قليل من المؤسسات تفهم القيمة الزمنية للنقود بشكل جيد مثل شركات النفط الكبرى في العالم. حين تنفق مليارات الدولارات على حفر ثقوب في الأرض على أمل العثور على ما يكفي من الذهب الأسود لتحقيق الربح في العقود التالية، فإن هذا يعني اتخاذ نظرة بعيدة لما ستكون عليه قيمة الدولار الآن في مقابل ما قد تكون عليه قيمته بعد سنوات من الآن. وهذا، بدوره، يساعد على تفسير سبب ارتفاع سهم بريتش بتروليوم في الآونة الأخيرة حتى بعد أن أعلنت الشركة عن أسوأ أرباحها منذ ما لا يقل عن عقد من الزمان. وفي الشهر الماضي وافقت بريتش بتروليوم على دفع مبلغ قياسي قيمته 18.7 مليار دولار لتسوية المطالبات من الولاياتالأمريكية المختلفة ومن الحكومة الفدرالية عن الضرر الذي قامت به في منصة ديب ووتر هورايزون، أسوأ تسرب نفطي بحري في تاريخ الولاياتالمتحدة. وقد خصصت الشركة جانبا أكثر من 54 مليار دولار من أجل التكاليف المترتبة على مطلوباتها، بما في ذلك فرض رسوم بقيمة 10.8 مليار دولار في أرباح الربع الثاني التي ساعدت على خفض الأرباح لتصل إلى 1.3 مليار دولار، بانخفاض 64 في المائة عن العام السابق. وفي حين أن تكاليف الكارثة تعتبر بشكل واضح خيالية بالنسبة لبريتش بتروليوم، إلا أنها كان يمكن أن تكون مؤذية تماما أكثر من ذلك بالنسبة للشركة التي تتخذ من لندن مقرا لها. بريتش بتروليوم، على سبيل المثال، سوف تدفع 5.5 مليار دولار في عقوبات فدرالية قياسية بموجب قانون المياه النظيفة، وهو مبلغ أقل بكثير من مبلغ 13.7 مليار دولار والذي كان من الممكن أن يُفرَض على الشركة، على أساس حساب قاض فدرالي للغرامة المحتملة. ولكن الفوز الكبير هو طول الفترة الزمنية التي فازت بها بريتش بتروليوم من أجل أن تدفع 18.7 مليار دولار. الاتفاقية تجعل المدفوعات تستمر على مدى 18 عاما. وأشارت حسابات بريتش بتروليوم إلى أن الحد الأقصى للمبلغ الذي سيتم تسليمه في أي سنة واحدة حوالي 1.1 مليار دولار، مع تراجع المدفوعات إلى 260 مليون دولار في السنة النهائية. من باب المقارنة نقول إنه بعد أن اصطدمت الناقلة إكسون فالديز باليابسة في ألاسكا في عام 1989 وتلويثها لأكثر من 700 ميل من سواحل ألاسكا بالسوائل النفطية، وافقت شركة إكسون على تسوية بقيمة مليار دولار والتي استمرت لمدة 10 سنوات فقط. فيما يلي تعريف قيمة المال بحسب موقع إنفستوبيديا، المتخصص بالاستثمار: «الفكرة التي تقول إن المال المتوفر في الوقت الحاضر يستحق أكثر من المبلغ نفسه في المستقبل نظرا لقدرته على الكسب المحتمل. هذا المبدأ الأساسي للتمويل ينص على أنه، شريطة أن يتمكن المال من كسب الفائدة، أي مبلغ من المال تزداد قيمته كلما كان موعد استلامه أقرب». ومعنى ذلك أنه كلما تمسكت الشركة بمالها، بدلا من تسليمه إلى المستفيدين من أحكام التسوية، كان ذلك أفضل للشركة. بموجب حسابات تقريبية، وعلى افتراض أن سعر الفائدة هو 2.5 بالمائة (وهو سعر الفائدة الذي تحصل عليه عندما تستثمر في سندات الخزانة الأمريكية لمدة 18 سنة)، فإن مبلغ 18.7 مليار دولار سوف يكلف بريتش بتروليوم 12 مليار دولار بأموال اليوم. أضف إلى ذلك أنك حين تحسب التراجع الذي رزئ به سعر المنتَج الرئيسي للشركة، وهو النفط، فإن قرار الشركة بالتسوية السريعة بدلا من المقامرة على معركة قانونية مطولة في المحاكم، سوف يبدو حتى أذكى مما كان في البداية. ومن الممكن أن تسوء الأمور أكثر من ذلك بكثير. تتوقع شركة PVM للنفط أن إمدادات النفط سوف تتجاوز الطلب بحوالي مليوني برميل يوميا هذا العام. آخر مرة وقعت فيها هذه الفجوة بين العرض والطلب، في عام 1998، هوى سعر النفط إلى أقل من 10 دولارات للبرميل. وحيث ان الولاياتالمتحدة تنتج النفط بأعلى معدلات منذ 30 سنة، وتقوم أوبك بالضخ بدون هوادة، ومع إمكانية دخول النفط الإيراني إلى السوق، تقول PVM إن تخمة النفط يمكن أن تصل إلى مستويات «غير مسبوقة». وتقول بريتش بتروليوم إنها تقوم حاليا باختبارات الإجهاد لكي تقرر ما إذا كان بعض مشاريعها الحالية يظل مجديا عند أسعار متدنية للنفط بحدود 40 دولارا للبرميل. ويقول بوب دادلي، الرئيس التنفيذي للشركة، إن أولويته القصوى هي المحافظة على توزيع الأرباح على المساهمين. سيكون هذا أسهل بكثير في ظل اكتمال التسوية لقضية ديب ووتر - مع فترة عقدين تقريبا لدفع المال بموجب التسويات.