بلغت كمية النفط المتداول بين الدول للعام 2014م حوالي 42 مليون برميل باليوم وهي تشكل حوالي 45% من اجمالي الإنتاج العالمي للنفط. ولقد صدرت دول اوبك حوالي 24 مليون برميل باليوم وروسيا 7 ملايين برميل باليوم والنرويج وكندا وعمان وكاراخستان واذربيجان والمكسيك وكولومبيا حوالي 8 ملايين برميل باليوم. وتعد الصين اكبر مستورد في العالم متخطية الولاياتالمتحدة التي حلت ثانياً. استوردت الصين في العام الماضي 6.1 مليون برميل باليوم، 40% من هذا النفط جاء من كل من روسيا والعراق وايران وعمان بالتساوي، حوالي 0.6 مليون برميل باليوم لكل دولة. وكانت حصة المملكة من الاستيراد الصيني للنفط حوالي مليون برميل باليوم. أما بالنسبة للولايات المتحدة فلقد استوردت في عام 2014م حوالي 3 ملايين برميل باليوم من نفط اوبك مقارنة بحوالي 6 ملايين برميل باليوم في عام 2008م. وهذا يشير إلى تأثير الزيت الصخري على تجارة النفط العالمية. كانت امريكا اكبر مستورد لنفط الاوبك واصبحت الان ثالث اكبر مستورد بعد الصينواليابان. ولأن تصدير النفط الخام ممنوع في الولاياتالمتحدة، تنشط المصافي وشركات النفط الامريكية بتصدير المشتقات من جازولين وديزل ونافثا الى باقي دول العالم. صدرت امريكا في العام الماضي حوالي 3.7 مليون برميل باليوم من المشتقات النفطية. واما الهند فلقد بلغت محصلة تصديرها للمشتقات النفطية حوالي مليون برميل باليوم. تستورد اوروبا معظم نفطها من روسيا والنرويج ودول اوبك عدا ايران وتستورد امريكا النفط من دول امريكا الشمالية والجنوبية، واما من خارج الامريكيتين فتستورد 1.8 مليون برميل باليوم من المملكة والعراق والكويت. ولذلك فإن معظم النفط الايراني يذهب الى اسيا. فلو اضافت ايران مليون برميل باليوم لصادراتها بعد عام فهذا النفط سيذهب على الاغلب الى الاسواق الاسيوية. ولكن الامدادات في العالم تعاني من تخمة في المعروض مقابل تواضع في الطلب، وهذا ما يلقي سحابة من عدم وضوح الرؤية فيما لو بدأت ايران بزيادة الإنتاج. حالياً تعد الصين اكبر مستورد للنفط الايراني وتأتي بعدها الهند التي ارتفع استيرادها للنفط الايراني في الاشهر الاخيرة بحوالي 40%. وهذا يدل على اهتمام الهند بالنفط الايراني خاصة مع قرب المسافة بينهما وانخفاض تكلفة النقل والتأمين. وبعد الهند تأتي كل من اليابان وكوريا الجنوبية وتركيا المجاورة في استيراد النفط من ايران. والجدير بالذكر ان العقوبات الاوروبية تمنع شركات التأمين الاوروبية التي تهيمن على 90% من السوق العالمي تقديم تأمينات بحرية لضمان شحنات النفط القادمة من ايران؛ ولذلك يتفاوض كثير من شركات النفط الاسيوية مع ايران على اتفاق يسمح باستئناف صادرات النفط الايراني مع تحمل الشركات الايرانية مسؤولية تأمين البواخر والحمولة. باختصار اجبرت العقوبات ايران على مسؤولية تأمين بواخرها؛ وهذا ما اوجد صعوبات لدى الايرانيين لتصدير نفطهم. وفي حال رفعت هذه العقوبات فستزدهر تجارة النفط الايراني مع الهند واسيا، خاصة اذا ما عرضت ايران خصماً على سعر نفطها. وكما يشير الشكل فإن الطلب العالمي على استيراد النفط يحدده عشر دول، وهي الصينوامريكا والدول الاوروبية الكبرى (المانيا وفرنسا وايطاليا واسبانبا) والدول الاسيوية الكبرى (اليابانوالهند وكوريا الجنوبية وتايوان). وكلنا يعلم ان امريكا الشمالية مقبلة على الاكتفاء الذاتي من النفط، حيث تعتبر كندا اكبر مصدر للنفط الى الولاياتالمتحدة التي ينخفض طلبها على نفط اوبك سنة بعد سنة. وأما الدول الاوروبية فينخفض طلبها على النفط كل عام؛ بسبب الفاعلية والترشيد الكبير للاستهلاك والتقدم التقني ببدائل للطاقة المتجددة. وينطبق نفس الكلام على اليابان التي انخفض طلبها على النفط من 5 ملايين برميل باليوم في عام 2010م الى حوالي 4 ملايين برميل باليوم حالياً. أما الهند فتستورد النفط لصناعة التكرير لتصدير المشتقات الى باقي دول العالم، وبالتالي لا ينطبق عليها ارتفاع الطلب. تستهلك آسيا كميات كبيرة من النفط لتكرير معظمه الى مشتق النافثا الذي يستخدم في الصناعات البتروكيماوية، حيث يتم تحويل النافثا الى ايثيلين وبروبيلين ومن ثم الى بلاستيك. ولكن طفرة الغاز الصخري الامريكي ستؤدي الى الوضع التالي: سيرتفع إنتاج امريكا من الايثيلين بحوالي 10 ملايين طن سنوياً ما بين الان و2020م، وهذا سيصيب إنتاج الايثيلين في اسيا بخسارة كبيرة؛ لعدم استطاعته المنافسة. والمشكلة ان التأثير لن يتوقف هنا بل ستصدر امريكا كميات كبيرة من الايثان والبروبان الفائض عن كل المصانع الجديدة المزمع اقامتها في امريكا الى اسيا واوروبا. وستحل سوائل الغاز هذه محل جزء كبير من النافثا والذي سيقلل الطلب الاسيوي والاوروبي على النفط. وحتى الغاز الطبيعي في امريكا سيتم تحويل جزء منه الى ميثانول ومن ثم شحنه الى الصين ليتم تحويله الى ايثيلين وبروبيلين وقد يؤدي الى خفض طلب الصين على النافثا. باختصار تسببت امريكا بغازها وزيتها الصخري في تغيير كثير من المعادلات في صناعة النفط العالمية، ويمكن القول إن هذه التطورات الامريكية أثّرت بصورة سلبية على صناعة النفط العالمية للاسباب التالية: انخفاض طلبها على نفط اوبك، رفع من كمية النفط المعروض بالاسواق، تصدير المشتقات النفطية وبنسبة كبيرة، خفض من كمية الطلب العالمي على النفط، كما أن تصدير سوائل الغاز الطبيعي والميثانول سوف يتسبب بعزوف الصناعات البتروكيماوية على شراء النافثا، وهو ما سيؤدي الى خفض الطلب العالمي على النفط. وفي الختام، إن الزيادة في إنتاج إيران للنفط ستواجه مشكلة كبيرة في إيجاد الزبائن إلا إذا انهارت أسعار النفط مجدداً. * مركز التميز البحثي للتكرير والبتروكيماويات - جامعة الملك فهد للبترول والمعادن