياق، بين إبراهيم المعيقيل رئيس صندوق تنمية الموارد البشرية «هدف»، أنه إذا كان هدف الدراسة تقييم قدرة الاقتصاد السعودي على توليد فرص عمل للمواطنين، فإن على القائمين بالدراسة الاعتماد على مصادر معلومات أكثر موثوقية من خلال الأجهزة الحكومية والجهات المعنية بسوق العمل، واستخدام الإحصاءات والأرقام الحديثة، وقال: «سوق العمل يعاني من مشاكل تدني مستوى الإنتاجية والعمالة الرخيصة غير الماهرة، معتبراً أن هذه المشاكل تمثل (هماً) أكبر من البطالة نفسها». وطالبت إحدى المشاركات بأن تتبنى الدراسة مبادرة تساعد على إيجاد فرص عمل للنساء، وتوضيح المواقع التي يمكن أن تنتج فرص عمل للنساء، كما طالبت بإصلاح ما وصفته بخلل التعامل في سوق العمل بين الرجال والنساء، مشيرة إلى صعوبات حصول سيدات الأعمال على التمويل اللازم لمشروعاتهن، وكذلك صعوبة استخراج التراخيص النظامية، بينما يجد الرجال تسهيلات أكبر. وأوضح المهندس سعد المعجل، رئيس مجلس أمناء المنتدى، في كلمة افتتح بها الحلقة أن قضية إنتاج فرص عمل للمواطنين تعد واحدة من أهم القضايا التي تحظى باهتمام بالغ من قبل حكومة خادم الحرمين الشريفين والمجتمع كله، وهذا ما يفسر اهتمام كافة أجهزة الدولة، وخصوصاً وزارة العمل بالسعي لتهيئة البيئة الخصبة أمام الموارد البشرية الوطنية لتعزيز تنافسيتها وتأهيلها لامتلاك فرص العمل المتاحة في سوق العمل. ورأى المعجل أنه رغم ما حققته جهود الدولة في هذا المجال بشراكة بناءة مع القطاع الخاص من نتائج جيدة، إلا أن الطريق لا تزال طويلة كي نحقق ما نطمح إليه، وقال: «ما زال شبابنا وفتياتنا يتطلعون إلى فرص العمل التي تحقق لهم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، كما أن الدراسة تسعى إلى التوصل لمبادرات بناءة وخلاقة قادرة على فتح الطريق لمواجهة هذه القضية».