«بغداد ليست صيداً سهلاً»... يدرك خليفة «داعش» أبو بكر البغدادي هذه الحقيقة، ويبدو أنه اختار منذ اندفاع مقاتليه من الموصل إلى كركوك وتكريت وديالى والأنبار، أن يقترب من حدود بغداد من جهاتها الأربع، ويستثمر نقاط ضعف المدينة التي يعتبرها أنصاره درة تاج خلافتهم، وهدفاً استراتيجياً يقلب موازين القوى في المنطقة إلى الأبد. ثمة عاملان أساسيان يشكلان جوهر استراتيجية البغدادي ومجموعة المخططين لتنظيمه: الأول: الوقت، فالتقدم الكبير والسريع الذي أحرزه التنظيم بإمكاناته المحدودة في العراق ومن ثم في سورية، يحسب عسكرياً باعتباره نقطة ضعف، ولهذا تحديداً لم يحاول التنظيم الاندفاع كثيراً للسيطرة على مدن كبيرة، وساحة المعركة في العراق قد تكون شبه ثابتة منذ منتصف حزيران (يونيو) الماضي، وحتى بداية تشرين الأول (اكتوبر) الجاري، والقتال جرى طوال تلك الفترة حول قرى وبلدات لا تعد استراتيجية في الميزان العسكري، وجميعها خارج الحدود الأولية للمدن الأساسية التي استقر فيها التنظيم في العراق وهي الموصل وتكريت والفلوجة والقائم. الثاني: الاقتصاد العسكري، فالتنظيم حرص في شكل لافت على استثمار الإمكانات البشرية والعسكرية التي بحوزته، للوصول إلى الأهداف التي يخطط لها بأقل خسائر ممكنة، ولم يكن يتردد في الانسحاب من مواقع احتلها، إذا قدّر أن القوة المهاجمة له كبيرة، لكنه يعود مرة أخرى إلى احتلالها مستثمراً التخبط في خطة الحرب التي تديرها القوات العسكرية العراقية مصحوبة بالميليشيات. حول استدراج واشنطن بعض الأسئلة التي انطلقت منذ شهور حول إصرار تنظيم «داعش» على استدراج قوات «البيشمركة» الكردية إلى المعركة، ومن ثم استدراج الولاياتالمتحدة إليها قبل خوض معركة بغداد، يتم صوغها بطريقة منفصلة عن النظرة الشاملة التي يراها البغدادي، فذلك الاستدراج يبدو مخططاً له بعناية استناداً إلى: - أن البغدادي أراد منذ البداية الفصل بين تنظيمه ومجموعات العشائر السنّية الثائرة التي يتخذ قادتها من أربيل مقراً لهم، وتوقيت هذا الفصل تم اختياره بعد أن استنفدت ضرورات «الثورة السنّية» وبدأت مرحلة «الخلافة الإسلامية». - أن البغدادي يدرك تعقيدات المنطقة، وطبيعة الصراع الطائفي والسياسي فيها، ناهيك عن التعقيدات العراقية، مثلما يدرك أن مستوى التحدي الذي يمثله لن يدفع بالولاياتالمتحدة إلى خوض حرب برية في العراق عاجلاً، وأنها ستضطر في النهاية إلى الاستعانة بدول الجوار للقيام بهذه المهمة، واستدراج الأكراد، يعجل من دخول الولاياتالمتحدة إلى المعركة وهذا ما كان، كما أنه يطرح الأسئلة المؤجلة: كيف يتصرف الشيعة إذا تدخلت تركيا أو تدخلت دول عربية؟ وكيف يتصرف السنّة إذا تدخلت إيران؟ - أن الإبقاء على قوة «البيشمركة» سيشكل خطراً كبيراً على الموصل في حال قرر التنظيم التوسع جنوباً، وكان من الضروري إيجاد منطقة فاصلة كبيرة (سهل نينوى وسنجار) بين الموصل و «البيشمركة» تكون ميدان استنزاف عسكري للأكراد، ومحور مشاغلة كبير يجيده التنظيم، يهدر الكثير من الجهد العسكري الأميركي والكردي، ولا بد من التذكير أن التنظيم لم يخض معارك كبيرة، ولم يقدم خسائر كبيرة، لا في مرحلة احتلال قرى سهل نيوى وسنجار، ولا في مرحلة، تقدم البيشمركة بدعم جوي دولي إلا لتحرير بعض البلدات والقرى التي خسرها. - أن القوى التي ستجتمع لقتال «داعش» برياً ستحتاج إلى الوقت لترتيب أوراقها، وتقدير الأخطار، ونقاط الضعف، وأنها ستنشغل لوقت طويل في عمليات القصف الجوي التي لا يمكنها حسم المعركة، وهذا الوقت يصب في مصلحة التنظيم الذي أوجد حوالى 20 ساحة معركة حساسة ومنفصلة عن بعضها، يشغل بها خصومه، ويعيق إمكاناتهم، ويربك قدرتهم على مجاراته في تنقلاته السريعة بين الجبهات، وقدرته على تغيير سياقات المعارك واختيار توقيتاتها، وساحاتها. بغداد ليست قبل طهران لا يقرأ «داعش» أهمية بغداد في مستواها الرمزي فقط، بل ينظر إليها باعتبارها هدفاً استراتيجياً حاسماً، والدخول إلى بغداد لا يعني خوض حرب مناورات في شوارعها، بل يعني الاستقرار فيها أو في جانب الكرخ منها على الأقل على غرار الموصل، وهذه النتيجة لا تجعل بغداد هدفاً آنياً، في الحرب، بل هي غاية الحرب نفسها، ويجب أن تكون الساحة العسكرية مهيأة تماماً للوصول إلى بغداد، مثلما يجب أن تكون الصدامات السياسية والمذهبية والإقليمية قد وصلت إلى أقصى حدودها. قبل أيام أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني أن بلاده لن تتردد في الدخول إلى المعركة إذا ما تعرضت المراقد الشيعية المقدسة للخطر. وهذه في الواقع ورقة استراتيجية مؤجلة بيد «داعش» الذي فوجئ كما يبدو ببراغماتية الجمهورية الإسلامية التي يشكل دخولها العسكري العلني في الحرب، متغيراً أساسياً يعول عليه «داعش» في تثبيت وجوده كأمر واقع ومقبول إقليمياً ودولياً وقبل ذلك لدى الأوساط السنّية العراقية. قرأت طهران منذ البداية حساسية وضعها، وفضلت أن تكون الحرب على «داعش» بقرار أميركي، لكنها كدولة متداخلة في الصراع الإقليمي من البحر المتوسط إلى الخليج العربي وبحر العرب، لن تسمح أن تترتب على التدخل الأميركي أضرار بمصالحها الاستراتيجية، ولن تسمح أن يتم التحشيد الدولي ضد «داعش» بعيداً منها. لهذا، كان مبرراً أن تندفع في شكل رسمي وعبر أصابعها في العراق إلى تحريك ممانعات شيعية وإقليمية حول نيات هذه الحرب، وتعميق الشكوك التي تحول تنظيم «داعش» إلى مجرد أداة في لعبة أقليمية ودولية. ليس «داعش» بعيداً من هذا التوصيف على أية حال، لكن التنظيم كما كل الكائنات المليشيوية عبر التاريخ، ركب سريعاً اللعبة الإقليمية ليتحول من أداة تتبادل دول المنطقة الاتهامات لبعضها باستخدامها، إلى لاعب يمتلك أهدافاً مغايرة عن أهداف الجميع. «المراقد الشيعية المقدسة»... هدف استراتيجي ل «داعش»، لكنه ليس هدفاً آنياً أيضاً، بل مرحلة تسمح بالقفزات النهائية إلى بغداد. لم يلجأ التنظيم إلى تهديد مرقد سامراء، على رغم أنه يحاصر المدينة من كل جهاتها تقريباً، كما أنه لم يحاول الاندفاع من مناطق جرف الصخر والإسكندرية والهندية والمسيب ومن صحراء النخيب لتهديد كربلاء، على رغم أنه قادر على هذا الاندفاع، واكتفى بوضع العتبات المقدسة الشيعية تحت التهديد الافتراضي، لتعطيل القدرات القتالية للجيش والميليشيات فيها. واقع الحال أن البغدادي لن يحاول احتلال بغداد، قبل اشتراك إيران فعلياً وعبر جيشها في المعركة، والعتبات المقدسة في سامراء وكربلاء هي المدخل الأكثر حساسية لتحقيق هذه الغاية، ولكن ليس قبل أن تكون حرب بغداد قد نضجت واكتملت معادلاتها. مدن الفرات قضية اختيار التوقيتات، لا تبدو خطيرة لدى القيادات العسكرية العراقية على الأقل، لهذا لم يتم طرح السؤال المنهجي الآتي: «لماذا تأخر تنظيم داعش، في السيطرة الكاملة على محافظة الأنبار، على رغم أنه يسيطر منذ يوم 1 كانون الثاني (يناير) على «الفلوجة» ومنذ 15 حزيران على «القائم»، وهما في الحقيقة أهم مدينتين في هذه المحافظة؟». تقع مدن الأنبار جميعها بامتداد نهر الفرات، وتقع «القائم» في نقطة دخول الفرات إلى العراق (شمال غربس الرمادي عاصمة الأنبار)، فيما تقع الفلوجة في نقطة خروج الفرات من الأنبار (جنوب شرقي الرمادي). وهذه الخريطة تترك المدن والبلدات الأساسية الأخرى «الرمادي، وهيت، وحديثة، وعانة وراوة» داخل نطاق سيطرة التنظيم، حتى لو لم يكن قد غامر بدخولها بقوات عسكرية كبيرة. لكن التنظيم حرص طوال الشهور الماضية، على تأمين مناطق استراتيجية أكثر أهمية بالنسبة إليه، تمتد على مساحات شاسعة في الأنبار من الحدود السورية والأردنية والسعودية، وصولاً إلى مناطق شمال كربلاء، وجنوببغداد، وشمال غربي بابل، وتضم مناطق طريبيل وعكاشات والرطبة والنخيب، في أقصى غرب العراق، وصولاً إلى اليوسفية واللطيفية والاسكندرية وجرف الصخر والمسيب وسط البلاد. لم يكن تحرك «داعش»، إلى الصحراء بديلاً عن مدن الفرات التقليدية بلا هدف، فالتنظيم يسيطر على مداخل العراق الاستراتيجية مع سورية والأردن والسعودية، وحيث ليس ثمة أهمية اقتصادية كبيرة في معابر الوليد (سورية) والنخيب (السعودية) فإن معبر طريبيل مع الأردن يشكل أهمية كبرى ل «داعش» الذي سيطر على المعبر في 22 حزيران، لكنه انسحب بعد أيام، عندما أدرك أن سيطرته على المعبر ستكبده خسائر مالية كبيرة. ما لا ينشر في وسائل الإعلام، ولا تعترف به السلطات في العراق وفي الأردن على حد سواء، أن هناك معبرين جديدين أقامهما «داعش» في منطقتي الرطبة (الطريق الدولي باتجاه بغداد) والنخيب (الطريق القديم باتجاه كربلاء)، يقومان باستيفاء ضرائب عن كل حركة التجارة بين العراقوالأردن ومن ضمنها ناقلات النفط ومراقبة حركة المسافرين، وهذان المعبران مستقران تماماً ويصدران وصولات بالضرائب المستوفاة من حركة التجارة البرية، وهي تصل إلى ملايين الدولارات أسبوعياً. لكن العامل الاقتصادي ليس الوحيد في لعبة الصحراء التي يجيدها «داعش»، فالسيطرة على هذه المنطقة الكبيرة، تتيح للتنظيم (في خاصية اختيار التوقيتات نفسها) أفضلية استراتيجية للاندفاع باتجاه محاصرة بغداد من ريفها الجنوبي، وتهديد كربلاء عبر حدودها الغربية والشمالية. محيط بغداد على الخريطة، يمكن القول إن «داعش» يحيط بغداد اليوم من جميع جهاتها، ولكن هذه الإحاطة ليست مستقرة. فمن شرق بغداد حيث محافظة ديالى، تقع بلدات الخالص وهبهب وبني سعد ملاصقة لحدود بغدادالشرقية، فيما يمتد قضاء بلدروز الأكبر في ديالى على مساحة واسعة معقدة جغرافياً، ويرتبط جنوبه بحدود واسط وجنوببغداد، فيما يمتد من شماله إلى بلدات جلولاء والسعدية التي تخضع لسيطرة «داعش» من حزيران الماضي. الواقع أن بلدروز يشكل نمطاً جغرافياً مشابهاً لصحراء الأنبار لجهة تعقيده، ولهذا كان على الدوام، هدفاً نموذجياً ل «داعش» الذي ينتشر بين قراه المتباعدة بين التلال الصخرية، وصولاً إلى البلدات الملاصقة لبغداد، متجنباً بعقوبة والعظيم والخالص التي تقع تحت السيطرة الرسمية العراقية. تلك المناطق لن تكون مؤثرة كثيراً في معركة بغداد، فهي تجاور أكبر تجمعات سكانية شيعية في المدينة (الحسينية، الشعب، مدينة الصدر، العبيدي، الكمالية، بغداد الجديدة)، لكن قيمة هذه المنطقة أنها تشرف على سلسلة من أكبر الحقول النفطية غير المستخرجة في العراق إلى الشرق من بغداد. في المقابل، تبدو بغداد مكشوفة أمام «داعش» من جهاتها الجنوبية والشمالية والغربية. فإلى جنوببغداد حيث تمتد مساحات شاسعة تربط مناطق اللطيفية وجرف الصخر واليوسفية بالمدائن وصولاً إلى العزيزية والصويرة شمال واسط، ثمة بيئة ديموغرافية وجغرافية أكثر هشاشة، حيث مناطق بغداد المحاذية مثل جسر ديالى وهور رجب وعرب جبور وصولاً إلى المحمودية والدورة، والمعالف، تمتد كمساحات إما زراعية أو صحراوية أو صناعية، تعقبها تجمعات سكانية سنّية في الغالب. وهنا تجدر الإشارة إلى أن السياسات التي انتهجت بعد عام 2003، مع السكان السنة في بغداد، لم تكن مغايرة لتلك التي واجهها سكان الموصل، وأن هذه السياسات عمقت مفهوم البيئة الاجتماعية الحاضنة «داعش»، حيث يمتلك التنظيم خلايا نائمة في معظم البيئات السنّية داخل بغداد وفي محيطها. كان تنظيم «داعش» أجرى استعراضاً عسكرياً نادراً في بلدة أبو غريب (غرب بغداد) في نيسان (أبريل) من العام الحالي، أي قبل شهرين من احتلاله الموصل، ثم اختفى تماماً لاحقاً ولم تظهر له نشاطات في البلدة. و «أبو غريب» حيث يقع السجن الشهير، ما زالت تقع داخل الحدود الإدارية لبغداد، على رغم ضمها إلى محافظة الأنبار في قرار لم يتم تنفيذه، وتعد النقطة الأكثر خطورة في مخطط «داعش»، حيث تحدها من الغرب مناطق خان ضاري وعامرية الفلوجة وصولاً إلى مدينة الفلوجة، وترتبط من الشرق بأحياء العامرية والخضراء، وحي الجهاد وكلها أصبحت اليوم أحياء سنّية مغلقة، تشرف على مطار بغداد الدولي وتصل امتداداتها إلى نهر دجلة حيث المنطقة الخضراء. إلى الشمال من بغداد تبدو الخريطة أكثر تعقيداً، فمدينتا الكاظمية (الشيعية) والأعظمية (السنّية) تمتلكان امتدادات عميقة على المستويات السكانية والتاريخية والرمزية، وكلاهما تحدّ مناطق مفتوحة بعضها يشكل محيط بغداد الجغرافي، وآخر يشمل حدود محافظة صلاح الدين الجنوبية مثل التاجي والطارمية والمشاهدة وصولاً إلى الدجيل وبلد والضلوعية، وكل هذه المناطق تعد ساحة عمليات اليوم لتحركات «داعش» الذي يركز منذ شهور على احتلال بلدة «الضلوعية» كمعبر استراتيجي حصين، يشكل منطلقاً أساسياً لتهديد سامراء شمالاً وبغدادجنوباً. في محيط بغداد لم تكتمل اليوم لدى «داعش» سوى 60 في المئة من حبات السبحة التي تمثل البلدات والقرى والمحيطة بها والمتداخلة معها، واكتمالها، يتطلب إسقاط كل الأهداف المحيطة ببغداد، مع الإبقاء على قدرة التنظيم على إشغال الخصوم بمعارك على بلدات وقرى بعيدة. أما رأس السبحة فهو تفجير صراع طائفي صريح وكبير داخل بغداد نفسها يستثمر الاحتكاكات الخطيرة بين الميليشيات الشيعية وسنّة العاصمة. خدمات تقدم إلى «داعش» لم يكن البغدادي يحلم وهو يتأمل هذه الخرائط المعقدة، بأكثر من أن تقدم إليه هدايا تخدم مخطط حرب بغداد، وأولى تلك الهدايا هي نشر الميليشيات في مناطق الاحتكاك السنّية – الشيعية الحساسة سواء داخل بغداد أو في محيطها الجغرافي. وتنتشر التشكيلات التي يطلق عليها اليوم «الحشد الشعبي» وأهمها، «سرايا السلام» بزعامة السيد مقتدى الصدر، و «عصائب أهل الحق» بزعامة قيس الخزعلي، و «كتائب حزب الله» وكتائب أبو الفضل العباس» و «قوات بدر»، في مناطق مختلفة من بغداد، إضافة إلى محافظتي ديالى وصلاح الدين. وتتركز «سرايا السلام» في مناطق جنوببغداد، فيما «تتركز بدر» في محافظة ديالى، وتنتشر «كتائب حزب الله» وسط بغداد وشرقها، وتتوزع «عصائب اهل الحق» على جبهات مختلفة، لكنها في شكل واضح في مناطق غرب بغداد، وتشهد مدينة سامراء تجمعاً من كل تلك الفصائل. على رغم أن الفصائل الشيعية المسلحة نجحت في إيقاف زخم تقدم «داعش» في عدد من الجبهات، وحققت تقدماً واضحاً في ديالى تحديداً، غير أن موقف السكان السنّة في بغداد منها ما زال سلبياً. وبدا غريباً أن يتم اختيار ميليشيا «عصائب أهل الحق» للانتشار في مناطق غرب بغداد ذات الغالبية السنّية، بديلاً من «سرايا السلام» التي كان يمكن أن تكون أكثر قبولاً لدى السكان، بسبب مواقف الصدر نفسه. في المجمل، إن الاستعانة بالميليشيات كانت حلاً اضطرارياً لإيقاف الانهيارات المهولة في الجيش العراقي، ولم يكن هناك بديل جاهز منها، خصوصاً أنها تضم مقاتلين مدربين خاض بعضهم معارك مشابهة في سورية. لكن هذا الحل الاضطراري، يشكل قنبلة موقوتة قابلة للانفجار، وهي قنبلة ينتظر البغدادي انفجارها منذ شهور عبر أعمال عنف طائفية تسود العاصمة، وهو يحاول إشعال فتيلها عبر التركيز على عمليات تفجير تستهدف أحياء شيعية على غرار تفجيرات الكاظمية الأخيرة، وسيستمر في تلك المحاولات لتهيئة الأجواء، قبل اللجوء إلى تهديد المراقد الشيعية المقدسة. سوء التخطيط للعمليات والتخبط في توزيع القوى، وإهداء «داعش» مخازن هائلة للأسلحة والأعتدة بدل تدميرها، وعدم منح الثقة للسكان السنّة في بغداد لتخفيف الاحتقان داخل مناطقهم، وعدم الانتقال بالعمليات الرسمية إلى الهجوم لانتزاع عامل اختيار الزمان والمكان من مقاتلي البغدادي، كلها خدمات مجانية يستقبلها البغدادي، ويعيد إنتاجها في معاركه المقبلة.