التجارة الحرة هي تبادل السلع والخدمات بين الدول دون الخضوع للقيودالحكومية والضرائب والجمارك، كما ان الدول التي تتبع سياسة التجارة الحرة لا تمنع مواطنيها من التعامل بالبيع والشراء والتسويق على سلع أنتجت خارج القطر، وبذلك فان المنتجات المستوردة تعامل معاملة السلع المحلية لكل دولة. التجارة الحرة لها عدة فوائد كما يقول الاقتصاديون فهي تتيح للدول مزايا تقسيم العمل والتخصص الجغرافي وتقضي على الاحتكار، حيث تسمح لعدة شركات بعدة دول داخل هذا الاتحاد بالتنافس في السعر وجودة المنتج وطريقة تسويقه. كما ان منظمة التجارة الحرة تلغي الرسوم الجمركية وآثارها وعيوبها الاقتصادية التي تجبر المستهلك على دفع الضريبة، وبالتالي الحصول على السلع بأسعار مرتفعة كثيرا عن تكلفة إنتاجها. كما انها تضر بالمنتج وتقلل الطلب على السلع خصوصا اذا كانت هذه السلع عالية المرونة مثل السلع الكمالية والسلع الفارهة. ورغم مميزات التجارة الحرة إلا أن لها أضرارا اذا لم يتم ضبطها والتنبيه لها ووضع القوانين الصارمة والانظمة الواضحة وتفعيل دور الرقابة والقضاء والتصدي لها، خصوصا اذا كانت بين دول غير متكافئة بالموارد الطبيعية ورأس المال. فقد تُمارس الدول الأكبر عمليات تخالف مبدأ وأنظمة التجارة الحرة مثل ان تدعم شركاتها ومصانعها المحلية وتعطيها مميزات أكثر فمثل هذه السياسات تقضي على مبدأ تكافؤ الفرص بين المنتجين داخل هذه المنظمة. وقد يقوم بعض الشركات الكبرى بعمليات الاغراق وحرب الأسعار للقضاء على المنافسين الآخرين، وفي اعتقادي ان هذه المحاذير لن تكون موجودة في منظمة التجارة الحرة الافريقية كون التباين بين الدول الافريقية لا يعتبر كبيرا باستثناء دولة جنوب أفريقيا. فإذا رجعنا الى موضوع اتفاقية التجارة الحرة الافريقية فقد اتفق زعماء 26 دولة أفريقية على تكوين أكبر تجمع اقتصادي للتجارة الحرة في أفريقيا تمتد من كيب تاون جنوبا الى القاهرة شمالا. ويتوقع الخبراء ان ترفع هذه الاتفاقية مستوى التجارة البينية في القارة الافريقية من 12 بالمائة الى 30 بالمائة. كما ان هذه الاتفاقية ستزيد تدفق رؤوس الأموال العالمية لتلك الدول وتقلل تكلفة التجارة البينية الافريقية بحوالي تريليون دولار ، كما سترفع الجدولة الاقتصادي للمشاريع الاقتصادية كون هذه السوق الجديدة المحررة من القيود تضم نحو 600 مليون مستهلك. وقد لا تكون الصورة بيضاوية في هذه القارة السوداء، حيث تواجه هذه القارة عدة مشاكل أهمها عدم الاستقرار السياسي والصراعات الداخلية وعدم وجود بنية تحتية جيدة، يضاف الى ذلك الفساد المستشري في أغلب البلدان الافريقية وعدم وجود أنظمة وقوانين واضحة ومطبقة، إلا ان ذلك لا يمنع وجود تفاؤل لمستقبل أفضل لتلك الدول. وبما ان تلك الاتفاقية تضم في أعضائها دولا عربية ومنها مصر والسودان وليبيا وجيبوتي وثلاث من تلك الدول هي أعضاء في منظمة التجارة العربية الكبرى التي تضم أغلب الدول العربية وكل الدول الخليجية. ولهذا فان هذا التداخل لا بد ان تستفيد منه دول الخليج العربي للوصول الى هذا السوق الأفريقي بما يضمه من مستهلكين يبحثون عن سلعة جيدة بعيدا عن العنصرية التي تمارسها علينا الدول الأوروبية أو تنافسنا فيها الدول الآسيوية. إن التخطيط والنجاح للوصول بمنتجاتنا ذات السمعة الحسنة والجودة العالية الى 600 مليون مستهلك أفريقي سيغير معادلة التجارة العالمية ويجعل لنا كلمة في جزء مهم من العالم خصوصا أنه تربطنا مع قارة أفريقيا علاقات تاريخية حسنة هذا يجعل المستهلك الأفريقي يفضّل منتجاتنا عن منتجات الدول الاوروبية والآسيوية الاخرى. والعكس أيضا صحيح فوصولنا للموارد الطبيعية يغنينا كثيرا عن الدول الأخرى، فأفريقيا تتميز بأرضها الخصبة ومياها العذبة كما تتوافر لديها الأيدي العاملة، فالكرة الآن في ملعبنا للاستفادة من الاتفاقية العربية الافريقية.