قبل ثلاث سنوات تزوجت بنت عمي رغم أن والديَّ رفضا هذا الزواج منذ البداية، منذ أن تزوجتها ونحن نسكن عند أهلها بسبب رفض والديَّ إياها. هذا الزواج كان سبب قطيعة بين أبي وأخي فهما لا يتكلمان مع بعضهما، رغم أنني أزور والديَّ وأقدم لهما مساعدة مادية بسيطة، إلا أنهما غير راضيين عني منذ الزواج الذي تم في غيابهما وبغير رضاهما. مشكلتي الآن أن هذه الزوجة لا تحترم والدي، بل أدركت أنها لا تطيعني بتاتا، لا أدري كيف بقيت أعمى طوال هذه المدة، مشكلتي الثانية في والدي العاطل عن العمل منذ أن حصلت على وظيفة تاركًا حمل إخوتي عليَّ، وأنا اليوم لدي ابن فما الحل؟ أرشدوني مأجورين. الجواب غالباً لا ندرك أننا سر سعادتنا أو شقائنا، إذ إن السر يكمن دائماً داخلنا لذلك صدق من قال: إن السعادة شيء تذهب إليه لا شيء يأتي إليك، وكذلك التعاسة.. وأنت بمحض إرادتك اتجهت للتعاسة منذ تزوجت بغير رغبة أهلك، وتسببت بذلك في قطع الأواصر العائلية، ثم أثبتت الأيام أن رؤية أهلك كانت صائبة، إذ يتضح من حديثك - إن كنت صادقاً فيه - أن زوجتك متمردة لا تطيع أحداً ولا تحترم أحداً، فهل هذه هي الزوجة التي تستحق ما فعلته؟ إن حل مشكلتك التي تنقسم إلى شقين، الأول: الخاص بزوجتك، الذي أرى أن سبباً رئيساً لوصولها إلى ما هي فيه هو ضعف شخصيتك أمامها وربما تدليلك الزائد السابق لها، وإشعارها بأنها أهم لديك من أي شخص آخر، ثم بقاؤك في بيت أهلها طوال هذه المدة. لذلك أنا أرى أن حل مشكلتك في الآتي: أن تجتهد أكثر في عملك، ولا مانع من البحث عن عمل إضافي حتى يتيسر لك ولو بعد حين أن تنتقل إلى مسكن خاص بك. وأن تدفع ولو مقابلاً بسيطاً لعمك مقابل إقامتك لديه أو على الأقل تشارك بشكل واضح في نفقات البيت، وأن تحذِّر زوجتك بالحسنى، ثم بالشدة من عدم طاعتها لك، وأنك لم تعد تقبل ذلك. وفي نفس الوقت لا تسمح لها إطلاقاً بإهانة والدك، وكن أكثر قوة وفي نفس الوقت حنوناً، ولا تجعل فكرة الطلاق تتسلل إليك، والأهم أن جزءاً مهماً أنت فيه الآن جنته عليك، فأصلح ما أفسدت أولاً وسوف تجد خيراً بإذن الله. أما بالنسبة للشق الثاني الذي لا أدري لماذا شممت فيه من بعيد رائحة كلام زوجتك، إلا أنني سأتجاوز عن ذلك مع رجائي ألا تتجاوز أنت عن ذلك - إن كان حقيقياً - فأقول لك: إن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، فأخرج ما تستطيع لوالدك وإخوتك، واعتذر لوالدك بأدب عن أن هذا هو كل ما تستطيعه خاصة مع وجود هذا الابن الجديد، وتحمل أي انفعال قد يصدر منه، فهو في النهاية والدك، وفي نفس الوقت مازلت أؤكد أنك بحاجة إلى محاولة جادة أكثر لتحسين وضعك الاقتصادي فهذا ما سييسر لك الكثير من الأمور، لكني أنبهك مع ذلك ألا تغفل مع ذلك حق زوجتك وولدك في الصحبة الطيبة والتربية الصالحة وحق والدك في بره حتى لا يطغى سعيك نحو اقتصاديات أفضل إلى اجتماعيات أسوأ. كما أرجو أن تحاول تحسين الوضع الإيماني والأخلاقي لأسرتك، الذي يبدو لي أنه لا يحتمل جانباً كبيراً في تفكيرك رغم أن صلاح هذا الجانب يسهم بشكل أو بآخر في إصلاح باقي الجوانب، مع خالص أمنياتي لك بأن تتجه من الآن نحو السعادة لا التعاسة.