انتهت منذ أيام قليلة القمة العالمية للطاقة، والتي شهدت مشاركة كبيرة من الشركات العالمية المهتمة والمنتجة للطاقة. وما نقف عليه من هذه القمة هو مدى اهتمام العالم بإيجاد بدائل للطاقة من خلال ابتكار أفضل الاختراعات التي تعمل بالطاقة النظيفة، بحيث تحل محل ما يعمل بالطاقة التقليدية. ومع توقعاتٍ بازدياد التعداد العالمي للسكان إلى أكثر من 9 مليارات نسمة بحلول عام 2050، نجد أن ذلك يضع ضغوطًا هائلة على الموارد الطبيعية وموارد الطاقة، فالعالم يجب أن يجد طرقًا جديدة لتحفيز التطور اجتماعيًّا واقتصاديًّا، وفي أثناء ذلك، العمل على تقليل الأثر البيئي. ومن أبرز ما قُدِّم خلال القمة العالمية للطاقة من شركات الطاقة ما قدّمته الشركات الألمانية، وهو مشروع رائد مشترك مع سويسرا لإنتاج أول طائرة تعمل بالطاقة الشمسية، ما يعكس جرأة الابتكارات الأوروبية مقارنة بغيرها من الشركات الآسيوية التي تأمل التهام جزءٍ كبيرٍ من كعكة المنطقة العربية المتعطشة إلى الطاقة البديلة. وتقود الصين المساعي الآسيوية التي تركّز على طاقة الألواح الشمسية، حيث شاركت بأربعين شركة أبرزها «صن تك» التي تعدّ أكبر منتج في العالم لألواح الطاقة الشمسية السيليكونية المتبلورة، وصدرت منتجاتها من الطاقة الشمسية إلى أكثر من 80 بلدًا خلال الأعوام الثمانية الماضية. في الوقت الذي يُثير فيه مشروع ألماني لإنتاج الطاقة من الرياح في الصحراء التي تفصل جزءي القارة الأفريقية، الجدل والنقاش، تجد حكومات أفريقيا ما وراء الصحراء في منتجات الصين بديلًا مناسبًا لها. وفي هذا الصدد يقول باسكال فوزي مدير شركة «أفري تك» للطاقة البديلة والذي أوضح، في تصريحات لدويتشه فيلله، أنّه موفد من قبل هيئات أفريقية رسمية: «أوروبا تفرض شروطًا صعبة على الدول الفقيرة، وإضافة إلى سعر منتجاتها المكلف زادت عليه شروطًا تدخل في صميم سيادة الدول وهو ما لا ينطبق على الصين». ولم تكن المملكة العربية السعودية لتتخلف عن طريق تطوير وسائل الطاقة النظيفة والطاقة المتجددة في شتى صورها، ووفق أحدث أساليب الإنتاج والتطبيق. حيث نجد مؤشرات «إرنست ويونغ» حول الدول الأكثر جاذبية في قطاع الطاقة المتجددة، تفيد أن كلًا من السعودية، ومصر، والمغرب، تقود مساعي تطوير قطاع الطاقة المتجددة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وذلك بفضل احتلالها مرتبة عالية من حيث إمكانات طاقة الرياح والطاقة الشمسية، في الوقت الذي يتوقع فيه الخبراء والمختصون أن تتحوّل المملكة إلى واحدة من أهم منتجي الطاقة الشمسية النظيفة في العالم، وأن تتمكّن خلال السنوات المقبلة من تصديرها إلى العالم، لتصبح أكبر منتج للطاقة التقليدية والطاقة المتجددة على مستوى العالم في نفس الوقت، حيث من المتوقع للمملكة ان تتمكّن من تشغيل محطات للطاقة الشمسية بقدرةٍ إنتاجيةٍ تصل إلى 41 جيجاوات بحلول العام 2032، وهي المشاريع التي من المفترض أن تلبّي أكثر من 30% من حاجات المملكة من الكهرباء. ووصفت جريدة «فايننشيال تايمز» البريطانية هذه المشاريع السعودية العملاقة بأنها «طموحة»، وقالت إن السنوات المقبلة ستكون كفيلة باختبار هذه المشروعات وقدرتها على النجاح، ويعتقد أنه عند انتهاء النفط ستكون السعودية الأولى عالميًا في الطاقة الشمسية. وليس أدل على ذلك من تصريح الشركة السعودية للكهرباء بنجاحها في زيادة رقعة توليد الطاقة الكهربائية النظيفة لديها من خلال استخدام الدورة المركبة وأنها أنتجت خلال العام الماضي 18% من الطاقة النظيفة مقارنة ب 8% عام 2010م، بينما انخفض استخدام الدورة البسيطة من 50% عام 2010م إلى 38% عام 2014م، مشيرة إلى أنها تمكّنت خلال العام الماضي فقط من معالجة 3 ملايين لتر من زيوت المحوّلات وإعادة استخدامها بعد أن كان يتم التخلص منها قبل ذلك كنفايات خطرة. ولن ننسى أنه قد تمّ إنشاء مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة استجابةً للأمر الملكي أ/35 للملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود «يرحمه الله» بتاريخ 3 جمادى الأولى 1431ه، والموافق 17 أبريل 2010م، وذلك بهدف بناء مستقبل مستدام للمملكة العربية السعودية من خلال إدراج مصادر الطاقة الذرية والمتجددة ضمن منظومة الطاقة المحلية. * خبير الشؤون الإعلامية والعلاقات العامة