أعرب كثير من رواد الأعمال وأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة عن معاناتهم من غياب الثقافة التجارية، ومتابعة بعض الجهات المسؤولة لصاحب المنشأة، ودعمه في مشروعه لحين تثبيت الأقدام في أرض اقتصادية صلبة، كبقية المشاريع الناجحة، مشيرين إلى أنه بدلا من أن تسهم زيادة هذه المشاريع في المنطقة في حل مشكلة العطالة وبروز دور مؤثر للشباب في العملية الاقتصادية، زادت من حدة انعدام الطبقة الوسطى وساعدت على انقراضها وبعض هذه الشركات يخفق قبل تمكنه في السوق ويفشل في بداية المشوار. «اليوم» التقت عددا من رواد الأعمال الذين اتفق أغلبهم على أن القرارات التي صدرت من بعض الجهات المسؤولة فيما يتعلق بأنشطتهم تسببت في تعثر مشاريعهم. وأوضح عضو مجلس إدارة غرفة الشرقية، نايف القحطاني، أن مشروعه الخاص متخصص في الخدمات اللوجستية من تخزين مواد وتوزيعها بطريقة احترافية، مبينا أن أسباب النجاح عديدة، منها الدعم المادي والاستشارة والصبر، وكذلك التوسعة في الدراسة، والتركيز الكامل في العمل منذ بداية المشروع، ففي البداية يضطر صاحب المشروع لدفع مبلغ كبير على التجهيزات الأولية من إعداد المحل وتأمين البضائع، حيث يجد صعوبة في بدايته، خصوصا أن الأحلام والآمال التي بناها لا تتضح في اللبنات الأولى من مشروعه، فيرى أن الزوار والعملاء لا يتوافدون على مشروعه، فيبدأ التفكير والقلق، فيما المطلوب في هذا الوقت الصبر. وأضاف القحطاني: الدعم كان ذاتيا في مشروعي أولا، ثم وجود الداعمين من احد برامج ريادة الأعمال في شركة ارامكو، فهناك تعطل كبير من الجهات الحكومية التي لجأ لها العديد سواء وزارة العمل أو البلدية، والتي قد تصل مدة انتهاء المعاملة والإجراءات فيها إلى سنة. وقال سعد العمري، إنه وبعد التحاقي في البرامج الداعمة لريادة الأعمال، وافتتاح مشروعي كانت محاولاتي واجتهاداتي كبيرة في العمل، والوقوف على المشروع في جميع الأوقات، إلا أنني فشلت من البداية، وها هو الآن مشروعي متوقف بسبب إجراءات وزارة العمل وغيرها من الجهات المسؤولة، وبدأت أصرف من حسابي مبالغ كبيرة فوق الدعم الذي استلمته من البرنامج الداعم لريادة الاعمال، حيث لم أجد من يدعمني أو يقف بجانبي بعد فشلي في المشروع، فبدأت تواجهني العديد من المشاكل، منها إيجارات المحل المتراكمة، والتي لم يعد باستطاعتي دفعها في ظل هذه الظروف. وأضاف العمري «أتمنى من الشركات أو الجهات المسؤولة دعمي كي أكمل طريقي، والوقوف مجددا في بناء مشروعي وعدم تعثره». من جهته، قال خالد الشنيبر، المتخصص في الموارد البشرية، إن السوق السعودي كبير ومشجع، والنمو الاقتصادي له دور كبير في نجاح العمل الحر اذا كانت هناك اساسيات قوية للمشروع واستراتيجية واضحة للعمل والتوسع، وهذا يعتبر من أسباب نجاح المشاريع في المملكة، حيث ان السوق السعودي كأي سوق لا يخلو من وجود الصعوبات والعوائق التي قد تقف أمام نجاح المشروع بالشكل المطلوب، وأغلب تلك الصعوبات تكمن عند تأسيس المشروع والذي قد يستغرق وقتاً طويلاً لإنهاء بعض الإجراءات الحكومية مما يسبب ذلك استنزاف أموال كبيرة قبل مرحلة تشغيل المشروع، ومن أهم ما ينقص السوق السعودي وجود مظلة خاصة تشرف على المنشآت الصغيرة والمتوسطة وتدعمها. وأكد الشنيبر أن الوقت الطويل الذي تستغرقه بعض الإجراءات الحكومية سبب رئيسي لتعطيل المشاريع في المملكة، وفي الوقت الحالي إعادة هيكلة سوق العمل لها دور كبير في خلق صعوبات قد تعطل من استمرار أو التوسع في المشروع. وأشار زامل الشهراني إلى أن مشروعه يقوم على تقديم خدمات الصيانة الدورية والطارئة في مجال معامل النفط والغاز والبتروكيماويات في الاقسام الميكانيكية والآلات الدقيقة والنظافة الصناعية والنفخ البخاري، حيث نقوم بتحديث واضافة خدمات متخصصة في القطاع لتوفير خدمات استباقية على مدار الساعة. حيث إننا اكتسبنا الخبرة الكافية في مجال معامل النفط والبتروكيماويات التي قادتنا الى التصنيع، كما أننا نقوم الان بالعمل على انشاء مصنع خاص بالصناعات التحويلية في الجبيل 2 حيث نقوم باستخدام مواد خام من مصانع البتروكيماويات الوطنية وتحويلها الى منتج نهائي. وأشار الشهراني إلى أن التأسيس في البدايات تم بقرض شخصي مقداره 50 ألف ريال فقط، ومنذ التأسيس تم اتخاذ قرار بعدم توزيع أرباح لمدة عشر سنوات حيث نقوم بتدوير أرباح الشركة في أنشطتها ودعم توسعها. فعندما تكون جزءا من فريق العمل يجب ان تعلم انك جزء من الكيان وان عليك من الواجبات ما على اعضاء فريقك، وان تتخلى عن دور المالك. بالتالي تم تعيين راتب شهري حسب الانظمة المتبعة كموظف فلن تكون قدوة اذا لم تكن أول من يطبق. ولله الحمد ساعد هذا القرار كثيرا في عدم طلب تمويل من جهات تمويلية. فالقروض التجارية أو الحكومية هي آخر الحلول التي يجب على صاحب مشروع التفكير فيها وان تكون الخيار الاخير. وقال عبدالرحمن المعيبد إن نشاطه خدمي وهو استشارات هندسية ومقاولات وتطوير عقاري، وذكر ان النجاح والفشل لهما أسباب كثيرة وكل شخص في نظري له سببه الخاص بعد توفيق الله للجميع ومن الأسباب ما هو معنوي مثل الصدق وإخلاص النية ورضا الوالدين، وعملية مثل الاجتهاد وتعيين فريق العمل الصحيح والوقوف على الأعمال ومتابعتها، بالإضافة إلى متابعة كل جديد في الأسواق. وأكد المعيبد أن أكثر الجهات مشكورة بدأت في دعم المشاريع الصغيرة، وطبعا تطلعاتنا أكبر ولكن التعاملات اليوم في حال كانت المنشأة صغيرة ويعمل بها شاب سعودي تتسهل له بعض الأمور. ولا ننكر أن هناك عوائق كبيرة منها تباعد الجهات الحكومية وعدم التنسيق بينها في متطلبات التصاريح، بالإضافة إلى طول المدة ولذلك نتمنى إيجاد جهة واحدة تعمل من خلالها جميع التصاريح مثل هيئة الاستثمار للمستثمر الأجنبي. وأوضح بدر العمري، مالك أحد المطاعم، أن من أهم المشكلات التي واجهتنا، وكانت سببا في تعطل مشروعنا بعض الجهات، فجميع المنشآت يكون السعودي هو الواجهة أما الاجنبي فهو يدير كل شيء، حيث إن هناك مهنا احتكرها، والتضييق على السعودي صاحب المنشأة الذي قد يكون يحب هذه المهنة، مثل الطباخ حسب مشروعي. وأضاف العمري أن الجهة المسؤولة عن هذه المشاريع ودعمها لا تميز السعودي عن الاجنبي ابدا، فهذه مشكلتنا الرئيسية في تعطل مشروعنا والكثير من المنشآت تعاني هذه المشكلة. أولوية الدعم من جهته، ذكر عبدالرحمن العطيشان، رئيس غرفة الشرقية، ان تشجيع المنشأة الصغيرة والمتوسطة هو من واجبات الغرفة للانطلاق بشكل صحيح من بداية مشاريعهم. وقال العطيشان: إن الغرفة تقوم بالتواصل مع جهات مختلفة وشركات استثمارية لتعرض الفرص الاستثمارية لديها مثل الامانة والبلديات، وشركات أخرى تعرض فرص استثمار لهم أو يكونون من الاولوية في دعمهم بالإيجارات وغيرها، وهذه ادوار من الممكن المساعدة بها . وأشار الى أنه على صاحب المؤسسات والمنشآت الصغيرة، أن يكون لديه وعي كاف بهذه المهنة وإدارة مهنته بنفسه لكي يستمر في مشروعه دون تخبط أو فشل، حيث ان الكثير منهم يكون اعتماده على الاجنبي، وهذا خطأ كبير . وأضاف العطيشان: اننا نريد من صاحب هذه المؤسسة الصغيرة أن يعتمد على نفسه وينمي مهنته ليصل لأعلى درجات النجاح دون اعتماده على الأجنبي، كما نريد ان يكون السعودي أفضل من الأجنبي وتتاح له مميزات اكثر. كما أن هناك بعض المؤسسات الصغيرة نجحت منذ البدايات مثل بعض المطابخ والمقاهي والسبب انهم يديرونها بأنفسهم ولديهم المهنية الكافية ليقفزوا الى الامام، ونحن بلا شك نساندهم دائما، ونحثهم على دراسة جدوى اقتصادية ستدعمهم بها الغرفة.