وفقًا لبعض التقارير فإن من المرجّح أن يصل الإنفاق على قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في دول مجلس التعاون الخليجي إلى نحو 200 مليار دولار خلال الأعوام 2014 – 2016، مما يتوقع معه توليد عشرات الآلاف من الوظائف الموجّهة للعمالة الوطنية. وفي حين أصبح العالم يتحوّل بشكل متزايد نحو النظام الرقمي، أخذت دول التعاون تركّز مساعيها لمواكبة التطورات العالمية في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتتراوح هذه الجهود من الاستثمار الحكومي المباشر في البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات مثل شبكات الاتصال عبر الانترنت والهواتف النقالة والثابتة إلى تحرير قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بهدف تحفيز نشاط القطاع الخاص. كما أن الإنفاق على هذا القطاع زاد بمعدل قوي في دول التعاون، خاصة في دولة الإمارات، والسعودية، حيث نما الإنفاق على البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات بمعدل نمو سنوي مركّب 18 في المائة خلال الأعوام الخمسة الماضية (تبعًا لبيانات الاتحاد العالمي لتكنولوجيا وخدمات المعلومات WITSA)، علاوة على أن معظم أسواق الاتصالات في المنطقة قد تحررت وأصبحت فيها التنافسية عالية. وتأمل دول التعاون أن تؤدي هذه الاستثمارات لخلق المزيد من الوظائف ذات الدخل المجزي للمواطنين. وبيّن تقرير أصدره البنك الدولي أن هناك قناعة متزايدة في كافة أنحاء العالم بأن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تحقق تحولًا في أسواق العمل، وتخلق فرص عمل جديدة وتجعل أسواق العمل أكثر ابتكارًا واشتمالًا وعالمية. وحول كيفية مساهمة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في زيادة فرص التوظيف، تبرز ثلاثة توجّهات تدفع نحو زيادة الوظائف المرتبطة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في كافة أنحاء العالم. وأول هذه التوجهات هو زيادة الربط الشبكي- هناك أكثر من 120 بلدًا تصل فيه نسبة استخدام الهواتف المحمولة إلى أكثر من 80 بالمائة بين السكان. والثاني هو تحويل المزيد من أوجه العمل إلى بيانات رقمية – اليوم، أصبح العمل عن بُعد وتعهيد مهام العمل ممارسات عمل معتادة عالميًا. أما الثالث فهو زيادة عولمة المهارات: أصبحت الهند والفلبين مراكز رئيسية لتعهيد مهام العمل وذلك بفضل مهاراتهما في اللغة الإنجليزية، بينما تضع بلدان أخرى أعينها على هذا القطاع من أجل النمو في المستقبل. وتؤثر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على التوظيف باعتبارها صناعة تولد المزيد من الوظائف وكأداة تمكّن العمال من الحصول على أنواع جديدة من العمل بطرقٍ جديدة وأكثر مرونة. وتمثل الفرص الوليدة والقائمة على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أهمية من منطلق أن مختلف بلدان العالم تبحث عن خلق المزيد من الوظائف الجيدة ذات الأثر الاجتماعي والاقتصادي الإيجابي للعمالة والمجتمع. كما تتيح تكنولوجيا المعلومات والاتصالات منافذ جديدة لخلق الوظائف التي يمكن أن تساعد على معالجة البطالة العالمية.. ولنأخذ صناعة تطبيقات الهاتف المحمول: فشركة تقدّم تطبيقات رقمية لمتجر تطبيقات آبل، على سبيل المثال، تستطيع الدخول على حسابات 500 مليون شخص ممن لهم حساب على متجر آبل. لقد بات قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يربط الناس بالوظائف.. فأسواق التوظيف على الإنترنت تساعد حاليًا ما يقرب من 12 مليون شخص في مختلف أنحاء العالم على العثور على عمل من خلال ربطهم بأرباب العمل في جميع أنحاء العالم.. وليست مواقع باباجوب في الهند، ودوما و إم-كازي في كينيا، وسوقتيل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سوى أمثلة لخدمات البحث عن الوظائف باستخدام أدوات تقوم على الإنترنت والهواتف المحمولة.. ومثل هذه الخدمات تجعل أسواق العمل أكثر اشتمالًا لفئات المجتمع. كما تساعد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على توفير أشكال جديدة وأكثر مرونة من التوظيف والعمل مثل التعاقد عبر الإنترنت الذي يستخدم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لزيادة سبل الوصول إلى فرص العمل في مختلف أنحاء العالم، خاصة لأصحاب الأعمال الأصغر حجمًا. ويشمل مقدّمي الخدمات الشهيرة موقعي oDesk وElance.. ففي عام 2012، تم الإعلان عن حوالي 2.5 مليون وظيفة على هذين الموقعَين، وتتراوح تخصصاتها من الكتابة إلى خدمة العملاء فتطوير البرامج. أما منتديات الأعمال الدقيقة مثل CloudFactory MobileWorks Samasource فتقوم بتقسيم إجراءات العمل الكبيرة إلى مهام منفردة وأصغر حجمًا – كإدخال البيانات والتدقيق، وكتابة النصوص أو التصميم البياني- وتوزيعها على العمالة في مختلف المناطق الجغرافية.. ويقدّر المحللون حجم السوق اليوم بنحو مليار دولار ويتوقعون نموه ليصل إلى 5 مليارات دولار بحلول عام 2018. وتخلق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الفرص، لكنها في الوقت نفسه تشكّل تحديًا أمام العمالة وأصحاب العمل. ويتسم الكثير من فرص العمل التي تعتمد على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بأنها مؤقتة أو مقيدة بعقود محددة، على سبيل المثال، مما يؤدي إلى فصل العمل عن شبكات الأمان الاجتماعي كالتأمين الصحي أو المعاشات.. لكنها، بالنسبة للشباب على وجه الخصوص، ترسم طريقًا نحو مسارات مهنية أكثر رسمية، فضلًا عن أنها توفر دخولًا إضافية. ولتعظيم الأثر الإيجابي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات على الوظائف، يوصي تقرير البنك الدولي بأن ينتبه واضعو السياسات إلى توفير أنظمة مساعدة تدعم تحقيق هذا الهدف مثل أنظمة رأس المال البشري وهي تجمعات للعمالة تتمتع بمهارات في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وبالوعي وبالمهارات التكنولوجية التي ترجّح الميزة التنافسية في سوق العمل.. وكذلك أنظمة البنية الأساسية وهي الاتصال في كل مكان بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات؛ والحصول على الكهرباء والنقل؛ والبنية الأساسية لدعم الابتكار وتبني تكنولوجيا المشاريع الصغيرة والمتوسطة.