عندما تنخفض الأسواق كما فعلت في الأيام الأخيرة، تكون الأجهزة التنظيمية في حاجة إلى الإجابة عن سؤال حاسم: كم عدد البنوك العالمية وصناديق التحوط والمؤسسات المالية الأخرى التي يمكن أن تكون في خطر؟. لقد قامت الأجهزة التنظيمية منذ الأزمة المالية لعام 2008 بالتوصل إلى طرق تعينها على كيفية جمع المعلومات. وقد قام المسؤولون فيها بإنجاز الكثير من العمل - لكنهم لا يزالون لا يعرفون الجواب. بعد المتاعب الهائلة التي عانت منها الشركة العملاقة في مجال التأمين (الشركة الدولية الأمريكية للتأمين AIG) وغيرها من الشركات، والتي أخذت الأجهزة التنظيمية على حين غرة وأجبرت الحكومات على ترتيب عمليات الإنقاذ المدعومة من دافعي الضرائب، شرع قادة العالم في بناء نظام للإنذار المالي المبكر. الهدف من إنشاء هذا النظام أن يتمكن من رصد الروابط بين المؤسسات المالية عن كثب، لتحديد أماكن تمركز المخاطر في الوقت الحقيقي، وعبر الحدود. لنتخذ المشتقات الائتمانية، وهي الأدوات التي أطاحت تقريبا بشركة AIG. هذا الأوراق المالية توفر التأمين ضد العجز عن سداد السندات التي تصدرها الشركات والدول، وتسمح للخطر في التحول في لحظة - لنقل، من أحد البنوك في تايوان عن طريق متداول في لندن لصندوق تحوط في أتلانتا. إذا أرادت الأجهزة التنظيمية الحكم على أي من المؤسسات تعتبر الأكثر تعرضا لحالات الإعسار، فإنها تحتاج إلى معرفة أحدث البيانات لحظة بلحظة حول المشتقات الصادرة والمستحقة في جميع أنحاء العالم. على مدى السنوات القليلة الماضية، استطاعت الجهات التنظيمية الوطنية إحراز تقدم في جمع هذه المعلومات. فقد طلب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة واليابان والصين وغيرها من البلدان أن تقوم بالإبلاغ عن تداولات المشتقات إلى مستودعات خاصة. المشكلة هي، أنهم يستخدمون قواعد مختلفة، والبيانات في أشكال غير متوافقة فيما بينها. من جانب آخر، ليست لديهم خطة حازمة لتقاسم ومشاركة النتائج. والنتيجة هي فوضى. حيث قال مجلس الاستقرار المالي، وهو هيئة تنظيمية عالمية لمراقبة مشروع جمع البيانات، في تقرير مرحلي في يوليو: «لقد لاحظت بعض السلطات أن التقارير يبدو أنها أصبحت حاليا مجزأة على نحو يفوق ما كانت عليه عندما كان الإبلاغ عن التعاملات يتم بشكل طوعي فقط». وهذا أيضا يجعل الامتثال معقدا بصورة لا داعي لها بالنسبة للمؤسسات المالية، والتي يجب أن تتعامل مع متطلبات مختلفة ومتضاربة أحيانا عبر مناطق اختصاص قضائي متعددة. إنه من اللافت للنظر أن تعترف الأجهزة التنظيمية على الأقل بالمشكلة. بدأ مجلس الاستقرار المالي مراجعة من شأنها أن تقدم تقريرا عن العوائق التي تحول دون تبادل بيانات المشتقات في القمة المقبلة لمجموعة دول العشرين في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وفي الوقت نفسه، تعمل الأجهزة التنظيمية للأوراق المالية على خلق إرشادات مفصلة حول كيفية جمع البيانات في شكل يمكنهم جميعا فهمه والتعامل معه. وهذا أمر جيد، ولكن ليس من المبالغة أو الإفراط أن نطالب بوجود إحساس أكبر بالإلحاح والحاجة إلى التصرف بسرعة. من الواضح أن الوضع الراهن ليس جيدا بما فيه الكفاية. الاضطراب الحالي في الأسواق ربما سيهز زعماء دول مجموعة ال20 ويدفعهم لزيادة الضغط. لا أحد يريد وقوع حالة من الذعر يكون من شأنها أن تلفت الانتباه إلى الضعف في النظام بطريقة أكثر دراماتيكية من ذلك بكثير.