سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
د. النجار: الخلافة الإسلامية واقع سجله تاريخ الأمم في أنصع صفحاته بحروف من نور وكلمات من ذهب المفكر الإسلامي وأستاذ الشريعة بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية ل«آفاق الشريعة»:
أوضح المفكر الإسلامي الدكتور عبد الله النجار أستاذ الشريعة الإسلامية وعميد كلية الدراسات العليا بجامعة الأزهر السابق وعضو مجمع البحوث الإسلامية أن حب الوطن في الإسلام ليس مجرد شعور إنساني يقتصر على ميول القلب دون أن يتخذ شكل السلوك البشري المنضبط الذي يحاسب الإنسان بموجب الخطاب المنظم له، فيثاب على الوفاء له ويعاقب على التقصير في واجبه، بل إن حب الوطن في الإسلام إذا أردنا أن نبرز قدر قيمته في نظر الشارع ونقيسه بمعايير العطاء البشري يتفوق على حب النفس والمال، وأن مظاهر التوظيف السياسي للدين بدأت تطل بوجهها القبيح وأكاذيبها المملة وأصبح من السهل على أي مسلم حصيف يعرف أحكام دينه معرفة صحيحة أن يتبين ملامح تلك المظاهر الدنيوية المقصودة من التوظيف السياسي للدين، ممن يحرصون على تسويق أفكارهم للجماهير بقصد الوصول إلى هدف محدد هو زرع اليأس في قلوب الناس. مشيرا إلى أن الواقع العملي للتوظيف السياسي للدين له آثار سيئة وواقع كريه، تؤكده بلادة المآرب النظرية المرجوة من ذلك التوظيف، ومن أهمها التلاعب بالدين واتخاذ آيات الله هزوا وتحويل الدين إلى ثمن يشترى به متاع قليل ومآرب سيئة. وأضاف: قد أصبح واقع الأمة الإسلامية حيال موضوع الخلافة مترددا بين خيارين أحلاهما مر كما يقولون، فهم إما أن يرضوا بالواقع الحاضر على حساب عودة الخلافة ويوفروا سعيهم لها، وإما أن يقنطوا منه ويتمسكوا بإعادتها، والخيار الثاني متعذر لضعف القدرات وقلة الإمكانيات وإحكام قبضة التبعية. وفي إطار هذا الموضوع كان لنا الحوار التالي: في البداية سألناه.. حدثنا عن التوظيف السياسي للدين؟ التوظيف السياسي للدين يعني الاستهانة بالدين واللعب به واتخاذه ثمنا لشراء ما ينافي مقاصده، وهو الإغراق في متع الحياة وتحصيل غرضها من غير مقابل صحيح، كما أنه يجعل الدين مطية يعبر البعض فوقها بأسلوب مهين وخادع للوصول إلى ما يريدون من متاع الحياة الدنيا وزينتها، مع أن الدين يجب أن يكون حاكما لسلوكهم وموجها لأفعالهم نحو مقاصده السامية وأهدافه الجليلة، وفي هذا كله استهانة بالدين وبالله الذي أنزل الدين وبالنبي الذي جاء بهذا الدين، وذلك كله حرام قطعا ومحظور شرعا. والأمر المشروع لا يجوز التوصل إليه إلا بما هو مشروع وخالص لوجه الله سبحانه وتعالى، وإذا كان الأمر مشروعا في ذاته وذلك كممارسة العمل السياسي فإن ما يوصل إليه يجب أن يكون مشروعا، فإن كانت الوسيلة غير مشروعة مثل اتخاذ الدين شعارا لمكاسب السياسة وتحصيل عرض الحياة الدنيا، فإن عدم مشروعيتها تتطاول إلى آثارها والنتائج التي تترتب عليها، وتكون هي الأخرى غير مشروعة، وذلك باعتبار أنها ثمرة لها ونتيجة مترتبة عليها وثمرة التصرف أو السبب غير المشروع تكون غير مشروعة؛ لأن الخطأ لا يوصل إلى صواب والأمر غير المشروع لا يؤدي إلى عمل مشروع، فما بني على الباطل يكون باطلا. الطبع البشري ماذا تقول عن تدمير فكرة الوطنية وإهدار حق الوطن؟ من ملامح الواقع العملي المر للتوظيف السياسي للدين تدمير فكرة الوطنية وإهدار حق الوطن وتشويه لفكرة الأمة وفكرة الوطنية، وفي سبيل الترسيخ لذلك المفهوم المجافي للطبع البشري والحس الإنساني الذي يشعر من تلقاء نفسه بالانتماء للأرض وحرصه على الدفاع عنها ولو كلفه ذلك حياته، عليه فإن بذل النفس دفاعا عن الوطن من أسمى وأجل ما يحرص عليه المؤمن الذي صحت علاقته بربه سبحانه وسلمت من الضلال والزيغ، ولأن داعي الطبع في حب الوطن والحرص على ترسيخ الانتماء له يتفق مع ما يحبه الشرع الحنيف؛ لأن الوطن في حد ذاته نعمة تستوجب الشكر والحفظ وإذا ضاع الوطن ضاع الدين وضاعت حرماته المتمثلة في حفظ الدين وحفظ النفس وحفظ العرض وحفظ المال، وسوف يتمكن أعداء الوطن من تلك الحرمات. ولقد ظهرت علامات الاستهانة بالوطن على ألسنة بعض الذين اشتهروا بتوظيف الدين لخدمة المآرب السياسية حين تلفظوا بحقه ألفاظا تدل على أنه لا يساوي شيئا في عقيدتهم، بل تطاولوا عليه بالسباب القبيح ومسخوا فكرته في حفنة من التراث، وفي إطار تدمير فكرة الوطنية لم يترددوا في الإعلان عن استعدادهم للتنازل عن جزء من أرضه لدولة في جنوبه أو قطاع في شماله، بل صرح أحدهم أنه لا يمانع في دخول اليهود إليه والمعيشة على أرضه، ناهيك عن الاستخفاف بعلم الدولة وحرقه وتمزيقه ومنع الشعارات الوطنية، وما إلى ذلك من التصرفات التي قد تبدو هينة في طبيعتها ولكنها شنيعة في أهدافها ومرماها. الأحداث السياسية ما آثار التوظيف السياسي للدين؟ الواقع العملي للتوظيف السياسي للدين له آثار سيئة وواقع كريه، تؤكده بلادة المآرب النظرية المرجوة من ذلك التوظيف، ومن أهمها التلاعب بالدين واتخاذ آيات الله هزوا وتحويل الدين إلى ثمن يشترى به متاع قليل ومآرب سيئة، ويمكن إبراز ملامح ذلك الواقع العملى الكريه من خلال الإطار المكانى والأحداث السياسية التى تم تحريف الدين أو تجاهله أو اتخاذه مطية لتدبيرها وإسنادها ولاية القيام بها ليس للأكفاء كما يأمر الدين، بل لمن اتخذوا الدين مطية للحصول عليها عنوة واغتصابا. حب الوطن ما الأدلة الشرعية على تأكيد الانتماء الوطنى؟ إن حب الوطن فى الإسلام ليس مجرد شعور إنسانى يقتصر على ميول القلب دون أن يتخذ شكل السلوك البشرى المنضبط الذى يحاسب الإنسان بموجب الخطاب المنظم له، فيثاب على الوفاء له ويعاقب على التقصير فى واجبه، بل إن حب الوطن فى الإسلام إذا أردنا أن نبرز قدر قيمته فى نظر الشارع ونقيسه بمعايير العطاء البشرى يتفوق على حب النفس والمال ويتجاوز حب الأهل والولد، فكل تلك الأمور رغم خطرها فى حياة الناس تأتى بعد حبه فى المرتبة، فإذا تعارض الحفاظ عليها مع الدفاع عنه فإنها فى سبيل تلك الغاية المقدسة تهون ومن أجل حب الوطن ترخص. ونجد أن الإسلام وهو يقارن بين الوفاء بحقوق الوطن والوفاء بحقوق الناس عندما تجيء ظروف التفاضل يعطي لحقوق الوطن مرتبة تفوق أخطر حقوق البشر، ومنها على سبيل المثال عندما تأتي ظروف التفاضل يعطي لحقوق الوطن مرتبة تفوق أخطر حقوق البشر ومنها على سبيل المثال حق الزوج على زوجته فى الطاعة الخالصة وعدم الخروج إلا بإذنه، وإذا هجم العدو على الوطن فإن هذا الحق يسقط وجوبا لهذا السبب الأهم وتخرج المرأة بغير إذن زوجها مجاهدة فى سبيل الله ومدافعة عن حمى الوطن. ومما لا شك فيه أن هذا التأصيل لحب الوطن شرعا وذلك التقنين للولاء له والقيام بواجب الانتماء إليه لم يأت من فراغ، بل وجد له فى مصادر التشريع الإسلامى ما يبرر وجوده ويؤصل قواعده. فالكتاب الكريم ينطق به والسنة النبوية الشريفة كانت ترجمة أصيلة له قولا وفعلا وتقريرا قال الله تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ). الأمن والسلامة ما تعليقك على مساؤى التوظيف السياسي للدين؟ إن مظاهر التوظيف السياسي للدين بدأت تطل بوجهها القبيح وأكاذيبها المملة وأصبح من السهل على أي مسلم حصيف يعرف أحكام دينه معرفة صحيحة أن يتبين ملامح تلك المظاهر الدنيوية المقصودة من التوظيف السياسي للدين، ممن يحرصون على تسويق أفكارهم للجماهير بقصد الوصول إلى هدف محدد هو زرع اليأس فى قلوب الناس وتحطيم أى بادرة أمل فى مستقبل يحلم به كل مصرى بما يريد، وغد يتطلع فيه إلى حياة كريمة لأولاده وأحفاده، حتى لا يكون هؤلاء الأبناء والأحفاد -وهم الامتداد الطبيعى لحياته وتاريخه- نهبا للضياع أو هدفا لتلك الذئاب الطامعة، والتى تتطلع إلى لحظة الانقضاض على بلادهم بقصد الاستيلاء على خيراتها ونهب ثرواتها ثم تحويل أبناء تلك البلاد إلى قطيع مستهلك لما ينتجه هؤلاء الطامعون المجرمون، أو يستعملون ليكونوا خدما لتلك الذئاب وهم يعيشون فوق أرض بلادهم، فيكون أبناؤنا وأحفادنا غرباء وهم داخل حدود بلادهم التى توارثوها عن آبائهم وأجدادهم جيلا بعد جيل حتى وصلت إليهم بسيادتها وخيراتها وحريتها واستقلالها، وهو مستقبل مر ندعو الله ضارعين ومخلصين أن لا يكتبه على أبنائنا وأحفادنا، وأن لا يقدره لبلادنا، وأن يكتب لها الأمن والعزة والسلامة من كل سوء، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وهو الحافظ لمصر وبلاد العرب والمسلمين وما عليها ومن عليها إلى يوم الدين. تاريخية وجغرافية حدثنا عن واقع الأمة الإسلامية بعد سقوط الخلافة؟ منذ أن سقطت الخلافة الإسلامية فى الأراضى التركية بعد جملة من الإخفاقات السياسية التى ساقتها إلى الفناء سوقا وانتهى أمرها إلى التقسيم الذي استقرت عليه حدود الدول التى اقتطعت منها بعد تطورات تاريخية وجغرافية، لم يقو واقع الأمة الإسلامية على تغييرها؛ وذلك لافتقاد السبب الذى تعبد الله به عباده والذى لا يتم التكليف إلا به وهو الاستطاعة التى أرشد إليها فى كتابه الكريم حين قال: (ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به). ومما هو معلوم شرعا أن الوصول إلى الهدف إذا افتقد القدرة عليه فإن ذلك الوصول يكون متعذرا، ومن يقرأ التاريخ يجد أن الأمة الإسلامية قد أرغمت بقلة حيلتها على ذلك الواقع المتجزئ المرير إرغاما بعد أن تكالبت عليها الأمم الغربية المتكاتفة مع الصهيونية العالمية، وقسموا أراضي دولة الخلافة الإسلامية كما تقسم تركة الرجل المريض وفقا لما أعلنوه. ومن سخرية الأمر فى ذلك التصور (تركة الرجل المريض) أن التركة لا توزع فى حال المريض بل بعد الموت، ولا توزع إلا على وارث بالفرض أو بالتعصيب، ولكن الذى جرى لدولة الخلافة أن أرضها قد وزعت على المتكالبين عليها من ذوى القوة والقدرة والسطوة والجاه قبل أن يموت المورث، وعلى من لا يمتون له بصلة بل جثم على القلب من مساحة تلك التركة المترامية الأطراف عدو مدلل من أعداء الأمة الإسلامية، أقام له دولة على أغلى قطعة من أرض تلك الخلافة ويمثل نقطة انطلاق للقوى التى زرعته حتى تحكم قبضتها على ما بقي من وجود تلك البلاد التى انشطرت عن دولة الخلافة، وإلى أن تعيد تقسيمها إلى أجزاء أقل أو دويلات أصغر، وذلك على نحو ما يدبر له الآن باستخدام كافة الأساليب الرخيصة والوسائل الخسيسة والمؤامرات الدنيئة، ومنها شراء الذمم بالمال وتحويل الخونة إلى أبطال وتأليب أبناء الشعب الواحد على بعضهم ليتقاتلوا فى حمق وليسعد الأعداء ويشمتوا. حرمان الدول ماذا تقول عن الخلافة الإسلامية بين الواقع والأمل؟ كانت الخلافة الإسلامية واقعا سجله تاريخ الأمم فى أنصع صفحاته بحروف من نور وكلمات من ذهب، ثم أضحت الآن وبعد أن سقط عرشها وزال ملكها وتهدم بنيانها حلما يداعب جفون الجميع وأملا يسعى الكافة لاسترداده والتمسك بأطلاله، ولكن تحقيق هذا الأمل يحتاج إلى قدرات بات من الواضح أن القوى التى فعلت بدولة الخلافة أفعالها ما زالت مصممة على حرمان الدول التى انشطرت عنها من تحقيق ذلك الأمل، متسلحة فى ذلك بوسائل يمكن إرجاعها إلى أمرين كل منهما يعد أعتى من الآخر وأشد منه مكرا ودهاء ومقتا. عزة الأوطان ما الوضع الحالي لدولة الخلافة؟ قد أصبح واقع الأمة الإسلامية حيال موضوع الخلافة مترددا بين خيارين أحلاهما مر كما يقولون، فهم إما أن يرضوا بالواقع الحاضر على حساب عودة الخلافة ويوفروا سعيهم لها، وإما أن يقنطوا منه ويتمسكوا بإعادتها، والخيار الثانى متعذر لضعف القدرات وقلة الإمكانيات وإحكام قبضة التبعية، ولأن الالتقاء عليه بعد ما ذاقت البلاد العربية والإسلامية عزة الأوطان وحلاوة الاستقلال يضيف إلى ترجيح ذلك الخيار معوقا جديدا، فإذا ما عزمت عليه دولة أو عدة دول فإنه لن يحظى بالإجماع العربى أو حتى الإسلامى عليه، ومن ثم يترجح القول ببقاء الوضع الحاضر والتعامل معه وفقا لاعتبارات يمكن أن تكون بديلا عن فكرة الخلافة وأقرب إلى تحقيق أهدافها. الوفاء بالعهد ما أسس احترام التحديد الإقليمي المعاصر للأوطان؟ إن حدود البلاد الموجودة على خارطة الكوكب الأرضى الآن قد تم ترسيمها وفقا لاتفاقيات دولية تلزم الدول جميعها بأن تحترم كل دولة حدود الدولة الأخرى ولا تعتدي عليها، وقد مر على ذلك الترسيم زمان استقرت فيه الأوضاع القانونية وأصبحت تمثل مراكز حقوقية قائمة، فإذا قامت دولة أو جماعة أو تنظيم بالاعتداء عليها واغتصبت مساحة من أرضها، فإن ذلك الاستيلاء يعد اعتداء سافرا على حدود تلك الدولة، وهو يمثل نقضا للعهد وخيانة للوعد، وقد أوجب الله تعالى الوفاء بالعهد في قوله تعالى: (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ). وقوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)، فقد دل هذان القولان الكريمان على أن الوفاء بالعهد من الواجبات التى يحرم الحنث فيها ولا يجوز الإقدام عليها، ومن قبيل الوفاء بالعقود احترام العهود التى بمقتضاها تم ترسيم حدود الدول وتلقتها الأجيال الحاضرة عن سلفهم، والتى اتفقت فيها الدول على أن تجتمع تحت مظلة دولية واحدة تحكم فيما بينها عند النزاع وتنظم علاقات أطرافها وقت السلم، ويكون ذلك الالتزام الشرعي هو المصدر الرئيسي لتنظيم العلاقات الدولية ومنها الخلافة في وقتنا المعاصر. الوضع الحالي هل هناك معوقات لاسترداد الخلافة الإسلامية؟ من أول المعوقات التى تحول دون استرداد الخلافة الإسلامية تكاتف الدول الكبرى ضده، وحشد كافة القوى والإمكانيات التى توافرت لدى أعداء المسلمين من السلاح والعتاد والاقتصاد والعلم لإرغام تلك الدول إرغاما على الرضوخ لها والرضا بالأمر الواقع، وعلى أن لا يفكر أهلها فى تغييره مجرد التفكير فى التغيير، بل وعليهم أن يسألوا ربهم أن يديم عليهم نعمة ما هم فيه؛ لأن بقاء الوضع الحالى رغم الانقسام والتجزؤ أصبح فى هذه الأيام مطمعا لتقسيم جديد وتفتيت قريب لن يبقي على الدول الحاضرة بل سيحيلها إلى دويلات أو ولايات تخضع لسطوة القوى الصهيونية وتأتمر بأمرها، ولا يكون لأهلها على بلادهم سلطان أو سبيل. وقد يكون من ضمن العوامل التى أوجدت هذا التحفز من أعداء المسلمين ضدهم تلك الاستفزازات الكلامية العدائية والأعمال الإرهابية والتهديد بالويل والثبور وعظائم الأمور من قتل عصابات أو جماعات تردد شعارات إسلامية وتدور حول عبارات دينية تنذر بالحرب على تلك القوى الدولية. ومما يعوق حلم دولة الخلافة الإسلامية استقرار المراكز الواقعية القائمة لتقسيم بلادها على ما هو عليه فترة من الزمان، جديرة بأن تجعل ذلك التقسيم أمرا واقعا وحقيقة مستقرة. نقل الحدود ما أدلة حرمة اغتصاب الأرض؟ اغتصاب الأرض محرم في شرع الله سواء أكان ذلك الاغتصاب لأرض مملوكة لشخص خاص أم مملوكة لشخص عام كالدولة وما فى حكمها من الأشخاص الاعتباريين، الذين يقوم عليهم أولياء طبيعيون لديهم إرادة وعقل فلا يجوز أن يتم الاستيلاء على أرض الغير بالغصب أو بالقوة أو بالحرب أو ما إلى ذلك من الوسائل الخفية مثل الاختلاس ونقل الحدود وأمثال ذلك. ومما يدل على وجوب التراضي في بذل الأرض قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه). وقوله صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع: (إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا). فهذان الدليلان وغيرهما يفيدان أن الاستيلاء على مال الغير سواء أكان منقولا أم عقارا لا يجوز إلا إذا طابت به نفسه وهذا ما انعقد عليه إجماع علماء الأمة سلفا وخلفا ومن قبيل ذلك أراضي الدولة وحدود الأوطان. د. النجار خلال حديثه لمحرر «اليوم»