عند النهايات والبدايات يتجلى الحكماء، فعند النهاية نحتاج مراجعة لما سبق، وللبدايات استشراف يتبلور في خطة مبنية على نتائج المراجعة تحتوى نقاط القوة السابقة لإبرازها ونقاط الضعف للتعزيز. ومع نهاية الموسم الرياضي والاستعداد للموسم الجديد لا شك أن اختيار المدربين للأندية والمنتخبات أحد أهم الركائز التي ستقوم على رسم خطوط هذه الخطة وتنفيذها. ولأن التخطيط في علم الإدارة يمتد إلى عشرات السنوات للأمام وهناك من يتبنى أن تكون خطتك لأكثر من خمسمئة سنة فإن لم تنفذها أنت نفذها غيرك، لا بد أن نبدأ باختيار المدرب المناسب للبراعم والناشئين ولأنها من أخطر وأهم المراحل وفيها يتم صناعة اللاعب الحقيقي الذي يستثمر فيه الوطن حقيقة للمراحل التالية. فعليه يجب أن يكون مربياً في ثوب مدرب وصانعاً حقيقياً للّاعبين (player's maker) -وهذا ما نفتقده فعلاً بأنديتنا مما جعل الموهوبين عملة نادرة- لأن المهارة إن كانت خاطئة أو صائبة ستلازم اللاعب طوال حياته الرياضية، وإذا كان أساسه قوياً سيسهل الأمر مستقبلاً على مدرب الشباب. وهذا الأخير يجب أن تتوافر فيه الخبرة الكافية بحيث يُعدّ الفريق للمستويات الأعلى ويعزز ويسقي ما غرسه مدرب البراعم من صفات ومهارات رياضية لتثمر لنا لاعبين ببنية جسمية قوية ومهارات عالية. أما مدرب الفريق الأول فيجب أن يكون مدرباً قيادياً يعرف كيف يقود المباريات ويحللها وكذلك يكون لديه مهارة التعرف على مصادر القوة والضعف للفرق الأخرى وأن يدركَ أن إعداد الفريق يختلف من بطولة دوري أو بطولة كأس حيث إن الدوري يحتاج لإعداد طويل الأمد أما الكأس فيحتاج إلى إعداد قصير وهذا ينطبق على البطولات المجمعة. من الأفضل أن يكون جميع المدربين بالنادي من نفس المدرسة لجميع الفئات حتى لا تكون هناك فجوة تدريبية بين الفئات، فإذا كان مدرب الفريق الأول أوروبيًا، فليكن الشباب والناشئين كذلك. كيف نختار مدرباً للمنتخبات؟ من الملاحظ بالفترة الأخيرة أن أحد شروط اختيار المدرب للمنتخب أن يكون على رأس العمل بأي نادٍ وللأسف هذا تفكير يجانب الصواب؛ لأنه ليس بالضرورة كونه مدرباً لأحد الأندية يعني أنه مناسب لقيادة المنتخب؛ لأن العمل بالمنتخبات يتطلبُ (كاريزما) خاصة وخبرة كافية بالبطولات العربية والخليجية والآسيوية، وكذلك التعامل مع اللاعبين ولدية مهارة خلق التآلف بين اللاعبين سواء داخل الملعب أو خارجه خلاف لاعبي الأندية التي غالباً ما يأتي المدرب لمجموعة متآلفة من منطقة واحدة وقد يكونوا أصدقاء، ومن الصفات المهمة لدى المدرب القدرة على التعامل مع المساعدين والإداريين وغالباً لم يكن عمل معهم من قبل إضافة لخبرته بالأندية لأنها تعينه على سرعة خلق التآلف بين اللاعبين. إذن العمل بالأندية ليس شرطاً لنجاح المدرب بقيادة المنتخبات فالمدربين الأجانب لا يعمل كثير منهم بأندية ولهم كل الصفات التي تمكنهم من قيادة المنتخبات. همسة في أذن لجنة المنتخبات: مراجعة ما حدث بالعام الماضي أثبتَ جلياً أن المدربين الذين يعملون الأندية لم يستطيعوا تحقيق أية ميدالية ولا حتى البرونزية في الثلاث فئات: بطولة الخليج التي استضفناها بالشرقية للفريق الأول، والعربية للشباب بمصر، والناشئين بالبحرين. أسأل الله التوفيق لجميع منتخباتنا الوطنية وتكون دائماً وأبداً راية الأخضر خفاقة في العالي.