أنهت الحكومة الأردنية جدلاً شعبياً ورسمياً بإعلانها، أمس الاثنين، مسودة مشروع قانون الانتخابات العامة، بعدما استطاعت تفكيك قوة المعارضة الرئيسة في البلاد. وقال رئيس وزراء الأردن عبدالله النسور، في مؤتمر صحفي بالعاصمة عمّان، إن «قانون الصوت الواحد، قد انتهى بلا رجعة»، وهو القانون الذي شكّل نقطة خلافية بين تيارات الحكم والنخب الشعبية. وبين النسور أن «مسودة القانون الجديد هي نسخة مطورة لقانون انتخابات 1989»، الذي حظي باستحسان واسع في المملكة، مشيراً إلى أن «الأردن ماضٍ في مسيرته الديمقراطية رغم كل ما يشهده جواره من تقلبات». وخفضت الحكومة الأردنية عدد مقاعد أعضاء مجلس النواب الأردني إلى 130 مقعداً، بعد أن كانت قد رفعتها في الانتخابات الأخيرة إلى 150 مقعداً، الأمر الذي أرجعه النسور إلى «عدم الحاجة للقوائم الوطنية بعد إنهاء قانون الصوت الواحد». وأشار رئيس الوزراء أن مسودة قانون الانتخاب الجديد أعادت الاعتبار إلى المحافظة كوحدة انتخابية، وأتاحت للناخب اختيار كافة أعضائها، وفق ما كان معمولا به في انتخابات عام 1989. وتعتبر انتخابات عام 1989 الأكثر توافقية بين مكونات المجتمع الأردني، وهي أول انتخابات تشهدها الأردن في أعقاب ما يعرف بالانفراج الديمقراطي، الذي أعقب سنوات طويلة من الأحكام العرفية سيئة الصيت. واعتبر النسور أن «من شأن القانون، القديم الجديد حال إقراره في البرلمان، ترسيخ السلام الاجتماعي في المملكة، التي لم تشهد قط نزاعاً أهلياً على خلفية طائفية أو دينية كما هو الحال في جوارها». وحافظت مسودة القانون الجديد على «الكوتات» التقليدية، وهي المقاعد المخصصة لفئة من الأقليات في الأردن، كالشيشان والشركس والمسيحيين، وكذلك حافظت على خصوصية مناطق البادية وتعزيز مكانة المرأة عبر تخصيص كوتة لكل منهما. وظلت السلطات الأردنية حساسة لأي قانون انتخاب ديمقراطي في ظل وجود قوة المعارضة الرئيسة، المتمثلة في جماعة الإخوان المسلمين، الذي مكّنها قانون 1989 من الاستحواذ على أغلبية في مجلس النواب، بيد أن تفكيك الجماعة أتاح العودة إلى ذات القانون. جماعة الإخوان المسلمين، وذراعها السياسي في الأردن حزب جبهة العمل الإسلامي، قاطعت عدة دورات انتخابية بعدما تراجعت الحكومات السابقة عن التوجه الديمقراطي بقوانين قيدت إلى حد كبير وصول المعارضة إلى البرلمان. ويعتبر قانون الانتخابات العامة من القوانين الحساسة في الأردن، خاصة لجهة طبيعة التكوين الديموغرافي للدولة، الذي نشأ في أعقاب الحروب العربية - الإسرائيلية، والتي أسفرت عن تهجير الفلسطينيين خارج ديارهم. وترى القوى المحافظة في الأردن أن التمادي في الحياة الديمقراطية من شأنه إحالة المملكة إلى وطن بديل للاجئين الفلسطينيين، الذي يشكلون الآن نحو نصف تعداد السكان. ويدخل القانون الجديد حيز التطبيق بعد مروره من البرلمان، بشقيه مجلسي النواب والأعيان، دون تعديلات جوهرية. وفي ردة فعل أولية، رحب الناطق باسم حزب جبهة العمل الإسلامي م. مراد العضايلة بالعودة إلى قانون انتخاب 1989، وقال إن «الحزب يرحب بمغادرة قانون الصوت الواحد، الذي أدى إلى نتائج سلبية على الحياة السياسية والبرلمانية في البلاد، لإعادة انتاج المجتمع الأردني بما يمكن من حل الأزمات التي عصفت بالحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد». ولكن العضايلة أكد، في تصريح ل «اليوم»، أن «موقف الحزب النهائي من مسودة مشروع القانون سيعلن بعد وضوح تفاصيل القانون الجديد».