منظر مألوف يبعث الراحة والسرور في النفوس والتفاؤل والأمل بمستقبل مشرق عندما نشاهد أطفالنا يغدون في الصباح الباكر إلى المدارس وهم يضعون حقائبهم على ظهورهم متجهين لمدارسهم لينهلوا من ينابيع العلم والمعرفة. فالحقيبة المدرسية أصبحت جزءا لا يتجزأ من شخصية الطالب، ورمزاً للعلم. ولكن هذا المشهد الجميل سرعان ما يتحول إلى مخاوف في نفوس الأهل عندما يرون أطفالهم يتذمرون من ثقل الحقيبة المدرسية التي أصبحت تمثل عبئاً كبيراً على الطفل وهي محملة بالكثير من الكتب المدرسية، ويزداد ألم الأهل ومخاوفهم عندما يتعرفون على مخاطر ثقلها على العمود الفقري للطفل. وقد حذر الباحثون وأوضح العلماء في مركز آكرون الطبي بالولايات المتحدةالأمريكية؛ أن حمل الأطفال حقائب ثقيلة لفترات طويلة أمر بالغ الخطورة، وغالباً ما يسبب آلاماً مزمنة ومشكلات طويلة الأمد في الفقرات الممتدة من الرقبة إلى أسفل الظهر. وأشار الخبراء إلى أن نسبة عالية من الأطفال يعانون آلاماً في الظهر، وأن الإصابات التي تنتج من زيادة الأحمال على الظهر ارتفعت لأكثر من الضعف في السنوات الخمس الماضية. فالكثير من الدول دقت ناقوس الخطر حول موضوع ثقل الحقيبة المدرسية، وأصبح التخفيف من ثقلها واجب ومسؤولية الجميع لما يمثله هذا الموضوع من خطر جسيم على صحة الطلاب. ولتجنب هذه الإصابات ينصح بعض الأطباء والخبراء بضرورة ألا يحمل الأطفال أكثر من 10 إلى 15 % من أوزان أجسامهم كحد أقصى، فالطالب الذي لا يزيد وزنه على 40 كيلوجراماً، يجب ألا يحمل حقيبة يزيد وزنها عن 6 كيلوجرامات، وإذا قام الطالب بالانحناء إلى الأمام فإن ذلك يعني أن الوزن يفوق قدرته على حملها مع احتمالات ترنحه وسقوطه على الأرض. وفي لقاء مع بعض الأمهات للتعرف على ملابسات موضوع ثقل الحقيبة المدرسية وتجربتهن مع أبنائهن؛ تلمسنا مدى حزنهن على معاناة أبنائهن من وزن الحقيبة المدرسية الذي قد يزيد أو يقل قليلاً عن ست كيلو جرامات حسب حجم الكتب في السبع حصص اليومية. واشتكين من أن الكتب مبالغ بها جداً؛ إذ إن للمادة الواحدة ثلاثة متطلبات: الكتاب المدرسي الذي يحوي الدروس بالواجبات والأنشطة في نهاية كل درس وفي نهاية كل فصل، وهناك كتاب النشاط الذي لا يجدي نفعاً – لتوفر الأنشطة في الكتاب المدرسي - فهو ثقل محقق على الطلاب، إضافة إلى الدفتر الخاص بالمادة، وملف المادة الذي يحوي الأنشطة الورقية والأبحاث وما إلى ذلك من متطلبات وطلبات يفرضها المدرس على الطلبة. أطفالنا أمانة في أعناقنا فلنحافظ عليها بتجنب حمل أغراض غير ضرورية بالحقيبة، مع استخدام الحقائب المزودة بحزام أمامي لتساعد في نقل جزء من ثقل الظهر إلى البطن، أو الحقائب المزودة بأحزمة وأربطة على كلا الكتفين. كما يُقترح إلغاء كتاب النشاط لعدم الحاجة إليه وإن كان ضروريا يترك في الحقيبة المساعدة والمخصصة لكل طالب في المدرسة كنشاط صفي يقوم به الأستاذ مع طلابه. والتأكيد على ضرورة تقليص حجم الكتب المنهجية التي تحوي تكرارا لمعلومات من مراحل سابقة فالعبرة بالكيف وليس بالكم.