في الوقت الذي فشل فيه محافظ بنك اليابان هاروهيكو كورودا في الحصول على الكثير من الزخم في مسعاه لإنعاش اقتصاد بلاده، ينبغي عليه أن يفكر بالرجل الذي حذره من احتمالية حدوث هذا ماساكي شيراكاوا، المحافظ السابق للبنك. وكان ماساكي شيراكاوا ضد آلان جرينسبان منذ أن ترك بنك اليابان في مارس 2013. وبينما كان يظهر محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي السابق في جميع أنحاء شاشات التلفزيون للدفاع عن تراثه، شيراكاوا كان نادرا ما يتحدث. حتى عندما افترت حكومة رئيس الوزراء شينزو آبي على ولايته التي دامت ما يقرب من خمس سنوات واتهمته بأنه كان خجولا جدا في مكافحة الانكماش، التزم الصمت بشكل ملحوظ. وعندما كان لا يزال في منصبه، ادعى شيراكاوا دائما أن أسباب الانكماش في اليابان كانت تكمن في صرامة الاقتصاد والتشكيلة السكانية غير المناسبة (نظراً للنسبة العالية لكبار السن)، وليست في نقص المعروض من النقود. حتى الآن لم يعترف كورودا بهذه النقطة صراحة، وإن كانت إجراءات مصرفه تفعل ذلك أساسا. وعدد كبير من التقارير المشجعة التي بدأ مسؤولو بنك اليابان المركزي بإصدارها هي بمثابة اعتراف ضمني بأن جهود كورودا في التحفيز النقدي قد باءت بالفشل، بل إن البنك غيَّر منهجيته لقياس التضخم ولذلك فإن البيانات تناسب الرواية المفضلة للبنك المركزي. مما لا شك فيه أن التضخم المستمر قد يقدم لرئيس الوزراء الياباني شينزو آبي حقوق المفاخرة الكبرى، والدفاع عن قراره بإعفاء شيراكاوا من منصبه واتخاذ اتجاه أكثر نشاطا وقوة لإنهاء محنة أزمة «العقد الضائع» في اليابان. ولكن عمليات التغيير والتبديل في البيانات ليست هي الطريق للقيام بذلك. ومصداقية الهند لا تزال تتلقى ضربات من إعادة الحساب المفاجئ في عام 2014 للناتج المحلي الإجمالي للبلاد، من 4.7 في المائة إلى 6.9 في المائة. في ذلك الوقت، أعرب روتشار شارما، من بنك مورجان ستانلي عن غضبه؛ لأن المسؤولين كانوا «يحطمون مصداقية الهند، ويجعلون مكتب الاحصاءات التابع لها أضحوكة في الدوائر المالية العالمية». الرهانات تعتبر أعلى عندما يلجأ ثالث أكبر اقتصاد في العالم لهذا النوع من التلاعب المبتكر في البيانات. وفي ورقة بحثية جديدة، يجادل مسؤولو البنك المركزي الياباني بقيادة كويشيرو كامادا حول أن «هدف استقرار الأسعار والتيسير النقدي الكمي والنوعي، الذي قدمه البنك في عام 2013، ساهم في تعزيز مرساة توقعات التضخم». من المؤسف أن البيانات وأسعار الفائدة على السندات لا تنسجم مع هذا الرأي. العائد على السندات الحكومية لأجل 10 سنوات هو في الوقت الحالي بحدود 0.43 في المائة، أي أقل من نسبة 0.54 في المائة التي كانت سائدة قبل 12 شهرا. إذا كان ذلك يدل على أي شيء، فهو عكس ما يجادل بنك اليابان بأنه صحيح. وفي الوقت نفسه، تكثيف البنك المركزي الياباني لجهوده لتعديل الإحصاءات الرسمية بدأ يثبت عدم فعاليته. حاول الاقتصاديون في البنك أن يدفعوا خبراء الإحصاء السكاني في الحكومة لزيادة احتساب الآثار المترتبة على تدهور نوعية المساكن المستأجرة على مر الزمن، والتي يقولون إنها ستسمح لمؤشر الأسعار الاستهلاكية أن يعبر بشكل أفضل عن تكاليف المعيشة. وقد يعطي أيضا المستثمرين الإحساس بأن التضخم آخذ في الارتفاع بشكل أسرع نحو الهدف 2 في المائة. ولكن ساي اويدا، مدير بيانات أسعار الحكومة، يقول إن مكتب الاحصاءات واثق من أنه يقيس بدقة تكاليف السكن. والحقيقة هي أن فريق كورودا قد مضى إلى أبعد مسافة يستطيعها في عمليتين لحقن النقدية الضخمة منذ أبريل 2013. وبالإضافة إلى شراء نحو 700 مليار دولار من سندات الحكومة سنويا يضخ بنك اليابان أموالا في كل شيء بدءا من الأوراق المالية المدعومة بالأصول إلى الصناديق المدرجة بالبورصة. ويمكن رؤية النتائج في الارتفاع بنسبة 56 في المائة في مؤشر نيكاي للأسهم، ولكن ليس في المناطق اللازمة لتوليد الانتعاش المستدام مثل المكاسب الكبيرة في الأجور، أو استثمارات رأس المال من قبل الشركات الضخمة. وبعبارة أخرى، كل شيء قد سار تماما كما تنبأ شيراكاوا، سلف كورودا. وذلك ما أدى إلى لجوء بنك اليابان إلى الهتاف حول الأرقام. يواصل فريق كورودا إنتاج التقرير بعد التقرير للإصرار على أن جهود الانعاش آخذة في النجاح. الموضوع المشترك (بما في ذلك تقرير الأسبوع الماضي من قبل كامادا) هو أن قرارات بنك اليابان ترفع الاتجاه العام للتضخم، وتحفز الاقتصاد وتخفف الظروف المالية. ولكن يبدو أن صندوق النقد الدولي لم يقرأ المذكرة. إذ أنه خفّض فقط توقعاته لنمو الاقتصاد الياباني هذا العام إلى 0.8 في المائة من التنبؤ بنسبة 1 في المائة في أبريل الماضي. وإذا أراد كورودا تحفيز أي جمهور فإن ذلك فينبغي أن يكون هذا الجمهور هو مجلس وزراء آبي. كما حذر محافظو البنك المركزي الياباني في الماضي، فإن إنهاء الانكماش يتطلب ما هو أكثر بكثير من طباعة الين أو تحريك قائمتي مرمى البيانات. وبصرف النظر عن انخفاض قيمة الين والجهود المتواضعة لتحسين حوكمة الشركات، لم تفعل الحكومة شيئا يذكر لإعادة تشكيل الاقتصاد. لا تزال الخطط لتشجيع الشركات الناشئة، وتخفيف القيود الشديدة في أسواق العمل، والحد من البيروقراطية، وتحسين الاستفادة من القوى العاملة النسائية، إلى حد كبير حبرا على ورق. كان من المفترض لطفرة كورودا النقدية تمهيد الطريق للعلاج الهيكلي بالصدمة، ولكن هذا لم يتحقق. يجب على كورودا أن يعرف أن التصفيق لفشل الحكومة لن يفعل الكثير لاستعادة مصداقيته.