في الوقت الذي تعيد فيه الصين هيكلة اقتصادها، نجد أن أنماط النمو المتباينة في أقاليمها تسلط الضوء على آلام هذه العملية. كان متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي في مقاطعات الصين البالغ عددها 31 مقاطعة هو 7.4% في العام على أساس سنوي في الربع الأول، بانخفاض 1.3 نقطة مئوية من 8.7% في عام 2014. وكان ذلك أكثر حدة بكثير من انخفاض في نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 7% من 7.4%. تباطأ النمو في مقاطعات الصين بوتيرة متفاوتة جدا - مثلا تراجَعَ النمو في لياونينج إلى 1.9% على أساس سنوي في الربع الأول وذلك من 5.8% في العام الماضي، في حين تقهقر نمو تشونجتشينج إلى 10.7% من 10.9%. من خلال التنقيب في البيانات على مستوى المقاطعة، يمكننا أن نرى الأسباب الأربعة وراء تباطؤ النمو في الصين. أولا: أصبح الاستثمار عبئا على الاقتصاد. كلما كانت استثماراته أكثر بالنسبة إلى نسبة الناتج المحلي الإجمالي، كان التباطؤ الإقليمي أكثر حدة. نمو إجمالي الناتج المحلي في كوينجهاي، المقاطعة التي توجد فيها أعلى نسبة والتي تبلغ حوالي 120% اعتبارا من عام 2013، تراجع بنسبة 1.7 نقطة مئوية ليصل إلى 7.5% في الربع الأول من 9.2% في عام 2014. في المقابل، في جيانغسو، مع نسبة استثمار تبلغ 48%، تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي بمعدل 0.3 نقطة مئوية إلى 8.4% من 8.7%. ثانيا: المحافظات التي يشكل فيها الوقود الأحفوري جزءا كبيرا من الاقتصاد تضررت بشدة جراء تراجع أسعار الطاقة العالمية. في شينجيانغ، الغنية بالنفط والفحم، زاد فيها إنتاج النفط بنسبة 1% فقط على أساس سنوي في الربع الأول، في حين انكمش إنتاج الفحم 1%. في مقاطعة شانكسي التي تستضيف أكبر احتياطيات الفحم في الصين، انخفض إنتاج الفحم بنسبة 2.8%. تدابير مكافحة التلوث الحكومية قد ترهق أيضا قطاع الطاقة وهذه الاقتصادات المحلية. ثالثا، المحافظات التي كانت فيها الشركات المملوكة للدولة مهيمنة في الصناعات الثقيلة عانت المزيد من الآلام. هذه الشركات المملوكة للدولة تواجه طاقة مفرطة شديدة، وخاصة في مجال التعدين والمعادن. في لياونينج، وهي قاعدة رئيسية للصناعات الثقيلة، انخفض الإنتاج الصناعي بنسبة 5.9% على أساس سنوي في الربع الأول. في شينجيانج، موطن لكثير من الشركات المملوكة للدولة، انخفض أيضا إنتاج الصلب 40.7% على أساس سنوى. رابعا، مع استمرار المشاكل العقارية في البلاد، فإن الاعتماد على عائدات الأرض لتمويل الإنفاق المحلي يشكل عبئا آخر على الاقتصادات المحلية. المحافظات الواقعة شمال شرق الصين، لياونينغ وجيلين وهيلونغجيانغ، هي الأكثر اعتمادا على مبيعات الأراضي لشركات التطوير العقاري، وهو ما يمثل حوالي 29%، 46% و32% من إجمالي إيراداتها في الربع الأول، على التوالي. في الواقع، سجلت لياونينغ نسبة نمو بلغت 1.9% في الربع الأول، وهو أدنى مستوى بين جميع المحافظات، في حين أن النمو في جيلين وهيلون غجيانغ - عند 5.8% و 4.8% على التوالي - هو أيضا أقل بكثير من المعدل العام على مستوى الصين. مع ذلك، هناك دلائل على أن إعادة التوازن الاقتصادي يمكن أن تؤتي ثمارها في بعض أجزاء البلاد. مقاطعة تشجيانغ، موطن عملاقة الإنترنت علي بابا ومحور التجارة الإلكترونية في الصين، تبرز باعتبارها واحدة من النقاط المضيئة القليلة في البلاد. وكانت أيضا المحافظة الوحيدة التي تسارع معدل النمو فيها في الربع الأول. الناتج المحلي الإجمالي توسع بنسبة 8.2% في العام على أساس سنوي في الربع الأول ارتفاعا من 7.6% في عام 2014. وكان هذا يرجع في معظمه إلى قطاع الخدمات الذي ساهم بحوالي 5.3 نقطة مئوية إلى النمو في الربع الأول. شهد قطاع البرمجيات والمعلومات نموا بنسبة 27.6% على أساس سنوي في الإيرادات، في حين زادت المبيعات عبر الإنترنت بنسبة بلغت 28.6%. في الوقت الذي نعمل فيه الصين نحو إعادة التوازن إلى اقتصادها، فإن نجاحات جيجيانج يمكن أن تشير إلى الاتجاه الذي سيذهب إليه النمو في المستقبل.