توقعّ تقرير اقتصادي حديث تقلص حجم مساهمة قطاع النفط في تعزيز الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للسعودية، وذلك بسبب مؤشرات تظهر تباطؤ معدلات النمو في إنتاج النفط خلال الربع الرابع من هذا العام، مقارنة بالمستويات المرتفعة التي تحققت خلال الأشهر التسعة الأولى من العام نفسه، إلى جانب خفض الإنتاج، إذ تشير آخر البيانات الصادرة عن المبادرة المشتركة لبيانات النفط إلى أن إنتاج النفط السعودي تراجع على أساس ربعي بنسبة 2.3 في المئة خلال الربع الثالث. ورجحّ التقرير الذي أعدته دائرة الاقتصاد والبحوث في شركة جدوى للاستثمار، أن ينعكس نمو القطاع الحكومي غير النفطي الذي بلغت نسبته 12,2 في المئة في الربع الثالث من العام الحالي على زيادة الإيرادات غير النفطية في موازنة الدولة المنتظر صدورها في غضون الأسبوعين المقبلين، مشيراً إلى أن القطاع الحكومي شكل المحرك الرئيسي لنمو الناتج المحلي للقطاع غير النفطي، وأن معظم هذا النمو جاء من ارتفاع الخدمات الحكومية التي نمت بنسبة 13,4 في المئة على أساس المقارنة السنوية. وقال التقرير، إنه على رغم أن هذا الأداء القوي يعكس تحسناً في الخدمات الحكومية، إلا أن ما يثير الاستغراب هو تحقق هذا النمو في الربع الثالث الذي يميل فيه النشاط الاقتصادي عادة إلى التباطؤ النسبي مقارنة ببقية العام، مضيفاً: «سجل القطاع غير النفطي نمواً طفيفاً نسبته 0,1 في المئة على أساس ربعي، جاء معظمه بفضل الأداء القوي للقطاع الحكومي غير النفطي الذي نما بمعدل 3,7 في المئة بينما تراجع القطاع الخاص غير النفطي بنسبة 1,7 في المئة، وحقق قطاع المرافق العامة أفضل معدل نمو ربعي بلغ 16,4 في المئة، وهو نمو مستحق في ظل الزيادة الموسمية في الطلب على الكهرباء من شريحتي المساكن والمحال التجارية على حد سواء، نتيجة للاستخدام المكثف لأجهزة التكييف خلال الربع الثالث. في حين تباطأ نمو قطاعي التشييد والنقل والاتصالات في الربع الثالث جراء الارتفاع في درجات الحرارة». وتابع التقرير: «أحدث البيانات الاقتصادية أكدت تواصل الأداء القوي للاقتصاد السعودي في الربع الثالث لعام 2012، إذ نما الاقتصاد بالقيمة الفعلية (معدلة وفقاً لتغيرات الأسعار) بنسبة 5,87 في المئة مقارنة بمستواه في الربع نفسه من العام الماضي، إذ يعود هذا الأداء إلى النمو القوي في القطاع الحكومي غير النفطي، مشيراً إلى أن هذا يؤكد تغير محفزات النمو الرئيسية، فبينما كان القطاع الخاص هو المحرك الأساسي للنمو في الربع الثاني من العام الحالي، والذي أسهم بنحو 3,2 نقطة مئوية، تقلصت مساهمته إلى 2,4 نقطة مئوية في الربع الثالث، وفي المقابل قفزت مساهمة القطاع الحكومي إلى 2,8 نقطة مئوية في الربع الثالث مقارنة ب 0,9 نقطة مئوية خلال الربع السابق، وقدم قطاع النفط أقل مساهمة لم تتعدَ 0,7 نقطة مئوية». كما توقع التقرير أن يأتي الأداء الاقتصادي متبايناً في الربع الرابع من العام الحالي، فمن ناحية سيبقى إنتاج النفط على الأرجح عند مستواه الحالي مع احتمال بعض التراجع في معدل نموه السنوي، ومن ناحية أخرى يتوقع أن يحافظ القطاعان العام والخاص على حد سواء على أدائهما القوي، مما من شأنه أن يدفع بالنمو إلى معدلات أعلى، في حين شدد التقرير على وجود مؤشرات رئيسية تشير إلى نمو قوي خلال الربع الرابع لقطاعات التشييد، والتجزئة والنقل والاتصالات. وأبقى تقرير جدوى للاستثمار على توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي الفعلي للعام 2012 عند 5,8 في المئة، مؤكداً أن النمو في القطاع الخاص غير النفطي جاء متوافقاً مع النمط الموسمي المعتاد لهذا القطاع، إذ تباطأ نموه السنوي الكلي إلى 5,1 في المئة في الربع الثالث مقارنة بمعدل نمو 6,4 في المئة للربع السابق. وعزا تباطؤ النمو إلى مستويات النمو التي تمت المقارنة بها، إذ سجل القطاع الخاص نمواً سنوياً بلغ 8,8 في المئة في الفترة نفسها من العام الماضي.