«تيك توك» تعلن تعليق خدماتها يوم الأحد في أمريكا    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    الموسيقار العالمي أنتوني هوبكنز يوجّه من الرياض رسائل إنسانية وفنية عميقة    الحكومة الأمريكية تمنح «موديرنا» 590 مليون دولار لتطوير لقاح إنفلونزا الطيور    جمعية الإستشارات النفسية بجازان تشارك بركن تعريفي في معرض «دن وأكسجين»    إنسان جازان.. لوحة فنية وأصالة شعرية في حفل افتتاح موسم شتاء جازان 25    أزمة في النصر    النصر يكسب القادسية بثلاثية في دوري السيدات    المحكمة العليا الأمريكية تؤيد حظر «تيك توك» لمخاوف أمنية    أمير جازان يرعى حفل موسم «شتاء جازان 25»    الرئاسة العامة تشارك بورشة عمل بعنوان (رقمنة التوعية في أداء المناسك)    الحقيل يكرم وكالة شؤون الإسكان بأمانة القصيم لتحقيقها مستهدف التمليك    بايدن يخفف أحكاما صادرة بحق 2500 شخص    مركز وتد الحياة يطلق مبادرة مجتمع واعي بالمدينة المنورة    «مجلس الأمن» يرحب بانتخاب عون رئيساً للبنان وتكليف نواف سلام برئاسة الوزراء    انطلاق ملتقى القمة السعودية لريادة الأعمال الاجتماعية برعاية نائب المدينة    أمير منطقة جازان يرعى حفل موسم "شتاء جازان 25"    محمية الملك عبد العزيز الملكية تنضم للقائمة الخضراء الدولية    ضبط 3 إثيوبيين في نجران لتهريبهم (41) كجم "حشيش"    لابورت مدافع بقدرات تهديفية في النصر    القادسية يهزم الوحدة بثلاثية ويتقدم للمركز الثالث    نخبة الجياد العربية في انطلاقة مهرجان الأمير سلطان العالمي للجواد العربي    يزيد الراجحي يتوّج برالي داكار    مسببات خطرة للعقم تجهلها النساء    متى يشكل صداع الأطفال خطورة    نقل مراسم تنصيب ترامب إلى داخل الكونغرس بسبب البرد القارس    بدء استقبال المشاركات لجائزة الأمير فهد بن سلطان للتفوق العلمي والتميز    بوليسيك يغيب عن ميلان في مواجهة يوفنتوس    «الأمن البيئي» يحذر هواة الرحلات البرية من دخول المحميات وقطع المسيجات    جازان: ضبط 5 مقيمين مخالفين للائحة الأمن والسلامة لمزاولي الأنشطة البحرية    المحكمة الأميركية العليا تقر قانون حظر «تيك توك»    إنجاز عالمي لإثراء الضيافة القابضة بموسوعة جينيس كأكبر مخيم سكني بالمشاعر المقدسة    جوارديولا: تمديد عقد هالاند لعشر سنوات خبر استثنائي لسيتي    خطيب المسجد النبوي: احذروا أن تتحول قوة الشباب من نعمة إلى نقمة ومن بناء إلى هدم    جمعية التوعية بأضرار المخدرات في جازان تقيم معرض "دن وأكسجين"    إحباط تهريب 3 ملايين حبة «كبتاجون» وردت في إرسالية «منتجات إنارة LED»    وزارة الداخلية تختتم مشاركتها في مؤتمر ومعرض الحج في نسخته الرابعة بمحافظة جدة    أمطار خفيفة على أجزاء من المناطق الجنوبية تمتد إلى مرتفعات مكة    الذهب يحافظ على مكاسبه وسط توقعات بخفض الفائدة الأمريكية هذا العام    فريق أمل وعمل ينفذ مبادرة تطوعية في مؤسسة رعاية الفتيات بجازان    «الخارجية»: نرحب باتفاق وقف إطلاق النار في غزة    HMPV فايروس «الطائر المتبدل»    لا أمانة.. لا شرف    لا الخطيب مفوّه ولا المفوّه خطيب    جزء من النص (مخلوع) !    أمر ملكي بتشكيل مجلس هيئة حقوق الإنسان في دورته الخامسة    رعاية كبار السن.. نموذج إنساني للعدالة الاجتماعية    اضحك على نفسك    صفقات مليونية واتفاقيات شراكات بين كبرى شركات مؤتمر ومعرض الحج بجدة    متحدث أمن الدولة: السعودية لم تكن يوماً أداة لخدمة الأهداف الخارجية    آل الشيخ : الإسلام دين راسخ لا تهزه محاولات التشويه والمملكة ستبقى صامدة ومخلصة في الدفاع عنه    شركة HONOR تُطلق Magic7 Pro في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: المستقبل هُنا مع ميزات الذكاء الاصطناعي وأحدث الابتكارات في عالم الهواتف الذكية    إستراتيجية لتعزيز السياحة البيئية بمحمية الملك عبدالعزيز    تعزيز مكانة محمية الملك عبدالعزيز البيئية والسياحية    محمية الملك عبدالعزيز تطلق إستراتيجية لتعزيز مكانتها البيئية والسياحية    أمير القصيم يؤكد على السلامة المرورية    السعودية ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتثمن الجهود المبذولة من قطر ومصر وأمريكا    هدنة مشروطة تحت الاختبار في غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وثبة ابن خلدون وتقهقر العرب
نشر في اليوم يوم 27 - 06 - 2015

في القرن الرابع عشر الميلادي وثب ابن خلدون وثبة رائعة إلى الأمام سبق بها عصره بخمسة قرون، وأسس في ذلك القرن علما هاما نافعا للبشرية، أسست عليه الحضارة الاجتماعية الحالية أهم ارتكازاتها الإنسانية في مجال تطورها الاجتماعي ومناهج علمها الحديث للتعامل مع الإنسان ودفعه للتحضر وطيب العيش بعقلية واعية متفهمة ومتفاهمة على ثقافته المتفتحة وتجربته الخاصة ووعيه.
ابن خلدون الذي لم يكتسب علمه بالتلقين والتلقيم كما يتلقاه شبابنا العربي المبتعث في جامعات الغرب التي تمده بالمعرفة المعلبة، يتغذى عليها الفكر العام لمتعلمينا في العصر الحالي المتقهقر كما يقول الدكتور علي الوردي في كتاب (منطق ابن خلدون) : (إن الرجل يقصد ابن خلدون كان يعيش في مرحلة فكرية تشبه في بعض الوجوه هذه المرحلة التي نعيش فيها نحن العرب الآن وإن كثيرا من المتعلمين يمارس التحليق في سماء المنطق التجريدي والأفكار الطوباوية البعيدة عن الواقع، وهي مصيبة، حيث جهل فيها متعلمو عصرنا حقيقة واقعنا؛ مما أوقعنا في بؤرة التخلف رغم كثرة متعلمينا).
وهذا كلام يستحق الوقوف عنده فهو صادق إلى أبعد الحدود؛ لأنه يتكلم عن حقيقة مؤلمة تكشف واقع أكثر متعلمينا وتعري المظهر الوهمي البراق الذي يغلف واقعنا العربي بالعلم الأجوف الذي يحيط ببعض الرموز العلمية بهالة من الوهم، لا تسمن ولا تغني من الجوع المعرفي المتجذر والذي تسيجه الشهادات ذات الدرجات العالية الوهمية الفارغة من المعرفة الحقيقية والمملوءة بخيال يحلق في فضاء خيالي بعيدا عن واقع الأمة المتخلفة قسرا.
منذ عقود مضت على التعليم في الوطن العربي عامة وفي مصر خاصة التي سبقت أكثر البلدان العربية وغير العربية بكسب المعرفة من الغرب المستعمر لها مع الحفاظ على هويتها العربية، مما دفع اليابان إلى أن ترسل وفدا إلى مصر في القرن التاسع عشر؛ لمعرفة كيفية ذلك التطور الذي حدث في مصر مع الاحتفاظ بهويتها الوطنية!، وبمقارنة اليابان بمصر اليوم نصاب بصدمة وبخيبات أمل كثيرة، حيث إن بلاد العرب تعج وتضج بالتطور العمراني المذهل الذي نبتهج به في منطقة الخليج خاصة؛ نتيجة الوفرة المادية وقلة ثمار التعليم الذي يرصد له المليارات، علما بأن النمو العمراني لا يعني النمو المعرفي الذي تفتقر إليه المنطقة رغم الثراء المادي. لأن المتعلمين وأصحاب المواهب المتميزة قد تموت معرفتهم في صدورهم بسبب تجاهلها وعدم استثمارها في مجال تخصصها إذ يستبدل بها الأجنبي مهما كانت ضحالة معرفته بقصد الربحية الآنية وأحيانا عدم الثقة بزامر الحي.
والسؤال هو لماذا حدث ذلك التخلف عن الأمم رغم ما يصرف في مجال التعليم، فلم نسمع عن علماء الذرة ولم نسمع عن علماء الفضاء ولم نسمع عن مخترع مثل بقية المخترعين العالميين لماذا؟ وقد أجاب عدد من المفكرين والكتاب والباحثين الذين تنوعت إجاباتهم فمنهم من اتهم العقول العربية بالقصور، ومنهم من اتهم الغرب بأنه السبب الرئيس في ذلك نتيجة أطماعه الاستعمارية لذلك أجهضت النهضة المصرية خاصة في مهدها، وطبق ذلك على بقية البلدان العربية بسبب موقعها الجغرافي الذي جعلها مطمعا للقوى الاستعمارية الكبرى التي لم تتورع في سبيل مطامعها عن التآمر على البلدان العربية بتقسيمها بالاتفاقيات المعروفة، فقد هيمنوا على المنطقة العربية وأجهضوا نهضتها بالاستعمار والتجهيل وإثارة الفتن؛ لشغل الناس بأنفسهم عن النمو الحضاري، وزرع إسرائيل في قلب العالم العربي اسفينا دائم الفعالية، وإن كانوا قد تآمروا على الصين لإخضاع موانئها لتجارتهم فيما يعرف بحرب الأفيون في عام 18401842م إلا أن الصين واليابان تجاوزتا محاولات إجهاض نموهما الحضاري لعدة أسباب يمكن مقارنتها بالوضع العربي الذي لم يتمكن من تجاوز محنته بالتالي:
السبب الأول هو بعد المسافة بين دول الغرب وكل من الصين واليابان، بعكس البلاد العربية الملاصقة للغرب وسهولة اختراقها والتسلط عليها وكبح طموحاتها لأهمية مواقعها بالنسبة للغرب من ناحية، والتوهم الغربي أن نمو البلاد العربية يهدد مصالحها التجارية والإستراتيجية.
السبب الثاني هو الثأر التاريخي المتأصل لدى الغرب منذ الفتوحات الإسلامية إلى الحروب الصليبية ورغم أن الدول الغربية علمانية في الوقت الراهن إلا أنها تتخوف من الإسلام، وهذا ينحي الصين واليابان ويمنحهما مجال النمو.
كما أن غرس إسرائيل في قلب العالم العربي وتعهد الغرب بالمحافظة على بقائها بغرض استمرارية إخضاع العالم العربي لمواصلة تقهقره وتخلفه وعدم نموه للتمكين من السيطرة الدائمة عليه، فالغرب يتوهم دائما أن النمو العربي يشكل تهديدا له، ولكي تستمر الهيمنة فلا بد من عمل الغرب على تجهيل العرب واحتواء متعلميهم وتلقينهم تكذيب المؤامرة لتسهل قيادتهم ولفسح المجال لتدخلهم الدائم بالشأن الداخلي للعرب بصفة مستشارين وخبراء لدى القادة يشيرون بما يجلب الفرقة والتخلف للبلاد العربية وأهلها، ويلقون باللائمة على كل من يحاول فضح هذه المؤامرة ويتهمونه بالتخلف والتملص من تحمل المسئولية وإلقاء تبعات تخلف أمته على الغير، وابتكروا مرضا نفسيا جديدا سموه (الشعور بالمؤامرة) للتنفير من مجرد التفكير بها، وأن العربي هو المسئول عن تخلفه نفسه! ولنوافق جدلا على ذلك، ولكن كيف للعقل أن يصدق أو يتصور أن الأمة نفسها هي التي تسعى للتقهقر عن ركب حضارات الأمم الأخرى خاصة وأن الأمة العربية مهد نشأة الحضارات منذ آلاف السنين، حيث توارثت أهم حضارات الأرض المتعاقبة كلها التي تسعى للرقي ولتقدم البشرية، ولكن المصيبة كما ألمح الدكتور الوردي، أن متعلمينا الذين يعيشون معنا في أجسادهم بينما عقولهم تعيش في أمكنة أخرى نتيجة تلقين من أرسلناهم له جهلا وهو عدو يتربص بنا فكان كل ما كسبه أكثرهم هو تقديس الغرب وتبعيتهم له إلا القليل أما الأكثرية فلم تكسب أمتهم من متعلميها الذين ابتعثوا سوى حلق الشوارب واللحى وتكذيب المؤامرة لتواصل الأمة بكاملها تقهقرها.
* كاتب روائي مهتم بالتراث


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.