يرصد تقرير لمعهد دراسات الحرب ISW توقعات العمليات التي ينتظر أن يقوم بها تنظيم داعش خلال رمضان المقبل، الذي يوافق مرور عام على إعلان أمير التنظيم أبو بكر البغدادي قيام الخلافة . ومن السيناريوهات المطروحة، أن توسع داعش من عملياتها على الأرض في العراقوسوريا، وأن تقصف أهدافاً دينية للشيعة، أو أن تعلن عن توجهات سياسية جديدة. وتعد تحركات التنظيم في رمضان 2015 بمثابة تعزيز لرسائله الإستراتيجية، ومنها: أن التنظيم باقٍ ويتمدد من خلال انتصارات على الأرض، وأن الخلافة هي نهج الخلافة التي كانت في صدر الإسلام، ويتم اختيار عاصمة جديدة لتأخذ الشكل التقليدي لدولة الخلافة، وأن الحرب الطائفية والدينية تتصاعد ومن ثم يجب إعلان التعبئة لجميع المسلمين. الخلافة باقية تؤكد داعش أن الخلافة باقية من منطلق أنها لم تتعرض لتهديد وجودي. فالملاحظ أنها تتمدد سواء بالنسبة للمنظور الجغرافي أو من حيث عدد أتباعها. وربما لا يحتاج التنظيم إلى تحقيق المزيد من التوسع في رمضان إلا أنه يعمل على إظهار إنجازاته ومكتساباته. ومن المتوقع أن يعمد التنظيم إلى القيام بعمليات عسكرية أو عمليات يغلب عليها الطابع الدرامي لتوصيل الرسالة المراد بها التأكيد على استمراريته. استهداف عواصم تاريخية تتضمن أرض الخلافة التي ترمي إليها داعش عدداً من العواصم التاريخية، ومنها الموصل التي ألقى منها البغدادي خطاب إعلان الخلافة. وهناك عدد من المدن التي كانت عواصم للخلافة في عصور سابقة، مثل بغداد وسامراء في العراق، ودمشق في سوريا. وتعتبر تلك المدن أهدافاً صعبة نظراً للطوق الأمني الذي تفرضه القوات العراقية والسورية فضلاً عن الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران. ومن المتوقع أن تكثف داعش من الهجمات الموجعة التي تجبر الجيوش والميليشيات المدافعة عن تلك العواصم إلى التراجع أو إعادة الانتشار بطريقة تعجل بسقوط تلك المدن. التوقعات الأقرب للواقع وللوقوف على أقرب التوقعات للواقع، قام فريق عمل معهد دراسات الحرب ISW بتغذية برنامج "إعداد أجهزة الاستخبارات لساحة المعركة" IPB ويقوم بتحليل قوات العدو، والتضاريس، والطقس، والاعتبارات المدنية لمعرفة مدى تأثير هذه العوامل على القوات المضادة، وعلى عملياتها المخطط لها والتي قيد التنفيذ. ويهدف هذا المشروع لمساعدة صناع القرار على اتخاذ القرار الأصوب. انتصارات مزعومة الاحتمال الأرجح أن تواصل داعش حملتها العسكرية الحالية في العراقوسوريا وخارج نطاق الدولتين، بينما تستغل آلتها الإعلامية المحترفة للادعاء بتحقيق انتصارات متمثلة في حجم التوسع الذي حققته الدولة خلال عام واحد. وفي نفس الوقت تمهد الأرض لحملاتها المقبلة. وتشمل الحملة الحالية عمليات في الرمادي وبيجي وتدمر، وهي تتيح للتنظيم الحفاظ على الزخم الذي حققه التنظيم. وربما يصدر إعلان رسمي في رمضان يرسل التنظيم من خلاله رسائل بالانتصار المزعوم، ويضخم من حجم فرصه في تفكيك الجيوش التي يواجهها في العراقوسوريا، ليقرر أن الخلافة ستكون عالمية خلال العام القادم. ولا يتوقع أن تفوِّت الرسالة الإعلامية لداعش التأكيد على عبثية التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة ضد التنظيم، والعمل على إضعاف معنويات المشاركين في صفوف التحالف من خلال هجمات داخل الدول المشاركة. فوضى طائفية وهو السيناريو الأسوأ والأخطر، حيث يشهد الانتقال إلى مرحلة جديدة من حملة داعش تتضمن تصعيداً في الهجمات على أهداف دينية أو سياسية تربك حسابات الخصوم. ومن المحتمل، أن تحتفل داعش بمرور عام على إعلان الخلافة بنثر بذور الفوضى الإقليمية من خلال ضرب أهداف كانت تعد بعيدة عن مرمى التنظيم. ومن صور تلك الفوضى، التسبب في صراعات طائفية لدى المنطقة استعدادا بالفعل لاشتعالها كما هو الحال في سورياوالعراق واليمن. ولعل السيناريو المتوقع في هذا الصدد هو استهداف المزارات أو المساجد الشيعية. وفي مسعى لتحييد القوى الغربية على المدى المتوسط وإبعادها عن محاربة التنظيم، قد يتم اغتيال مسؤولين غربيين أو استهداف مناطق عسكرية للدول المشاركة في التحالف. العراق على صفيح ساخن في هذا السيناريو، تقوم داعش بالهجوم على المدن الشيعية في العراق لزيادة اشتعال العنف الطائفي استلهاماً من تجربة سلفها تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، حيث تسبب هجوم الأخير على مسجد العسكري في سامراء العام 2006 في اشتعال حرب طائفية. وحال كررت داعش الأمر، فإن العواقب ستكون وخيمة حيث إن الجرائم الطائفية التي ترتكب ضد السنة لا تحتاج إلى مزيد من الوقود لإشعالها. وقد يتطور الأمر ليكون مدعاة لإيران لأن تحتل مدنا عراقية بشكل مباشر، وهو ما سيقابل برد عنيف من الدول العربية يضع المنطقة في حالة اضطراب غير مسبوقة. وتعتبر سامراء من أهداف داعش التي نجحت في التواجد حول المدينة على مدار العام. وإذا نجحت داعش في السيطرة على سامراء، فإنها ستقوم بتدمير مرقد العسكري، وهو ما ينذر ببدء جولة أعنف من العنف الطائفي. وغالبية سكان المدينة من السنة على الرغم من أهميتها بالنسبة للشيعة، وبها تواجد محدود من الجيش العراقي، إلا أن الميليشيات الشيعية وقوات من الحرس الثوري الإيراني تتولى ملف الأمن بها بزعم حماية المزارات الشيعية. ويعد مرقد العسكري الهدف الأصعب بالنسبة لداعش إذا ما قورن بالمراقد في الكاظمية في بغداد، والنجف، وكربلاء، وهو ما قد يدفع التنظيم لتغيير خططه واستهداف مراكز شيعية أخرى وبصفة خاصة كربلاء التي تقع بالقرب من تواجد عناصر التنظيم غرب الأنبار. وفي حال مهاجمة كربلاء أو النجف، فإن القوات الإيرانية، والميليشيات المدعومة من طهران ستعيد انتشارها في المدينة التي تعرضت للهجوم، مما يخلق فراغاً في مناطق أخرى يتيح لداعش تعزيز تواجدها في جنوب وغرب العراق. ومن نتائج مثل هذا الهجوم زيادة العنف الطائفي في بغداد وسامراء وما حولهما، وتكون الفوضى الناتجة فرصة لداعش للتمدد في العراق بصورة أكبر. احتلال بغداد يطرح التقرير سيناريو احتلال داعش لبغداد، وذلك لعدة أهداف، منها كسر الدولة العراقية، ورمزية كون بغداد عاصمة تاريخية للخلافة مما لا يستبعد معه أن تستغل شهر رمضان لإعلان تقدم استراتيجي. وتراهن داعش على خلاياها النائمة داخل بغداد، وإلقاء عدد كبير من عناصر الجيش العراقي السلاح. ونظراً للتشديد الأمني في بغداد، فإن التنظيم يعمد إلى إحداث اضطرابات داخل العاصمة من خلال تفجيرات ضخمة، وفي نفس الوقت تتمركز وتتجمع قوات داعش من المناطق القريبة لتطوق العاصمة، وفي نفس الوقت تهاجم القواعد الدفاعية الاستراتيجية خارج العاصمة مثل مطار بغداد الدولي، وقاعدة تاجي، وقاعدة بلد الجوية. وإذا سقطت بغداد في أيدي داعش فإن إيران وحلفاءها ستهب لاحتلال بغداد. حمص... طريق النصر يشير التقرير إلى أن سيناريو قيام داعش بمحاصرة ومن ثم الاستيلاء على مدينة حمص التي تعد محوراً لوجستياً مهماً بالنسبة لنظام الأسد. وتكثف داعش من تواجد قواتها ومعداتها على الحدود السورية اللبنانية جنوب حمص، مما يمكنها من بدء هجمات قوية لأماكن تمركز النظام في المدن المجاورة مثل القصير، ويبرود، وقاعدة شيرات الجوية. وتسببت الهجمات العنيفة على هذه الأهداف في إرباك النظام وإصابة هذه المراكز بالشلل لوقت طويل. وقد تستفيد داعش من هذا الأمر بتوجيه ضربات مباشرة لحمص. وإذا كللت هذه العملية بالنجاح بأن تكون ضربة موجعة، فإن هذا يعني تخلي قوات الأسد عن استراتيجية الانتشار بطول البلاد، وإعادة انتشار القوات المتواجدة في حلب ودير الزور والحسكة، لحماية المناطق العلوية. وبهذا تتمكن داعش من توجيه قوتها الضارية للتصدي لجبهة النصرة والجماعات الأخرى في شمال وجنوبسوريا. وثمة مؤشرات توضح أن التنظيم قد يتبنى هذا السيناريو؛ في بداية العام الحالي سعت داعش لتصوير نفسها كفصيل مناوئ لحكم الأسد، وذلك لكسب الجماعات السورية الثورية لصف التنظيم. كما تبنى التنظيم شن هجومين على المناطق العلوية المتاخمة لحمص خلال الأشهر الماضية. وإذا كانت داعش لا تستطيع الوصول لحمص عن طريق تدمر التي احتلتها إلا أنها تحتفظ بقواتها العسكرية شمال غرب ريف حمص مما يمكن من الوصول لحمص. وهذا السيناريو سيكون له أصداء على كافة خطوط المواجهة في سوريا. كما أن تنظيم داعش سيكتسب شعبية أكبر بين السوريين لتمكنه من السيطرة على حمص التي تعد عاصمة الثورة. ومن المتوقع أن يتم نشر الميليشيات الإيرانية، وتلك المدعومة من إيران في المنطقة، مثل تعزيزات حزب الله التي انسحبت من منطقة القلمون الحدودية، مما ينذر بحرب طائفية تتعدى حدود سوريا إلى سهل البقاع، ومن ثم بقية الأراضي اللبنانية. تفجير دول الجوار يعتبر السيناريو الأخطر للدول المجاورة هو التورط في حرب طائفية تشعل المنطقة، ففي النصف الأول من 2015 كانت عمليات داعش تستهدف الشيعة في السعودية واليمن وأفغانستان، من خلال تفجيرات عنيفة تستهدف إذكاء الطائفية على المستوى المحلي. وقد تسببت تلك الهجمات في اشتعال حدة الحرب الأهلية في اليمن، وصدمت السعوديين عندما استهدفت مساجد ودور عبادة إسلامية في المنطقة الشرقية لحفز الصدام الطائفي . إرهاب عبر الحدود يطرح السيناريو الأخطر احتمال قيام داعش بتنفيذ هجمات إرهابية على دول خارج نطاق المنطقة؛ وفي سبتمبر الماضي، دعا التنظيم أنصاره في الولاياتالمتحدة، وأوروبا، وكندا، وأستراليا لتنفيذ هجمات داخل تلك البلاد. وفي الغالب تكون هذه الهجمات فردية، وقد اتخذت الدول الغربية تدابير أمنية كبيرة مما أحبط عددا من محاولات أنصار التنظيم تنفيذ هجمات إرهابية في الغرب. ويخشى أن يشهد شهر رمضان محاولات جديدة سواء فردية أو من خلية صغيرة. وتكمن خطورة هذه المحاولات أن التنظيم يضم عناصر من هذه الدول لا يزال اتصالهم ببلادهم قائماً.