سعت إسرائيل إلى احتواء التبعات المتوقعة من الجريمة التي نفذها مستوطنون في قرية دوما جنوب نابلس بإحراق بيت عائلة سعد دوابشة وقتل الطفل علي حرقاً، فدان سدنتها كلهم العملية واعتبروها «عملية إرهابية يهودية»، متوعدين باعتقال منفذيها ومن أرسلهم بأقصى سرعة لتقديمهم للمحاكمة. لكن منظمة «بتسيلم» الإسرائيلية التي ترصد انتهاكات جيش الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة ذكّرتهم بأنه خلال العامين الماضيين أحرق مستوطنون تسعة منازل فلسطينية ولم تتم محاكمة أي من المنفذين. وترأس رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو جلسة مشاورات مع وزيري الدفاع والأمن الداخلي موشيه يعالون ويغآل اردان، وأجرى اتصالات مع قادة الأجهزة الأمنية، وقال إنه أعطى تعليماته لقوات الجيش بالتحرك بسرعة لاعتقال الفعلة. ورفع جيش الاحتلال، بتعليمات من رئيس هيئة أركان الجيش الجنرال غادي أيزنكوت، حال التأهب في أنحاء الضفة والقدسالمحتلة تحسباً ل «تدهور الوضع وفقدان السيطرة عليه»، وتم نقل أربعة فرق من المشاة لمنطقة القرية الفلسطينية لمعاونة القوات هناك على «الاستعداد لاحتمال وقوع عمليات انتقامية ضد المستوطنين وقوات الاحتلال ومحاولة تسلل الى مستوطنات». ونقلت وسائل الإعلام عن قيادة المؤسسة الأمنية مخاوفها من أن تشعل جريمة القتل الوضع في أنحاء مختلفة في الضفة. وذكرت الإذاعة أن أيزنكوت أجرى جلسات تقويم للأوضاع مع قادة المؤسسة الأمنية، معتبراً ما حصل «حادثاً خطيراً للغاية». كما انتشرت قوات كبيرة من الشرطة في محيط المسجد الأقصى في القدسالمحتلة قبل صلاة الجمعة وبعدها، وقرر قائد شرطة القدسالمحتلة تحديد سن الرجال المسموح لهم بالصلاة في المسجد ب50 عاماً وما فوق. وأعلنت الشرطة رفع التأهب في صفوفها، خصوصاً شمال إسرائيل إلى الدرجة قبل القصوى تحسباً لتظاهرات احتجاجية جرت في بلدات مختلفة. وندد نتانياهو، ب»العملية الإرهابية»، وقال إنه «مصدوم من هول هذا العمل الفظيع والإجرامي». وأضاف أن إسرائيل تتعامل بشدة ضد الإرهاب «بغض النظر عن هوية مرتكبيه»، وأنه أصدر تعليماته لقوات الأمن المختلفة بالتحرك بكل الوسائل المتاحة لاعتقال القتلة وتقديمهم بأسرع وقت للمحاكمة. وطلب من قادة الأجهزة الأمنية المختلفة إطلاع السلطة الفلسطينية على عمليات التفتيش الواسعة التي قامت بها قوات الاحتلال في عدد من المستوطنات بحثاً عن منفذي العملية. وأفادت الإذاعة العامة أن «منسق شؤون الاحتلال» العقيد يوآف مردخاي أجرى اتصالات مع مسؤولين كبار في الحكومة الفلسطينية وأجهزة أمنها ليؤكد لهم أن إسرائيل تندد بشدة بقتل الطفل، وأن قوات أمنها تقوم بكل جهد لاعتقال القتلة. واعتبر وزير الدفاع ان إحراق المنزل وقتل الطفل «عملية إرهابية صعبة لا يمكن تحملها، ونستنكرها أشد استنكار». وأضاف أن قوات الجيش والشرطة وجهاز الأمن الداخلي (شاباك) تقوم بجهد كبير لاعتقال المنفذين، «وسنلاحقهم حتى نعتقلهم لأن إسرائيل لن تسمح لمخربين يهود بالمس بحياة فلسطينيين في أنحاء الضفة وسنحاربهم بشدة وبكل الوسائل والأدوات التي نملكها، كما سنتعامل بصرامة مع مرسليهم ومع من يغذيهم، ولا نية لدينا بالتهاون». وبعث بتعازيه لعائلة دوابشة، متمنياً الشفاء للجرحى «الذين نقلناهم بمروحية عسكرية الى مستشفيات إسرائيلية». ودعا الأطراف في إسرائيل الى التنديد بهذه الجريمة بكل وضوح، مضيفاً ان إسرائيل تنسق مع السلطة لمنع تفاقم الوضع، «وندعوها أيضاً إلى التهدئة وعدم تأجيج الخواطر في هذه الساعة العصيبة». وقال الناطق بلسان الجيش إن الجيش يعتبر ما حصل «عملاً إرهابياً، ويندد بشدة بكل العمليات الإرهابية في يهودا والسامرة (الضفة)، بما في ذلك الإرهاب اليهودي». وأضاف أن قوات الجيش وأجهزة الأمن ستواصل العمل للحفاظ على النظام والأمن في منطقة يهودا والسامرة». وقال وزير الأمن الداخلي إن من قام بهذه الجريمة البشعة يجب أن ينهي باقي سنوات عمره وراء القضبان، «فالحديث عن عملية إرهابية فظيعة تضاف إلى سلسلة العمليات البشعة القذرة التي تهدد حياتنا المشتركة في المنطقة، وتهدد مستقبلنا». وأضاف: «علينا أن نعمل ليل نهار من أجل أن نلفظ من بيننا الأوغاد الذين كانوا ضالعين في هذا العمل غير الإنساني». وانضم قادة المستوطنين إلى المنددين، وقال زعيم «البيت اليهودي» الوزير نفتالي بينيت إن ما حصل ليس عملية كراهية أو تدفيع ثمن «إنما هذا قتل، وإحراق البيت وقتل الطفل هما عمل إرهابي مخيف لا يتحمله العقل». وقال مجلس المستوطنات في بيان إنه «يشعر بالصدمة من حادث القتل الرهيب، ويشد على أيدي قوات الأمن بملاحقة المجرمين واعتقالهم بسرعة ومعاقبتهم». واعتبرت «القائمة (العربية) المشتركة» في الكنيست في بيان أن جريمة قتل الطفل الفلسطيني علي سعد دوابشة حرقاً وإشعال النيران بمنزلين من منظمات الإرهاب الاستيطاني «هي جريمة حرب تضاف لجرائم الاحتلال الإسرائيلي المتفاقمة في ظل أجواء فاشية». وأضافت ان «سياسة حكومة نتانياهو العنصرية والمتطرفة تشجع المتطرفين والإرهابيين على مواصلة ارتكاب جرائم تدفيع الثمن والكراهية ضد الفلسطينيين». وتابعت أن «منظمات المستوطنين واليمين المتطرف الإرهابية تستقي إلهامها لتنفيذ جرائمها من الاحتلال الإسرائيلي، وهو مصدر العنف والقتل والحرب، ومن آبائها الروحيين الجالسين في الحكومة والكنيست».