أبلغ وزير الأمن الإسرائيلي، موشيه يعلون، جهاز الشاباك بأنه سيؤيد الاعتقال الإداري ضد نشطاء في اليمين المتطرف المشتبهين بالضلوع في اعتداءات إرهابية بحق فلسطينيين، وفي الحالات التي لا تتوفر فيها أدلة كافية تسمح بتقديمهم إلى المحاكمة. وقالت صحيفة «هآرتس»: إن أقوال يعلون جاءت في أعقاب الاعتداء الإرهابي الذي نفّذه مستوطنون متطرفون في قرية دوما قرب نابلس، ليلة الخميس/الجمعة الماضية، وأسفرت عن حرق الطفل الرضيع -علي دوابشة- وإصابة والديه وشقيقه الذين يرقدون في مستشفيات إسرائيلية، وما زالت حالتهم حرجة. ووفقا لوسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن يعلون صادق في المضي على إصدار أوامر إبعاد عن الضفة الغربيةالمحتلة بحق مستوطنين متطرفين أعضاء في تنظيم «جباية الثمن» الإرهابي، لكنه يعتقد أن الاعتداء الإرهابي في دوما يستوجب استخدام إجراءات أشد. لكن من الجدير بالذكر أنه رغم ارتكاب آلاف اعتداءات «جباية الثمن» الإرهابية خلال السنوات الماضية إلا أن سلطات الاحتلال الإسرائيلية امتنعت عن تقديم أحد الإرهابيين اليهود المتطرفين للمحاكمة. وقال مصادر إسرائيلية وفلسطينية: إن أجهزة الأمن الإسرائيلية والفلسطينية أجرت خلال اليومين الماضيين اتصالات مكثفة لتنسيق أنشطة مشتركة ترمي إلى منع تصعيد الوضع في الضفة في أعقاب استشهاد الطفل دوابشة. وقد وقعت مواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال في الضفة، خلال اليومين الماضيين، أسفرت عن استشهاد الفتى ليث الخالدي عند حاجز عطارة قرب بير زيت، والفتى محمد المصري خلال مظاهرة بالقرب من الحدود مع قطاع غزة. كذلك أُصيب عدد من الشبان الفلسطينيين في هذه المواجهات. وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن السلطة الفلسطينية تبذل جهدا من أجل إحباط «موجة عنف واسعة» في أعقاب الاعتداء الإرهابي في دوما. رغم ذلك فإن التحسّب في إسرائيل من تنفيذ فلسطينيين عمليات من جانب حركة حماس وكتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح، أو إقدام أفراد فلسطينيين على تنفيذ عمليات طعن أو دهس. ونقلت الصحيفة عن مصدر أمني إسرائيلي رفيع قوله: إنه لن يتفاجأ إذا تبين وجود علاقة بين هدم المبنيين في مستوطنة «بيت إيل»، يوم الخميس الماضي، والاعتداء الإرهابي في قرية دوما، واتهم وزراء إسرائيليين «بنشر دعاية كاذبة» حول الظروف القضائية التي جرى الهدم بسببها. وقال: إن «وسائل الإعلام التابعة للمستوطنين حوّلت البنايتين الفارغتين إلى جبل الهيكل» في إشارة إلى المسجد الأقصى المبارك. فلسطينياً، قال مسؤول في قيادة السلطة الفلسطينية: «إن الرئيس محمود عباس أعطى تعليمات بمنع أي عمل مسلح في الضفة الغربيةالمحتلة، للرد على جريمة حرق الطفل علي سعد دوابشة (عام ونصف) على أيدي مستوطنين الجمعة». وذكر عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» بعد اجتماع اللجنة أمس «أن الرئيس عباس يريد أن يستغل العملية في تحريك المقاومة الشعبية في مناطق الضفة الغربية، مع الأخذ بمحاذير كبيرة، لمنع تجاوزها الخط الشعبي». وأضاف: «في ذلك الاجتماع للقيادة، فهم الجميع أن (أبومازن) لا يريد أي عمل مسلح يرد فيه الفلسطينيون على جريمة حرق الطفل دوابشة». وأفاد بأن التعليمات تتضمن العمل في المرحلة الأولى على تقنين مناطق المواجهة الشعبية التي يتوقع أن تتحول حال شهدت سخونة أكثر، إلى أعمال مقاومة مسلحة، وقد حددت نقاط كثيرة للعمل في مجال المقاومة الشعبية مثل الأراضي المهددة بالمصادرة، وهو مسعى الهدف منه استغلال حادثة الحرق عالميًا لإجبار «إسرائيل» عن ترك قرار المصادرة لتلك الأراضي لضمها للمستوطنات. وتشمل نقاط المواجهة الشعبية كذلك، بعض المناطق القريبة من الحواجز العسكرية التي تعيق الحياة في الضفة الغربية وتقطع أواصرها.ومن أجل ذلك -والحديث ما زال للقيادي في السلطة- وضعت غرفة عمليات مشتركة للأجهزة الأمنية خطة عمل كاملة، ترتكز على الاستعداد لأي طارئ من خلال نشر قوات أمنية في المناطق الساخنة. وبحسبه، فإن هذا النشر الأمني تواكبه تحركات وعمل أمني مخفي لمنع أي هجوم مسلح، خاصة وأن الخطة لا تهمل تهديدات العديد من الفصائل العسكرية المسلحة، التي دعت من غزة بعد العملية المقاومة العسكرية في الضفة الغربية للرد السريع على العملية البشعة. وكانت رابطة علماء فلسطين المقاومة الفلسطينية قد طالبت بردع المستوطنين وقوات الاحتلال الإسرائيلي بكل ما عندها من إمكانيات، لأنه لا يجوز الصمت على جرائمهم البشعة بحق الفلسطينيين.وقالت الرابطة في بيان صحفي الأحد: إن «وتيرة الإرهاب الصهيوني تزداد في هذه الأيام ضد الحجر والشجر والبشر، ولم ينجُ من هذا الإرهاب بيت مقدس، أو شيخ هرم، أو امرأة مسنة، أو طفل رضيع، أو شجرة منتجة، إرهاب شمل مرافق الحياة كلها». وأضافت: إن «الجرائم الإسرائيلية، والتي كان آخرها إحراق الطفل علي دوابشة تدل دلالة قاطعة على أن قطعان المستوطنين ومن يحميهم من الجيش الإرهابي المجرم لا علاقة له بإنسانية، ولا أخلاق، ولا قيم، وهم يتلذذون بهذه الجرائم البشعة». وانتقدت صمت العالم حيال تلك الجرائم، قائلة: «العالم كله يتفرج، وينظر إلى هذا الإرهاب بدم بارد، لا يحرك من أجله ساكنًا، ولا يسكن متحركًا». ودعت الرابطة علماء الأمة إلى هبة عالمية عارمة «لبيان فساد هؤلاء الشرذمة المارقة عن القيم والإنسانية عبر التاريخ». إطلاق صاروخين من قطاع غزة بدورها، أطلقت فصائل المقاومة في قطاع غزة صاروخين باتجاه المستوطنات الإسرائيلية في محيط القطاع المحاصر، بعد منتصف الليلة الماضية، ويرجح أنهما سقطا قرب الشريط الحدودي بين القطاع وإسرائيل دون تسجيل إصابات أو أضرار. وقالت مصادر في جيش الاحتلال، فجر الأحد: إن أحد الصواريخ سقط في الجانب الإسرائيلي من الشريط الحدودي. ولم يتم تشغيل صفارات الإنذار في المستوطنات الإسرائيلية المحاذية للشريط الحدودي، فيما تحاول قوات الاحتلال البحث عن مكان سقوط الصاروخين. ووفقا لجيش الاحتلال، فإن هذه المرة ال 11 التي تُطلق فيها صواريخ من القطاع باتجاه إسرائيل منذ الحرب العدوانية على غزة في الصيف الماضي. من جانبه، هاجم رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، الأحد، السلطة الفلسطينية قائلاً: إننا «خلافا لجيراننا، نحن ننبذ ونستنكر (الإرهاب)، هم يسمون الميدان على أسماء قتلة أطفال» على حد زعمه.وبعد يومين من جريمة إحراق منزل عائلة دوابشة في قرية دوما، اختار نتنياهو أن يستهل جلسة حكومته الأسبوعية، أمس، بمهاجمة سلطته، وقال: إنه «في الأيام الأخيرة شهدنا جريمتين بشعتين»، في إشارة إلى جريمة دوما والاعتداء على مسيرة المثليين في القدس، وأن سياسة حكومته هي إنهاء هذه الجرائم وأنه أصدر تعليماته لأجهزة الأمن بإلقاء القبض على القتلة ومعاقبتهم. وهاتف نتنياهو يوم الجمعة الماضي الرئيس الفلسطيني، محمود عبّاس، أبلغه خلالها بأنه زار عائلة الشهيد الرضيع علي دوابشة في المشفى. وقالت مصادر إسرائيلية: إن نتنياهو تعهد لعبّاس بالعمل على إلقاء القبض على منفّذي العملية الإرهابية بحق عائلة دوابشة، غاضًا النظر عن كون العملية الإرهابية ناتجة عن تحريض مستمر من قبل حكومته اليمينية، وتساهلها مع اعتداءات المستوطنين المستمرة بحق الشعب الفلسطيني. كما هاجمت وزيرة الثقافة الإسرائيلية، المتطرفة -ميري ريغيف-، الشعب الفلسطيني، داعية لدعم الاستيطان. ووصفت النائبة المتطرفة في الكنيست الإسرائيلي، في مقابلة مع القناة الإسرائيلية العاشرة، عملية حرق عائلة دوابشة في نابلس بأنها «حالة شاذة لا يمكن تعميمها». وقالت: «إنه على حكومة إسرائيل دعم الاستيطان وبناء المزيد من الوحدات الاستيطانية في الضفة الغربية، والعملية التي حصلت أمس ليست إلا حالة شاذة». وحاولت ريغيف الربط بين المقاومين الفلسطينيين المدافعين عن أرضهم، وبين الإرهابيين المستوطنين منفذي العملية الإرهابية في قرية دوما. كما قالت «إن إسرائيل أدانت العمل الإرهابي في الوقت الذي تقوم به السلطة الفلسطينية بدعم منفّذي العمليات، وتدعم عائلاتهم». وعند سؤالها عن تعامل جيش الاحتلال مع المستوطنين، زعمت ريغيف «إن جيش الاحتلال يعامل المستوطن والعربي بذات المعاملة، غاضة النظر عن كون اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية تتم بحماية جنود جيش الاحتلال ذاتهم».