كشف اقتصاديون أن نمو قطاع صناعة معدات النقل والأجهزة الكهربائية يعود إلى المحفزات والدعم الحكومي مثل دعم الكهرباء وتوفير الأراضي بأسعار رمزية، إضافة إلى دعم المصانع من خلال فتح آفاق وجودية لها في المعارض الدولية الممثلة في هيئة تنمية الصادرات السعودية، وكذلك التمويل عن طريق صندوق التنمية الصناعية، أيضا توفر مواد الخام في المملكة بنسبة 70 % خصوصا البلاستيك الذي يدخل في تصنيع الأجهزة الكهربائية، وكذلك الاستقرار في الاقتصاد وعمليات التصدير والاستيراد ووجود كبرى شركات الشحن والنقل في المملكة. وذكر تقرير حركة صادرات المملكة السلعية غير البترولية ووارداتها خلال شهر أبريل لعام 2015، أن قيمة الصادرات بلغت خلال شهر أبريل عام 2015م معدات النقل وأجزاؤها إلى 1597 مليون ريال مقارنة في العام الماضي والتي بلغت فيه 1423 مليونا أي بمعدل زيادة بلغ أكثر من 12%، وكذلك حققت صادرات الآلات والمعدات والأجهزة الكهربائية وأجزاؤها نموا بلغ 941 مليون ريال بعد أن كان يبلغ في العام الماضي 819 مليون ريال أي أن المعدل زادت نسبته إلى 15%. جودة وتقنية عالية وقال أستاذ العلوم الدولية والمختص في شؤون التصدير والاستيراد الدكتور محمد دليم القحطاني: «لا شك ان التغير في أسعار البترول يؤثر على الصناعات السعودية» وأغلب المصانع المحلية تعتمد على الوقود مثل الديزل والغاز والطاقة الكهربائية المدعومة من الحكومة. مؤكداً أن هناك عوامل تجعل المنتج الوطني يلقى قبولا ويدخل في الأسواق الأخرى مثل السعر المنافس والجودة التي تؤثر فيها التقنية المستخدمة والعمالة الماهرة، ناهيك عن التغليف وملحقاته مثل البروشورات، وغالبا كل هذه العوامل متوفرة بالمنتجات السعودية، بدليل أن أكثر السلع السعودية حازت على الرضا في الأسواق العالمية مثل التمور التي وجدت منفذا في روسيا وبعض دول أوروبا، وذلك بسبب المعارض الدولية التي تقام والاهتمام في هذا المنتج. وأضاف القحطاني: إن قطاعات البتروكيماويات بدأت تنمو بشكل معقول وتسيطر على كثير من الأسواق الخارجية، أما باقي الصناعات فهي تنمو بالعدد لأن السوق السعودية كبيرة بالنسبة للدول المجاورة، ومن الملاحظ أن قطاع الصناعات الإنشائية والصناعات التحويلية مثل صناعة البلاستيك والسخانات والزجاج بدأت تنمو أكثر من السابق على المستوى المحلي، لأن السوق كما ذكرت كبيرة جدا وتساعد على هذا النمو، ولكن في حال حصول ركود على مستوى الاقتصاد السعودي لا قدر الله لوجدنا 75% من هذه الصناعات ستتأثر بشكل مباشر إن لم تغلق، ولكن بسبب أن الاقتصاد المحلي مزدهر ولديه سياسات تحفظية ومصادر دخل متنوعة نجده بأصعب الظروف منتعش مع هذه المصانع. وأضاف القحطاني: كل مصانعنا لم تبن إلا على التصدير الذي يعزز من الميزان التجاري في المملكة، حيث إن 15% يعتمد على الاقتصاد العربي والدول المجاورة، و10% من المصانع تصدر إلى دول العالم وتسير في الاتجاه الصحيح وكذلك تواصل البحث عن أسواق جديدة مثل مصانع البتروكيماويات والمواد الغذائية والبلاستيك الخام. وعن العوامل التي جعلت نسبة تصدير معدات النقل والأجهزة الكهربائية ترتفع عن العام الماضي أوضح القحطاني قائلا: هناك محفزات حكومية مثل دعم الكهرباء وتوفير الأراضي بأسعار رمزية، إضافة إلى دعم المصانع من خلال فتح آفاق وجودية لها في المعارض الدولية الممثلة في هيئة تنمية الصادرات السعودية، وكذلك التمويل عن طريق صندوق التنمية الصناعية، أيضا توفر المواد الخام في المملكة بنسبة 70 % خصوصا البلاستيك الذي يدخل في تصنيع الأجهزة الكهربائية، ناهيك عن رخص الأيدي العاملة في المملكة مقارنة مع دول أوروبية، وكذلك الاستقرار في الاقتصاد وعمليات التصدير والاستيراد ووجود كبرى شركات الشحن والنقل في المملكة. وعن تنمية قطاع المعدات والآلات والأجهزة الكهربائية تقنيا أشار القحطاني إلى أنه يجب على الشركات المتخصصة في هذه المجالات جلب أحدث الأجهزة العالمية؛ من أجل أن يتدرب الطلاب سواء على مستوى البكالوريوس أو الدبلوم على كيفية التعامل مع هذه الأجهزة من ناحية التشغيل وعمل الصيانة اللازمة لها والتطوير من مهماتها، وكذلك أن يكون هناك تحديث مستمر للآلات التي يتدرب عليها الطلبة في الكليات التقنية، بحيث ألا يتخرجوا ويعملوا في سوق العمل إلا وهم مدربون بالشكل الصحيح على أحدث التقنيات، إضافة إلى التشجيع على فتح معاهد تدريبية لصقل مهارات الشباب أسوة بمعهد «ماساتشوستس» الأمريكي الذي أسس 250 ألف شركة على مستوى العالم، ووظف أكثر من 3 ملايين متدرب ومدخراته تبلغ 2 تريليون دولار أمريكي وهي قيمة الشركات التي أسسها، وليس مثل المعاهد الصناعية الحالية التي تتبع البيروقراطية الحكومية التي حجمت الإبداع والابتكار الحديث، موضحا أنه بدون تحفيز العقول والبحث في احتياجات السوق لن يكون هناك أي تطوير في الآلات والتقنية. وطالب القحطاني المصانع المحلية بإعادة هيكلة قطاعاتها الهندسية والميكانيكية، فكثير منها لا يستطيع التحديث لأنه لا يوجد معارض تقنية متخصصة تعرض منتجات كبرى الشركات العالمية الحديثة، لذلك يجب إقامة 3 معارض سنوية على الأقل متخصصة في أحدث التقنيات، سواء في صناعة البتروكيماويات أو الكهربائية أو الإنشائية كالحديد والإسمنت. التطور والطاقات البديلة وعزا الخبير الصناعي المهندس مازن شعث أسباب النمو والتطور في قطاع الصناعة بالمملكة، مثل قطاع البتروكيماويات وصناعات النفط والغاز إلى التوسع الذي يحدث بين حين وآخر في مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين، خصوصا في القطاعات الرئيسية مثل تحلية المياه والتوسعة في مشاريع الكهرباء، ناهيك عن الحاجة الماسة لشركة أرامكو السعودية لإيجاد بديل للنفط الخام لتوليد الطاقة الكهربائية لأن المملكة حاليا تصرف ما بين 2.5 – 3 ملايين برميل في اليوم الواحد من أجل توليد هذه الطاقة الهامة. وقال على حسب الخبراء أنه في عام 2030 إذا لم يتم إيجاد بديل لتوليد الطاقة الكهربائية من النفط الخام فإن إنتاج المملكة من النفط الذي يبلغ حوالي 11 مليون برميل يوميا سيذهب إلى استهلاك الطاقة الكهربائية، وبالتالي سيحدث هذا الأمر خسائر في إيرادات المملكة، لذلك فإنه لا بد من استبدال النفط الخام بالغاز الذي يتم عمل مشاريع ضخمة له حاليا، وكذلك استخدام الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح وتوليد الطاقة النووية، وهذه البدائل خلقت فرصا كبيرة للصناعات الرئيسية أن تطور نفسها وأن تكون جاهزة خلال السنوات الخمس المقبلة مثل صناعة المعدات الثقيلة كالخزانات العملاقة التي تتحمل الضغط العالي وسماكة الحديد بها تبلغ 120 كي تتماشى مع متطلبات الطاقة الجديدة كالغاز. وأضاف شعث ان ارتفاع نسبة تصدير معدات النقل والأجهزة الكهربائية مثل الكابلات في هذا العام دليل على أن الصناعة السعودية استطاعت تطبيق كل معايير الجودة العالمية التي من خلالها أصبحت تنافس كبرى الشركات العالمية لأن شركة أرامكو السعودية وهيئة تنظيم الكهرباء تفرضان على كثير من المصنعين الذين يعملون معهما على وضع نظام للجودة عالٍ جدا حتى يتمكنوا من تقديم منتجات جيدة في السوق السعودية، وتنافس على المستوى العالمي، وقد شهدنا العديد من المصانع السعودية في محافظة الجبيل بدأت تنافس مصنعين عالميين في كوريا واليابان. توسعة خطوط الإنتاج وأكد عضو لجنة الاستثمار والأوراق المالية بغرفة الرياض الدكتور عبدالله المغلوث أن النوعية من هذه المشروعات في هذه السنة ترجع إلى تدفق السيولة لدى المقاولين وأصحاب المشاريع الإنشائية، من خلال الميزانية المعتمدة للدولة التي ارتفعت عن العام الماضي وكان لها الأثر الإيجابي في بناء مشاريع وبنية تحتية في مختلف مناطق المملكة، مما أسهم في تحرك المصانع وإنتاج المواد الاستهلاكية ومواد البناء والتي من أهمها المواد الكهربائية التي يسعى المقاولون إلى استحواذ كميات كبيرة منها لبناء المشاريع العملاقة من جامعات وكليات ومطارات وبنى تحتية في كافة أنحاء المملكة مما تضمنتها ميزانية 2015م، وهذه شكلت خطوة إيجابية على المصانع للتوسع في خطوط إنتاجية كبيرة، وكذلك بدعم من صندوق التنمية الصناعية لتنمية صادرات تلك المصانع ليس فقط على المستوى المحلي أو الإقليمي، وإنما على المستوى العربي لأن هناك مواد تم إنتاجها وعليها طلب في السوقين العربية والعالمية، مشيرا إلى أنه من الملاحظ أن المنتج السعودي أصبح عليه إقبال في كافة دول العالم بما له من معايير ومقاييس عالمية تقبلها المستثمرون والتجار في المستويين المحلي والإقليمي. وقال المغلوث: إن الصناعات الإنشائية تنقسم إلى نوعين الأول صناعة الحديد الذي لا يزال عليه طلب كبير من قبل المقاولين جراء المشاريع الضخمة في مكة والمدينة، وكذلك التوسع في المطارات والجامعات، كما أنه من الملاحظ أن كمية الحديد التي تنتج في السعودية لا تكفي، مما دعا المتعهدين في مشاريع البنى التحتية إلى استيراد كميات كبيرة من دول المحيط العربي كدولة قطر وتركيا والإمارات، أما النوع الثاني فهو صناعة الإسمنت التي زاد إنتاجها وجعل هذا المنتج يتوفر بشكل كبير يمكن استخدامه في مشاريع أخرى وبتوازن أكبر، مؤكدا أن التوسع في خطوط الإنتاج بلغ 15% عن العام الماضي. وأضاف: إن هناك توجيها من المقام السامي باستخدام المنتجات المحلية والتي من بينها معدات النقل والآلات والمواد الكهربائية كإحدى المواد التي تستخدم في مشاريع المملكة، إضافة إلى أن صندوق التنمية الصناعية ساعد أصحاب المصانع الذين يسهمون في بناء مشاريع صناعية، مما ساعدهم على التوسع في الإنتاج بهدف تغطية احتياجات المملكة والمنطقة المحيطة. وزاد المغلوث: إن المنتجات السعودية سواء كانت استهلاكية أو معدات وآلات لم تعد تستخدم في المملكة فقط وإنما أصبحت مطلبا رئيسيا على مستوى الوطن العربي والدول المجاورة، ولهذا تم انشاء هيئة تنمية الصادرات السعودية، وهذا الأمر عزز وجود المنتج الوطني خارج حدود المملكة وأصبح التاجر الأجنبي يركز على شراء المنتج الوطني. وتوقع المغلوث لقطاع صناعة معدات النقل والأجهزة الكهربائية نجاحا أكبر خلال السنوات القادمة لأن السوق السعودية سوق واعدة ومطمئنة نتيجة السياسات الناجحة التي لفتت أنظار كثير من المستثمرين الأجانب، وجعلتهم يركزون على الاستثمار في المعدات والآلات والنقل لأن السوق المحلية تشجع على هذا الاستثمار وضخ المزيد من هذه المنتجات في المحيط السعودي والعالمي. التشغيل الآلي وأكد المهندس فادي عثمان والذي يعمل بأحد مصانع معدات النقل بالمنطقة الشرقية، أن ارتفاع معدل المشاريع الجديدة بالمملكة حفز قطاع المعدات على زيادة الإنتاج خصوصا الهياكل والمقطورات، فهو بالتالي قطاع خدمي مرتبط بالقطاعات الأخرى. ونبه إلى أن تطوير هذا القطاع واستمراريته على التصدير بشكل أوسع يتوقف على إيجاد استثمارات ضخمة تتخصص في نظام الأجهزة والآلات المتحركة (التشغيل الآلي)، وكذلك الرجل الآلي حتى تتمكن المصانع المحلية من زيادة إنتاجها والتقليل من عدد العمالة المكلفة. التنويع والنمو الصناعي وأوضح الخبير الاقتصادي طلعت حافظ أن الصناعة السعودية متعاقبة منذ أن صدرت أول خطة تنموية خمسية في عام 1970م، ووصولا إلى الخطة العاشرة التي صدرت قريبا حيث ركزت جميعها على تنويع مصادر القاعدة الاقتصادية في الواقع، وأيضا تنويع مصادر إيرادات الدخل الإجمالي وقاعدة الإيرادات العامة، وقد نجحت المملكة إلى حد كبير في ذلك بهدف التقليل إلى الحد الممكن من الاعتماد على إيرادات النفط كمصدر رئيسي للدخل، ولكن أيضا على أن يكون هو المشكل الأساسي للناتج المحلي الإجمالي أو حتى للصادرات، وقد لجأت المملكة من هذا السياق إلى إنشاء مدن صناعية ضخمة، وكما هو معروف تأتي على رأسها مدينتا الجبيل وينبع الصناعيتان، وأيضا بدأت بإنشاء الشركة السعودية للصناعات الأساسية «سابك»، وبهذا نجحت المملكة نجاحا باهرا بما يعرف بصناعات البتروكيماويات والأساسية، وإلى حد ما بما يعرف بالصناعات التحويلية، وبالتالي تمكنت المملكة من وضع بصمات على الخارطة الصناعية. وأشار إلى أن الاتجاه حاليا هو التركيز على الصناعة بشكل أكبر مما كان في السابق وان تكون هي الخيار الإستيراتيجي ورديف لإيرادات النفط، لا سيما أن السعودية لديها العديد من المقومات بأن تصبح بلدا صناعيا متقدما خلال السنوات القادمة. وقال حافظ: تم إنشاء هيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية وأيضا أنشئت هيئة عامة مستقلة للصادرات، وهذه المدن التي بلغ عددها 34 مدينة على مستوى المملكة مزودة بكل وسائل التطور سواء من خدمات وبنى تحتية وفوقية متكاملة، وهنا بدأنا نلمس أن هناك توجها جيدا لنمو الصادرات غير النفطية التي حققت نموا في العام الماضي أعلى من الصادرات النفطية، ويعزى ذلك إلى التغير في الأسعار والكميات المطلوبة العالمية للنفط، لكن هذا أيضا نجاح يصدر لنمو الصناعات غير النفطية على حساب الصادرات النفطية. وأضاف: ما عكسته الأرقام الأخيرة من نمو في عدد من المنتجات الصناعية يؤكد على ان السعودية سوقها أصبح مفتوحا للتصدير أكثر مما كان عليه في السابق، ونحن نذكر قريبا أن التصدير كان لا يتعدى 60 دولة واليوم أصبح يتجاوز 120 دولة اي بمعدل نمو بلغ 100% على مستوى العالم، لا سيما كما هو معروف أن المملكة عضو فاعل في مجموعة الدول العشرين ومنظمات دولية أخرى مثل منظمة التجارة العالمية، والتي بموجب دخولنا بها في عام 2005م فتح لنا آفاق جديدة وأوسع بالنسبة للتصدير إلى أكثر من 120 دولة. ونوه حافظ إلى أنه خلال العقدين الماضيين أثبتت المملكة تطورها في صناعة الأدوات الكهربائية، وأصبحت المنتجات السعودية من المحولات الكهربائية والأجهزة ذات العلاقة واصبحت تصدر إلى الخارج لما تتمتع به من جودة عالية وتتميز بالكفاءة العالية، وكذلك الطلب على معدات النقل. وفيما يخص تنمية قطاع معدات النقل والأجهزة الكهربائية تقنيا بين حافظ أن الصناعة ليس لها حدود والمملكة ماضية في التطور الصناعي، ومن هنا يجب التركيز على هذه الصناعات كما تم التركيز على الصناعات الأساسية في السابق، وكذلك التركيز على الصناعات التحويلية في المستقبل، وذلك لعدة اعتبارات منها أنها تخلق الاقتصاد العنقودي، وبالتالي هذا يعني ان هناك صناعات تنشأ عن صناعات أخرى، وبالتالي هذا سيكون محفزا لنمو المنشآت الصغيرة والمتوسطة والتي نأمل أن تلعب دورا هاما ورئيسا لا يقل عن الدور الذي تلعبه الشركات الكبرى لأنها مسئولة عن التوظيف سواء في المملكة أو غيرها، وتقدر نسبة الوظائف التي يعمل فيها أفراد المنشآت المتوسطة والصغيرة حوالي 82%، لا سيما انها تعتبر القاعدة العريضة بين أعداد الشركات حيث تشكل 89% على مستوى المملكة. مصانع المملكة أصبحت تضاهي الدول الصناعية الكبرى في الانتاج والأنظمة