بعد عامين من تسرب أخبار بأن المتداولين في أكبر البنوك في العالم قد قاموا بالتلاعب في مؤشرات أسعار الفائدة المستخدمة لتقييم مئات التريليونات من الدولارات في الأوراق المالية والمشتقات، يبقى السؤال الحاسم: كيف يمكننا استعادة الثقة في المعايير التي يعتمد عليها النظام المالي بنفس طريقة اعتماد البقية منا على المياه العادية التي تأتي إلى البيوت؟ وأصدرت مجموعة دولية من المنظمين تعرف باسم مجلس الاستقرار المالي تقريرين - وكان لنا دور في إعداد هذين التقريرين - يقدمان ما نراه إجابات قابلة للتطبيق. لكن تحويل المقترحات إلى حل سوف يتطلب اتخاذ مزيد من الإجراءات من جانب صناع السياسات الوطنية في البلدان المختلفة. ورؤيتنا للإصلاح تقوم على مبدأين شاملين، أولاً: كانت المعدلات المرجعية، مثل سعر الفائدة بين البنوك في لندن، أو ليبور، جنباً إلى جنب مع مثيلاتها الأوروبية واليابانية، وهما يوريبور Euribor وتيبور Tibor، معرضة للهجوم في جزء كبير منها بسبب أنها تعتمد على قيام البنوك بدقة وصدق بالإبلاغ عن تكاليف الاقتراض الخاصة بها. وإلى أقصى حد ممكن، ينبغي أن تستند هذه المعايير على التعاملات الفعلية في أسواق الاقتراض غير المؤَمَّن من البنوك - وهي توصية وضعتها أيضاً الجماعات السابقة لتقرير السياسة. والمشكلة هي أن هناك عدداً قليلاً يثير الاستغراب من معاملات القروض الفعلية بين البنوك - تذكر ليبور تدل على التعاملات بين البنوك - التي يمكن أن تستخدم لحساب معظم المؤشرات المرجعية، بما في ذلك تلك التي تتمتع بشعبية ضخمة وتتابع القروض بتواريخ استحقاق تبلغ ثلاثة أشهر وستة أشهر. وبالتالي، يقترح تقريرنا استخدام مجموعة أوسع بكثير من التعاملات، تلتقط معلومات حول تكاليف الاقتراض للبنوك من شهادات إيداعهم وسندات الدين من تلك المعروفة بالأوراق التجارية. الثانية: والأهم، فإن عملية الإصلاح يجب أن تدعم بقوة معايير بديلة. ويُستخدَم سعر ليبور ومؤشرات قياس مماثلة الآن لمجموعة من التطبيقات التي تتجاوز هدفها الأصلي، الذي كان لضبط أسعار الفائدة على قروض البنوك لعملائها فوق التكلفة الخاصة لاقتراض البنوك. ومع النمو الهائل في المشتقات منذ الثمانينيات من القرن الماضي، فإن المعايير قد استخدمت أيضاً بشكل كبير للتحوط أو التكهن بشأن التغيرات في المستوى العام لأسعار الفائدة. وتأثير التكتل المذكور يمكن أن يكون مفيداً، عندما يستخدم الجميع نفس المعيار، فإنه من السهل العثور على شخص للتداول معه. ولكنه أيضاً يزيد إلى حد كبير من حوافز التلاعب، ومجرد معرفة حجم بعض عقود المشتقات المعنية، فإن مجرد تغيير 0.01 في المائة في سعر الفائدة يمكن أن يكون الملايين من الدولارات لتاجر المشتقات. وإذا كانت السوق الكامنة رقيقة، وحتى المعاملات المستندة على معيار معين ستكون عرضة للتلاعب إذا كانت بمثابة الأساس لمئات التريليونات من الدولارات في المشتقات. ولحسن الحظ، فإن العديد من تطبيقات "أسعار التداول" يمكن أن تكون كذلك أو مخدومة من المعايير التي لا ترتبط بتكلفة البنوك من الأموال. وفي الولاياتالمتحدة، على سبيل المثال، العائد على سندات الخزانة، أو أسعار الفائدة على قروض "الريبو" (إعادة الشراء) والتي تستخدم في الأوراق المالية عالية الجودة مثل السندات كضمان، ستكون كافية لأغراض كثيرة. وعلى الصعيد العالمي، بما في ذلك في الولاياتالمتحدة، فإن سوق مؤشر مقايضات الليلة الواحدة - التي تعكس التكلفة على المدى الطويل للاقتراض لمدة ليلة ويوم تسيطر عليها البنوك المركزية - يمكن أن تتطور قريباً للاستخدام الثقيل في العقود المتعلقة بالمستوى العام لأسعار الفائدة. ولن يكون من السهل أن تجعل المشاركين في السوق يقومون باختيار مرجعيات أسعار بديلة؛ لأن هناك مزايا كبيرة من استخدام المعايير المعمول بها. وهذه مشكلة التنسيق: لا يوجد لاعب مفرد على استعداد للتبديل، حتى لو كان في عالم فيه العديد ممن تحولوا لما قد يكون أقل عرضة للتلاعب ويقدم للمستثمرين قائمة من المعدلات المرجعية مع ملاءمة أفضل للغرض. وهذا هو المكان الذي يأتي فيه دور صناع السياسات الوطنيةن عن طريق التحدث علناً عن مزايا الإصلاح - أو إذا لزم الأمر، باستخدام صلاحياتهم للتنظيم - فإنهم يمكن أن يوجهوا الأسواق في الاتجاه المطلوب. وفي المعايير المالية كما هي الحال في سوق ماء الحنفيات الذي يأتي إلى البيوت، قد لا تصل إلى أفضل حل من تلقاء نفسها.