عندما اشتعل السباق العالمي من أجل تأمين إمدادات الطاقة حيث اشتعلت أسعار النفط العالمية مرة أخرى وحققت شركات النفط متعددة الجنسية أرباحا هائلة على خلفية ارتفاع الأسعار لكن المخاوف في مقار رئاسة هذه الشركات من المستقبل تزايدت. فالطلب المتزايد على النفط لا تقابله اكتشافات جديدة الأمر الذي يثير القلق بشأن القدرة على تلبية الاحتياجات في المستقبل. فقد تزايدت المصاعب التي تحيط بتوفير مصادر نفط جديدة يمكن الوصول إليها بسهولة من الناحية الاقتصادية واعتبارها آمنة سواء لأسباب سياسية أو أسباب فنية. فالطلب العالمي على النفط يتزايد بوتيرة سريعة. وقد تنبأ رستم جاسيمي رئيس منظمة الدول المصدرة للبترول " أوبك" الإيراني الجنسية عام 2011 بنمو الطلب العالمي على النفط خلال العام الحالي بمقدار 1ر1 مليون برميل يوميا. وتتوقع منظمة أوبك التي تضم 12 دولة منتجة للنفط في العالم استمرار النمو القوي للطلب على الذهب الأسود حتى عام 2035. وعندما كان بوب دودلي رئيس شركة النفط البريطانية العملاقة بريتش بتروليوم (بي بي) يعلن عن تحقيق الشركة أرباحا قدرها 9ر23 مليار دولار عام 2011 فإنه تنبأ باستمرار الطلب القوي على هذه السلعة الاستراتيجية. وقبل ذلك بأيام قليلة أعلنت شركة النفط الهولندية البريطانية العملاقة رويال داتش شل تحقيق أرباح العام الماضي بقيمة 9ر30 مليار دولار في حين حققت إكسون موبيل الأمريكية أكبر شركة نفط في العالم من حيث القيمة السوقية أرباحا بقيمة 1ر41 مليار دولار العام الماضي. وربما تحقق هذه الأرقام شعورا بالرضا لكن أحدا من مسؤولي هذه الشركات لم يعتبرها سببا للاسترخاء والراحة. فاليوم أكثر من 90% من إجمالي إمدادات النفط العالمية تقوم بضخها شركات عملاقة في روسيا والسعودية وفنزويلا وإيران. ووفقا لتقرير منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) السنوي فإن أكبر احتياطيات النفط في العالم موجودة حاليا في فنزويلا التي يقودها رئيس يساري وهو هوجو شافيز الذي يعتبره الكثيرون شخصا لا يمكن التنبؤ بتحركاته. فالتقارير تقول إن احتياطي النفط في فنزويلا يصل إلى 297 مليار برميل. وتخوض إكسون موبيل الأمريكية حاليا معركة قانونية مع فنزويلا بشأن التعويض المستحق لها عن تأميم حقول النفط التي كانت تمتلكها في هذه الدولة. وتعرض شركة النفط الحكومية الفنزويلية "بي.دي.في.إس.أيه" تعويضا قدره 255 مليون دولار في حين تطلب إكسون موبيل 7 مليارات دولار. يقول بيتر فوسر الرئيس التنفيذي لشركة رويال داتش شل إن سوق النفط العالمية "متذبذبة للغاية". ويعتزم فوسر تنفيذ 60 مشروعا جديدا خلال السنوات المقبلة من أجل إنتاج ما يعادل 20 مليار برميل من النفط حيث سيتم توجيه 80% من هذه الاستثمارات إلى مشروعات جديدة لإنتاج النفط والغاز الطبيعي. أما دودلي رئيس بي.بي فقد أعلن عن إجراء 12 تنقيب استكشافي جديد خلال العام الحالي فقط وهو ضعف العمليات الاستكشافية عام 2011 إلى جانب إطلاق ستة مشروعات استخراج جديدة خلال العام الحالي. والحقيقة أن الحاجة هي التي تدفع هذه الشركات متعددة الجنسية من أجل البحث عن مزيد من النفط في حين تواجه صعوبات شديدة في تطوير أساليب جديدة لاستخراج النفط ليس فقط من الحقول التقليدية ولكن أيضا استغلال المصادر غير التقليدية للذهب الأسود. وتمتلك كندا احتياطيات ضخمة من الرمال الزيتية التي تنتج النفط باستخدام كميات هائلة من الطاقة والمياه. وتستثمر شركة النفط الصينية المملوكة للدولة بيتروتشاينا 4ر5 مليارات دولار في أحد المشروعات الواعدة لاستغلال هذه الرمال. وإلى جانب الرمال الزيتية هناك أيضا الصخور الزيتية التي تزايد الاهتمام بها كمصدر جديد للنفط. ولكن استغلال هذه الموارد الجديدة يصطدم باعتراضات من جانب منظمة السلام الأخضر (جرين بيس) البيئية وغيرها من الجماعات المعنية بالدفاع عن البيئة في كندا وهو ما يزيد المصاعب التي تهدد مستقبل صناعة النفط العالمية.