جمعية «إطعام» منجز وطني يرفع الرأس ويزيد الرقاب بالفخر ارتفاعاً، فهي ليست جمعية تقليدية قائمة على الاحتساب ورأس مالها "النيات الطيبة"، بل هي منظومة احترافية تميزت بالكثير من المزايا التي أعرج على بعضها في هذا المقال. رعاية الأمير سعود بن نايف لهذه الجمعية واحتضانه لها ساهم بشكل مباشر في تأسيس بنيانها على قواعد صلبة، ومنحها الفضاء الصحي لتحلق وتنجز، وتدخل الأمير سعود أزال كثيراً من العقبات التي وقفت في طريق الجمعية، ولذلك تجد روح الأمير مبثوثة حتى في الفروع التي أنشئت خارج المنطقة الشرقية. الداعمون المؤسسون لهذه الجمعية يملكون الرؤية قبل المال، وقادرون على انتقاء الأحلام قبل قدرتهم على تطبيقها، وكانوا يدركون أن مشروعهم مشروع "وعي" قبل أن يكون وجبات للأطعمة، وأمنوا لمشروعهم وسائل الانطلاقة وحاجات الاستمرار، وما يجعلني مطمئنا على مستقبل الجمعية مجلس إدارتها بقيادة عبدالله الفوزان ذلك الرجل الذي لا يتكرر إلا نادراً، ومن حظ «إطعام» أن الفصيلة النادرة كانت من ضمن خزائنها. الجمعية تملك حساً إعلامياً عالياً، ورغبة كبيرة في التسويق والتعريف، ولذلك أصبح اللون الأخضر بدرجتيه مألوفاً لدى الكثيرين، ولعل وجود الأستاذ حمد الضويلع في قيادة الجمعية هو من حول التواصل الإعلامي في الجمعية إلى ثقافة عامة في المنظومة، وهذا يعد بمزيد من الانتشار والتسويق. الجمعية عندها قدرة هائلة في تكوين الشراكات، وثقافة الشراكة هي ثقافة أصلية عند الجمعية، وهذه الشراكات هي شراكات حقيقية وليست مذكرات تفاهم تحضر أمام عدسات التصوير وفقط، وكم كنت سعيداً وأنا أشاهد سيارات إطعام المبردة بشعارات بنك البلاد وبنك الجزيرة بعد توقيعها اتفاقيات الشراكة. الوصول إلى رقم خمسة وعشرين ألف وجبة في الأسبوع هو إنجاز مهم يحسب للجمعية، ويضاعف من مهمة التمدد مستقبلاً، وأهم ما يميز هذا العدد هو الرقابة الصحية العالية، ودرجات التبريد المعتمدة للوجبات، ولا أخفي لكم درجة السعادة التي كنت فيها وأنا اقرأ كلمة (هذه الوجبة صالحة لمدة ست ساعات من تسليمها). جمعية «إطعام» هي ميدان كبير للمتطوعين من الشباب والشابات، وبالتالي نحن نضيف لمجتمعنا رئة جديدة وآمنة للتطوع وممارسة العمل الإيجابي للمجتمع، وطريقة اللباس الصحي والأنيق الذي يرتديه المتطوعون يضيف لهم معنى مهما في احترام المستفيد من العمل التطوعي. من أعظم الأعمال التي تقدمها «إطعام» هي التوعية، فنحن ما زلنا نتسابق في الإسراف تحت مسمى الكرم، ونمارس الاستعراض البصري للطعام، فالعين عندنا هي ما يجوع وليس البطن، وكثير من موائدنا لإرضاء جوع الأعين ولا تبالي بتخمة البطون وطفحها، والجمعية تحاول أن ترفع من شعورنا تجاه النعمة، وتنامي ظاهرة أخذ بواقي الأكل من المطعم "سفري" هو تنامٍ جميل للوعي، وتكاثر البيوت التي تحتفظ بالعلب الفارغة في المنزل لتعبئة بواقي الوجبات هو تكاثر جميل للمسؤولية. شكراً إطعام لأنك تساعديننا في حفظ النعمة وزيادة الوعي.