الذهب يتجه لتحقيق رابع مكسب شهري    القيادة تهنئ رئيس ألبانيا بذكرى استقلال بلاده    أمانة الشرقية تنفّذ تجربة فرضية للتعامل مع حالات انهيار الأنفاق    اللواء محمد الهبدان يجري عملية قلب مفتوح ويشكر سمو وزير الداخلية على متابعته المستمرة    «زاتكا» تُحبط تهريب أكثر من 52 ألف حبة إمفيتامين و3.8 كجم كوكايين    إيلارا... منصة عربية تحتفي بإبداعات الشباب وتطلق ست فئات للمنافسة    الأحساء أنموذجا للتنوع الثقافي عربيا    الشيخ أسامة خياط يدعو إلى الأخوّة واجتناب الإيذاء ولزوم القول الحسن    الشيخ خالد المهنا يبين منزلة الصبر وفضله في حياة المؤمن    الرأي راعياً إعلامياً لموسم سباقات الخيل بميدان فروسية الدمام    زلزال بقوة 5.1 درجة يهز وسط إيران    رحيل دوفرينيس عن تد ريب الباطن    الاتحاد يدخل صراع على جوهرة إسبانية    الشباب يُحدد موقف حمدالله    منتدى مكة لريادة الأعمال يختتم فعالياته بإنجازات ورؤية جديدة    غرفة تبوك‬⁩ تنظم ورشة عمل (الابتكار وريادة الأعمال    نائب أمير حائل يرفع شكره و امتنانه للقيادة    بوتين: روسيا ستوقف القتال إذا انسحبت أوكرانيا من أراض تطالب بها موسكو    إجازة الخريف تسجل أسعارا فلكية للفنادق والطيران    الرياض تستضيف المؤتمر الدولي للتعليم والابتكار في المتاحف    جازان تودع شاعرها المدخلي    المنتخب البرتغالي بطلاً لكأس العالم تحت 17 عاماً    التسامح.. حين تصبح القيم مشروعًا وطنيًا    أمر ملكي بتمديد خدمة نائب أمير حائل لأربع سنوات    فرانك: واثق في إعادة توتنهام إلى المسار الصحيح    مقاربة أمريكية إسرائيلية لتفادي الحرب المباشرة مع إيران    الأمين العام لمجلس الشورى يرفع الشكر للقيادة بمناسبة تمديد خدمته أمينًا عامًا للمجلس    الجبير يستقبل الأمين العام السابق للأمم المتحدة    تجمع الرياض الصحي الأول يعزّز جاهزية الرعاية الصحية في معرض الطيران السعودي 2025    بدر الشهري مديرًا لإدارة المساجد والدعوة والإرشاد بمحافظة بيشة    السيف العقارية تستحوذ على أرض صناعية في الظهران بمساحة مليون م2 وبقيمة تتجاوز 430 مليون ريال    هيئة تنظيم الإعلام تحيل 6 أشخاص إلى النيابة العامة بسبب نشر محتوى يؤجج الرأي العام    حوارات تحت سقف واحد.. بين الفردية وشراكة الحياة الزوجية    الاحتلال الإسرائيلي يواصل عدوانه على مدينة طوباس لليوم الثاني على التوالي    "التخصصي" يستضيف قمّة التعاون في الجراحة الروبوتية بالرياض    فوز كاتبة فرنسية بجائزة ابن خلدون – سنغور للترجمة    علماء صينيون يطورون لسانا اصطناعيا لقياس مستوى الطعم الحار    «الثقافة» تعزز الهوية الوطنية في المؤسسات التعليمية    أكد أن مؤتمر «حل الدولتين» حقق نجاحاً كبيراً.. الدوسري: توظيف العمل الإعلامي العربي لخدمة القضية الفلسطينية    تقليد إلفيس بريسلي ينهي مسيرة قاض    تقمص هيئة والدته «المتوفاة» لأخذ معاشها    الجيش يطالب بانسحابها من المدن.. قوات الدعم السريع تنقض الهدنة    أكد أهمية دور الأسرة.. رئيس جمعية حقوق الإنسان: تعزيز الحماية الرقمية يحد من العنف ضد المرأة    استعرضا عدداً من المبادرات والمشروعات التطويرية.. أمير المدينة والربيعة يناقشان الارتقاء بتجربة الحجاج    عبر منظومة خدمات لضيوف الرحمن.. الحج: 13.9 مليون مرة أداء للعمرة خلال جمادى الأولى    «هيئة العقار»: تعديلات نظام التسجيل العيني تحفظ الحقوق    وسط تحذيرات إسرائيلية من تصعيد محتمل.. اتفاق لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وقبرص    وسط خلافات مستمرة حول بنود حساسة.. الكرملين يؤكد استلام النسخة الجديدة من «خطة السلام»    خلال المؤتمر العالمي ال48 في جنيف.. السعودية تحرز 18 جائزة دولية عن تميز مستشفياتها    سلالة إنفلونزا جديدة تجتاح أوروبا    الباحة تقود الارتفاع الربعي للعقار    ملف الرفات وتحديات الهدنة: تبادل هش ومصير معلق في غزة    إتاحة التنزه بمحمية الطوقي    المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب يعقد أعمال دورته ال21    أمير تبوك يستقبل القنصل العام لجمهورية الفلبين    موسكو تطالب بجدول زمني لانسحاب الاحتلال    خالد بن سلمان يرأس وفد المملكة باجتماع مجلس الدفاع المشترك.. تعزيز التعاون العسكري والدفاعي بين دول التعاون    تعديل بعض مواد نظام التسجيل العيني للعقار.. مجلس الوزراء: الموافقة على نظامي الرياضة والرقابة المالية و«إستراتيجية التخصيص»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سفراء فوق العادة
نشر في اليوم يوم 08 - 08 - 2015

المسافر مع الخطيب البغدادي في كتابه الشيق «الرحلة في طلب العلم» يجد أنه يسافر بنا لبلدان كثيرة انتقل لها وعرف أهلها، وطلب العلم على علمائها، وحاول أن يمازج بين علومه وعلوم وثقافة البلد الذي زاره، فهو كمن ينتقل من زهرة إلى أخرى ليضع ببصماته وأثره رياضا كثيرة، فزهرات تراثنا الإسلامي والإنساني الأصيل شاهدة على ما للرحلة والترحال وخاصة لطلب العلوم من كنوز وفوائد وخبرات، فأكثر العلماء ترحالا هم أكثر انفتاحا وسعة في الأفق كونهم قدموا ودونوا لنا ما لم تدونه كتب التاريخ السياسي، فسجلوا تجاربهم ومشاهداتهم المختلفة وصنّفوا عادات وتقاليد الشعوب المختلفة وتحدثوا عن طبائع الناس، وتطرقوا لتحليل جوانب أكثر دقة وأهمية في مختلف المجالات، ودمجوا ذلك وصاغوه بأسلوب رفيع يجمع بين الواقعية التاريخية والإثارة والتشويق، ويأتي على رأس القائمة الطويلة للرحالة المميزين في القرن الثالث الهجري الإمام اليعقوبي، وابن وهب القرشي، وفي القرن الرابع الهجري المسعودي، والمقدسي، وفي القرن الخامس الهجري عرف الناس أبا الريحان البيروني، والذين كانوا في الحقيقة سفراء فوق العادة بعلمهم وهدفهم النبيل، فالسفر والترحال يسفر حقا عن أخلاق الرجال وثقافتهم، ويعكس الصورة الحقيقية للإنسان، ورحم الله الشافعي حين قال حاضاً على الرحلة والسفر :
تغرب عن الأوطان في طلب العلا
وسافر ففي الأسفار خمس فوائد
تفريج هّم واكتساب معيشة
وعلم وآداب وصحبة ماجد
لذا تعد كما قال مصطفى أمين «رحلة للخارج مساوية قراءة ألف كتاب»، ويعد المسافر لخارج وطنه سفيرا بل سفيرا فوق العادة لو كان يملك هدفا من رحلته لأي بلد يكون فيه قدوة وكما قالت العامة «يا غريب كن أديب»، وإني أرى فلسفة الأدب فوق موضوع الالتزام بقوانين البلد المزار، إلى نوع من التعارف والتحاور وتقديم نفسه وبلده بأجمل صورة وأرقى فكر وتحضر ، فالإنسان كما يقول ابن خلدون في مقدمته مدني بطبعه يخالط البشر بتعدد ثقافاتهم وأفكارهم يؤثر فيهم ويتأثر بهم شاء أم أبى، وفي الغالب فالفطرة ناطقة بأن الإنسان يتأثر وينجذب لمن حوله من حيث لا يشعر خاصة إذا حوى غيره من الإبهار الشيء الكبير، ويزيد التأثر عندما يخالط الإنسان شعوبا أخرى رصيد الحياة وتاريخها كسبها معارف وثقافة مغربلة الرؤى والاتجاهات، فالاندماج مع الشعوب والتعرف على ثقافاتهم يزيد نسبة إمكانية التأثر بسبب اختلاف العادات وتباين الثقافات.
ويأتي مصطلح «سفير فوق العادة» لأي دبلوماسي أرسلته دولته لبلد صديق أو شقيق ليكون صورتها وحرفها الذي تنطق به بصلاحيات عامة، ولو أن هذا المصطلح أصبح شكليا بحكم اتساع وسائل التقنية والاتصالات فأصبح غير مطلق بتوقيع السفير، وعندها عليه أن يأخذ الرأي والإذن من دولته.
ومع اتساع المفاهيم ووضعها في قالبها المجازي يظل المسافرون للخارج سياحة أو تعليما سفراء لدولهم ما داموا يستشعرون هذه القيمة والمسؤولية، خاصة إذا كانوا مسافرين لبلد ومجتمع متعدد الأعراق فيتحتم على هذا السفير أن يراقب نفسه وعاداته باستمرار ليتجنب التغير الطارئ في سلوكه من حيث لا يشعر سواء التأثر ببعض العادات في هذا البلد مما لم يعرفه في بلده، فبعضهم خلط بشكل كبير بين الإسلام وبين عاداتهم وتقاليدهم التي ورثوها عن آبائهم والتي يحسبونها من الدين الإسلامي سواء جهلا أو عمدا.
ومن يتابع جهود الطلاب السعوديين في الخارج «المبتعثين» يلحظ الأثر الإيجابي فيمن حولهم، فالأندية الطلابية مثال واضح لذلك خاصة لمن زارهم، فأثر الحرمين الشريفين ما زال ظاهرا، فتجد المسلم يفرح ويبش في وجهك إذا عرف أنك من بلاد الحرمين، ولعل هذا يضاعف الضريبة على السفراء بالالتزام بالأخلاق الإسلامية الفاضلة، وتجنب الأخطاء قدر الإمكان، فكم جميل أن نكون مفاتيح للخير، مغاليق للشر نسير ببصماتنا الإيجابية لنزرع غراسها في كل الميادين العلمية والعملية، وفي هذا المحور أتذكر كلمة الرافعي حين قال : «إذا أنت لم تزد شيئا على الدنيا كنت أنت زائدا على الدنيا»، ولعل بعد أيام ينتهي موسم النفرة الصيفية للخارج للسياحة والهروب من عناء الحر ليرجعوا إلى أوطانهم، فهل كانوا مستشعرين أنهم سفراء؟ وهل أبقوا رسالة حضارية وأخلاقية استشعرتها العائلة السعودية بسفرها؟
فكم جميل من سفرائنا فوق العادة أن يأخذوا من جماليات الطبيعة ويتحدوا مع عبيرها ويصادقوا حسنها لينعكس جمالا في السلوك والتصرف، وسيظل الأجمل دائما أن نعيش في محيط يزيد في رصيد ايجابيتنا وأثرنا الطيب، وأن نكون فعلا خير من يمثل بلاد الحرمين خاصة إن أثرنا في أهلها تأثيرا إيجابيا يعود علينا وعلى وطننا بالخير الكبير.
ولعل ما اتخذته حكومة النمسا أخيرا من طلب تخفيض التأشيرات عن بعض دول خليجية بسبب عدم احترام الذوق العام والحفاظ على البيئة وحقوق الإنسان مؤشر سلبي، فهل ستتخذ بعض الدول السياحية في العالم موقفا سلبيا لتحد مستقبلا من عدد السياح الخليجيين؟ !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.