ألن يكون من الجيد أن نعرف أن الرأسمالية تكافئ التطبيق المتأني للأفكار العظيمة؟ ألا تعتبر الأعمال أفضل عندما تعمل على تمويل الخيال وتحقيق الأمور بعيدة المنال؟ ها هي الأخبار الجيدة: من بين الشركات الكبيرة التي تنفق الأموال على البحث والتطوير، فإن أكبر الاستثمارات تعطي النتيجة المرجوة. المساهمون، في أغلب الأحيان، يحصلون على أكبر عائد من تخصيص أكبر نسبة مئوية من مبيعات الشركات للبحث والتطوير. الصلة بين الابتكار والإنفاق على البحث والتطوير معقدة ومتنازع عليها. هناك وجهة نظر متشككة تتمثل بتقرير شركة بوز وشركاه نشر في عام 2011، وهو يجادل بأن الشركات ذات الطابع الابتكاري العالي لا تستثمر بالضرورة مبالغ كبيرة في البحث. كثير من الشركات الناجحة لا تُبلِغ عن أي نفقات على البحث والتطوير على الإطلاق. من بين الشركات التي تفعل ذلك، هناك علاقة بين الإنفاق على البحث والتطوير وقيمة حقوق المساهمين. لنبدأ بالشركات المدرجة على قائمة أكبر 500 شركة في العالم من حيث القيمة السوقية (جلوبال 500). ما يقرب من نصفها، 239 شركة، ذكرت أنها أنفقت مبالغ معينة على الأقل على البحث والتطوير في السنوات الثلاث الماضية. وكانت هذه أساسا عمالقة التكنولوجيا مثل ياهو وشركة أدوبي سيستمز، والشركات السابقة في مجال العلوم، مثل فيرتكس للادوية وشركة جلياد ساينسز، وشركات صناعة المنتجات المهندسة مثل السيارات والطائرات ومعدات الالكترونيات. وكانت الشركات المالية وشركات بيع السلع الاستهلاكية الأقل عرضة للإبلاغ عن البحث والتطوير. من بين الشركات التي تُبلِغ عن الإنفاق على البحث والتطوير، تلك التي سجلت أعلى نسب للنمو خلال العام الماضي وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية كان يغلب عليها أن تكون الرائدة في الاستثمار في البحث والتطوير، وذلك وفقا لبيانات جمعتها بلومبيرج. لننظر أولا في الربع الأسرع نموا في الانفاق على البحث والتطوير، الشركات التي وسعت رسملتها السوقية بأعلى معدلات منذ عام 2012. فقد زادت من رسملتها السوقية بمعدل 251% في حين تنفق ما معدله 10.25% من صافي المبيعات على البحث والتطوير. ثم ارتفعت القيمة في الربع التالي بما معدله 69%. وهذه استثمرت بمعدلات أقل: حيث أنفقت 7.91% من الإيرادات على البحث والتطوير. بلغ متوسط معدل النمو في الربع الثالث بنسبة 36%، مع 6.4% من صافي المبيعات استثمرت في البحث والتطوير. الربع الأبطأ نموا لشركات جلوبال 500 التي تستثمر شيئا في البحث والتطوير فقدت في المتوسط 8% من رسملتها السوقية، بعد أن وضعت في المتوسط 3.24% في البحث والتطوير، وذلك وفقا لبيانات بلومبيرج. جزء من هذه القصة يبدو مألوفا. نتوقع من الشركات الشابة مثل شركة جوجل الاعتماد على البحث والتطوير للنمو. وهنا ما يثير الدهشة: تشير البيانات إلى أن الشركات الأقدم يعتبر أداؤها أفضل على المدى الطويل في سوق الأسهم عندما تكون ملتزمة بالاستثمار في الابتكار. لنأخذ مثالا شركة ريجينيرون للمستحضرات الصيدلانية وتاريتاون ونيويورك، الشركة التي تصنع منتجات لعلاج السرطان. تأسست في عام 1988، أي قبل 10 أعوام من تأسيس جوجل، ومع ذلك ارتفعت رسملتها السوقية بنسبة 716% على مدى السنوات الثلاث الماضية في الوقت الذي تستثمر فيه 63 في المائة من مبيعاتها الصافية البالغة 3 مليارات دولار في البحث والتطوير. في الطرف الآخر من المقياس، أمجين، وهي شركة للتكنولوجيا الحيوية ومقرها في ثاوزاند أوكس، كاليفورنيا، استثمرت نحو نصف ذلك المبلغ في البحث والتطوير – 20.8% من صافي مبيعاتها - وشهدت أسهمها ارتفاعا بلغ 137% خلال نفس الفترة، نحو خمس النمو في ريجينيرون. انخفاض الإنفاق على البحث والتطوير كما يبدو عمل على تخفيض أداء CSL المحدودة، الشركة الصانعة للقاحات الأطفال والكبار مقرها استراليا. ارتفعت أسهمها بنسبة متواضعة نسبيا بلغت 60.24% خلال ثلاث سنوات في الوقت الذي تستثمر فيه 8.3% من صافي المبيعات في البحث والتطوير. في المقابل، خصصت فيرتكس للادوية المحدودة، وهي شركة مقرها ماساتشيوستس التي تطور الأدوية لعلاج الأمراض الفيروسية، 81% من صافي المبيعات للبحث وزادت رسملتها السوقية بنسبة 313% خلال الفترة نفسها. حتى عندما يكون الالتزام بالإنفاق على البحث والتطوير هو أدنى بين الشركات التي تلتزم فيه على الإطلاق، تجد أن هناك فرقا. شركة إيه تي أند تي AT&T، ومقرها في دالاس، استثمرت فقط 1.13% من صافي المبيعات في البحث والتطوير، وارتفعت رسملتها السوقية خلال السنوات الثلاث الماضية بمعدل ضئيل بلغ 3.23%. كذلك استثمرت مجموعة BT، نظيرتها لخدمات الاتصالات ومقرها لندن، (4)% من مبيعاتها في البحث والتطوير وارتفعت رسملتها السوقية بنسبة 108%. صحيح أنه ليس كل الشركات التي تستثمر بشكل كبير في البحث والتطوير ترى فائدة مماثلة للمساهمين. شركة فايزر، الصيدلانية العملاقة، أنفقت 14.36% من صافي مبيعاتها في البحث والتطوير في السنوات الثلاث الماضية، وارتفعت رسملتها السوقية فقط بنسبة 22.72% في تلك الفترة. وهذا استثناء. معظم الشركات الكبرى التي تستثمر باستمرار في البحث والتطوير تنهي الأمر باستفادة مساهميها. ليس هناك من الشركات من يوضح هذا النمط بصورة مؤكدة أكثر من تيسلا موتورز المحدودة، صانعة السيارات الكهربائية عالية الأداء ومقرها كاليفورنيا. الشركة لا تحقق الأرباح، ولكنها تقوم بأداء يشبه أداء الجواد الأصيل عندما يتعلق الأمر بقيمة حقوق المساهمين. باعتبارها تحتل المرتبة 408 على قائمة جلوبال 500، وتبلغ رسملتها السوقية 31 مليار دولار، فإن قيمتها تزيد بأكثر من 50% على قيمة جنرال موتورز. وتستثمر تيسلا ما نسبته 48.67% من صافي مبيعاتها في البحث والتطوير، وهو ما ساعد على تحقيق عوائد لسنة واحدة ولثلاث سنوات بمعدل 133 و 836% على التوالي - وهو دليل مثير للإعجاب على أن النتائج تكون مجزية بصورة كبيرة حين تستثمر الشركة في الأفكار المهمة والكبيرة.