السياحة في اللغة العربية تعني التنقل من بلد إلى آخر طلباً للتنزه أو الاستطلاع والكشف. والسائح هو ذلك الشخص الذي يقوم بالانتقال؛ لغرض السياحة لمسافة ثمانين كيلومتراً على الأقل من منزله، وذلك حسب تعريف منظمة السياحة العالمية التابعة لهيئة الأممالمتحدة. ولكن لم تعد السياحة ذلك الشخص الذي يحمل حقيبة صغيرة ويسافر إلى بلد ما ليقضي عدة ليال في أحد الفنادق ويتجول بين معالم البلد؛ بل تنوعت أهدافها ما بين سياحة الاستجمام، وسياحة المؤتمرات، والسياحة الرياضية، وسياحة العلاقات الاجتماعية، والسياحة الثقافية، والسياحة الطبية، والسياحة الدينية. تلك أهم مفاهيم صناعة السياحة المتعارف عليها بين عامة الناس والمتخصصين في دراسة تلك الظاهرة البشرية المتعددة العناصر والمتشعبة لاعتمادها على الكثير من العلوم الأصولية الأخرى. وما شد انتباهي ما قرأته لرئيس المنظمة العربية للسياحة بعنوان: «238 مليار دولار قيمة الإنفاق على السياحة الحلال في 2020م»، وذكر أن ماليزيا تصدرت المرتبة الأولى في هذا القطاع الجديد، وتلتها تركيا، وجاءت دولة الإمارات في المرتبة الثالثة، والمملكة العربية السعودية في المرتبة الرابعة معتمدة على معايير الإقامة للسياحة الحلال: بجودة الخدمات المقدمة، وتوفر الطعام الحلال، وعلامات القبلة للصلاة، والمياه للوضوء!! والسؤال الذي يطرح نفسه كبداية هل هناك سياحة حلال وحرام؟؟ ولو اعتبرناه تصنيفا جديدا ابتكره رئيس المنظمة العربية للسياحة فلا بد أن تكون معاييره صحيحة ومعتمدة كتصنيف عالمي؛ إذ أن جودة الخدمات وتوفر المياه والطعام الحلال معايير متوفرة في جميع الفنادق العالمية فئة الخمس نجوم سواء في الدول الإسلامية أو غير الإسلامية، ناهيك عن أن هناك دولا أجنبية منها: هنغاريا وفي مدينة بودابست تقدم سجادات صلاة لنزلائها المسلمين، إضافة إلى توفر الطعام الحلال والمياه النظيفة والخدمات المتميزة، فهل يمكننا إدراجها ضمن دول السياحة الحلال!!! والجدير بالذكر؛ أن الدول الثلاث التي جاء ذكرها في المراكز الثلاثة الأولى توفر لحم الخنزير والمشروبات الكحولية، وأماكن اللهو، لمن يطلبها أو يبحث عنها. كما أن رؤوس أموالها يشترك بها المسلم والمسيحي واليهودي... الخ ألا يخرجها ذلك عن مفهوم السياحة الحلال الذي ابتكره رئيس المنظمة العربية للسياحة؟ نقبل بالسياحة الدينية لأن الفرد يسافر خصيصاً إلى الأماكن المقدسة؛ لأداء فرض ديني، وما عدا ذلك فهو استخفاف بالعقول وهذا ما لا نرضى به أبداً. وأخيراً؛ من أراد السياحة الحلال بمفهوم كلمة حلال سيسلكها ولو ذهب لأقصى الشرق أو الغرب، ومن أراد السياحة الحرام بمفهوم ارتكاب المحرمات فسيجدها ولو كانت على بعد كيلومترات منه فكل نفس بما كسبت رهينة.