أكد خبراء اقتصاديون بالمنطقة الشرقية أن قطاع التجزئة والجملة يعد من القطاعات الديناميكية التي يصعب على وزارة التجارة تنظيمها والسيطرة عليها، وذلك بسبب احتكاره والسيطرة عليه من قبل مافيا تجارية تستغل ظروف المستهلك ولا تطبق المعايير التجارية بعكس الشركات الأجنبية التي تقوم على أسس الإدارات الحديثة التي تسهم في تنظيم هذا القطاع. وقال الخبراء: إن قرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بفتح أسواق المملكة للشركات الأجنبية في قطاع تجارة التجزئة والجملة بملكية تصل نسبتها إلى 100% يعد قرارا نافعا للمستهلك والوطن في آن واحد، مشيرين إلى أنه لا بقاء للشركات المحتكرة في الوقت الحالي، لا يهم تأثر الوكالات والشركات الموزعة جراء هذا القرار التاريخي؛ لأن الهدف الوحيد هو خلق اقتصاد صحي وواعد يقوم على احترام المستهلك ويقدم المنتجات ذات الجودة العالية بأسعار تنافسية. دافع للتنمية وأكد رئيس اللجنة التجارية في غرفة الشرقية محمد القريان أن القرار حضي بترحيب كبير من الوسط الاقتصادي في المملكة وقال «نرحب بقرار فتح المجال للشركات الأجنبية للعمل مباشر في المملكة عبر قطاع التجزئة، وهو قرار يعتبر دافعا للتنمية ولا يؤثر على التجارة في المملكة، بل من أفضل القرارات التي تصب في صالح الوطن والمواطن؛ كونه يسهم في زيادة التنافسية ويزيد مؤهلات الكوادر السعودية عبر الاحتكاك المباشر مع الخبرات العالمية، كما يرفع من مستوى الخدمات التي تقدم للمواطنين ويضمن لهم جودة أكبر مع فرصة الحصول على أسعار أفضل. وأضاف القريان إن «هذه الخطوة سترفع التنافسية بين الشركات، ونتوقع ونتمنى أن تستهدف آليات القرار وأنظمته الشركات الكبيرة التي تقدم قيمة مضافة للبلد، كما أننا نتمنى من المسؤولين وضع أنظمة جادة وصارمة للشركات الأجنبية تحفظ لها ربحيتها وتعود بالنفع على الكوادر الوطنية وعلى اقتصاد المملكة بشكل عام، وأن لا يترك مجالا لأي ثغرات يمكن استغلالها، حتى لا يحمل المستقبل استنزافا للثروات دون فائدة». وذكر القريان أن «القرار سيسهم في تطوير أنشطة قطاع التجزئة، وسيكون له أثر كبير في التنافس ومستوى الجودة، فالمملكة فيها الكثير من رجال الأعمال والخبرات المميزة، ولديهم العديد من الأعمال والشراكات خارج المملكة، لذلك ليس غريباً عليهم خوض غمار التنافس الذي اعتادوا عليه سواء داخل المملكة او خارجها، كما أن الشركات السعودية دائما تكون في وضع الاستعداد، ومستعده لظروف السوق، ويمكنها التكيف على جميع الظروف». خدمة العملاء ووصف عضو لجنة الاستثمار والأوراق المالية بغرفة الرياض الدكتور عبدالله بن أحمد المغلوث قرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بفتح نشاط تجارة التجزئة والجملة بملكية 100٪ للشركات الأجنبية لمنتجاتها بالسعودية بالقرار التاريخي والنافع للوطن. وقال «هذا يؤكد أهمية دور المملكة في التجارة الحرة، ويساعد على زيادة النشاط التجاري وإدخال منتجات أجنبية بعلامات تجارية عالمية وتسويقها عن طريق أصحابها مباشرة وليس المسوقين (الموزعين)»، كما يساعد هذا الأمر على فتح فرص وظيفية للمواطنين السعوديين، إضافة إلى إلغاء نظام الوكيل المحتكر للسلع الهامة. وأضاف: لا شك أن هذا القرار سوف يوفر لخزينة الدولة مئات الملايين من الريالات، لأن الشركات الأجنبية سوف تدفع ضرائب بنسبة 20٪ من الأرباح، ناهيك عما تقدمه تلك الشركات من جودة في الخدمات المقدمة للعملاء تكون افضل بكثير من الشركات الموزعة، مما يعني ذلك أنه لن يكون هناك دور مستقبلي لنظام الوكالات التجارية المعمول به حاليًا. وأكد المغلوث أن حجم قطاع التجزئة يقدر بما يزيد عن 750 مليون دولار خلال السنوات العشر القادمة، وستقدم الحكومة السعودية محفزات لشركات التجزئة العالمية والأمريكية، وكذلك سيكون هناك تفاوض بين الوكلاء والشركات المصنعة بما يخص الاستمرار أو التصفية. «مافيا» تجارية من جهته أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور محمد القحطاني أن قطاع التجزئة بالمملكة يضم السلع مثل الملبوسات والمأكولات والسيارات والخدمات كالتأمين والصحة والتعليم ويعتبر واعدا ومشجعا للشركات الأجنبية، فمنذ تأسيس الدولة السعودية الثالثة لم يغط من هذا القطاع الحيوي إلا 55%، وهذا يعني أن هناك نسبة 45% مساحة متبقية للاستثمار فيه، مؤكدا أن حجم هذا القطاع يشكل تريليونات الريالات ويحتاج إلى الاستثمار أيضا لمدة 20 سنة حتى يلبي احتياجات محافظات ومدن المملكة. وقال إن قرار فتح الأسواق للشركات الأجنبية في قطاع تجارة التجزئة والجملة يعتبر قرارا حكيما؛ لأن قطاع التجزئة يعد من القطاعات الديناميكية التي يصعب على وزارة التجارة تنظيمها والسيطرة عليها، بعكس الشركات الأجنبية التي تقوم على أساس إدارة حديثة وقوانين تسهم في ضبط هذا القطاع، لذلك نرى انه لا بقاء للشركات المترهلة والهزيلة والمحتكرة للسلع الهامة في الوقت الحالي. وأضاف «لا يهمنا تأثر الوكالات والشركات الموزعة جراء هذا القرار التاريخي»؛ لأننا نطمح إلى خلق اقتصاد صحي وواعد يقوم على احترام المستهلك ويقدم المنتجات ذات الجودة العالية بأسعار تناسب دخله، وكذلك يقوم على أنظمة العمل والتشغيل، وبالتالي هذا قرار يصب في مصلحة هذا القطاع الهام وهنيئا له. وبالنسبة لأسعار الشركات الأجنبية بعد دخولها إلى السوق المحلي أكد القحطاني قائلا: «الأسعار دائما تعتمد على العرض والطلب؛ لأنه في نهاية المطاف يعتبر الاقتصاد في المملكة اقتصادا مفتوحا، ولكن بوجود الشركات صاحبة العلامة التجارية سيتم ضمان توفر السلع غير المقلدة والسعر المعقول بدون إضافة أي أرباح خيالية عليها، وكذلك عدم استغلال المواطن في جميع الظروف، بعكس بعض التجار والعمالة الأجنبية الذين نسميهم ب»المافيا التجارية»؛ لأنهم يسيطرون على كثير من الأسواق مثل أسواق قطع غيار السيارات والملبوسات والمأكولات ويستغلون حاجة المستهلك على مدار العام، وكذلك يعرفون نوعية السلع التي يجنون من ورائها أرباحا فاحشة. شروط قاسية وعن مصير الوكلاء في المستقبل أوضح القحطاني أن الوكلاء يعملون في قطاعات حيوية هامة مثل قطاع السيارات بدليل وجود 10 ملايين سيارة بالمملكة وبمعدل استيراد يبلغ سنويا حوالي 500 ألف سيارة، ومبيعات تصل قيمتها إلى 2.5 مليار تقريبا والأرباح التي تجنيها الوكالات اكثر من 30% على السيارة الواحدة بدون وجه حق، وباعتقادي أنه في حال دخول الشركات المصنعة للسيارات سيتم توفير 500 مليون ريال من قيمة الاستيراد والتي ستسهم في بناء 500 وحدة سكنية تأوي حوالي 2500 مواطن سعودي. وبين القحطاني أن الوكلاء حاليا في حالة تفاوض مع الشركات الأم ولن يكون هناك تغيير كبير بحكم العلاقة التي دامت بينهم لسنوات طويلة، ولكن من المتوقع أن تقوم بعض الشركات الأجنبية بتصفية عملها مع عدد من وكلائها في السعودية؛ لأنها أصبحت لا تثق بهم بسبب سوء الخدمات التي يقدمونها للعملاء، وكذلك ستكون هناك شروط قاسية لاستمرار الوكيل من عدمه في المستقبل.