كانت المصارف في العالم -وما زالت-، تقيّم على جودة وكفاءة ادارة مخاطرها الائتمانية وسيولتها النقدية وغير ذلك من المعايير المالية المتعارف عليها في الوسط المصرفي. كما ان هناك افتراضا سائدا لدى المودعين والمقترضين على حد سواء، وهو وجود درجة عالية من الأمن المعلوماتي ما يمنع قيام أي عملية الكترونية تخريبية تؤثر على نظام المصرف ومعلومات الحساب او يمكن ان تستغل لتسريب معلومات متعلقة بحسابات العملاء او غير ذلك من الأعمال التخريبية. الا ان ما اعلنه الحاكم المالي لولاية نيويورك بنجامين لويسكي قبل عدة ايام، بأن الولاية ستصدر عددا من التشريعات المتعلقة بالأمن المعلوماتي وان على جميع المصارف الالتزام بها وانه سوف يتم الإعلان عن المصارف (المقصرة في احتياطاتها) الأمنية الإلكترونية. تبني سلطة المال في نيويورك لقواعد ملزمة ومعايير للأمن المعلوماتي يعتبر تطورا تاريخيا بكل ما تعنيه الكلمة، وبالأخص الإعلان عن المصارف التي تعتبر مقصرة في اخذ احتياطاتها الأمنية المعلوماتية. ومن المتوقع أن تتبنى كافة دول العالم المعايير التي ستصدر نهاية عامنا هذا -كما توقع بنجامين نفسه-. سلطة المال في نيويورك، وهي الجهة التي تصرح لأي بنك في العالم بالتعامل بالدولار، سبق ان حذرت قبل حوالي العام من هجمة الكترونية ضخمة تدمر قواعد بيانات العملاء في المصارف، بل وحتى تمحو اثر معظم العمليات، وذكر ان الأولوية القصوى ستعطى للأمن المعلوماتي في المستقبل. والأمن المعلوماتي للمصارف لم يعد خيارا يمكن تأجيله فهجمة واحدة تمسح قاعدة بيانات العملاء قد تؤدي الى انهيار النظام المصرفي في الدولة متى وقع ذلك. وليس بغريب ان تكون الدول الراعية للإرهاب هي نفس الدول التي تنطلق منها مثل هذه الهجمات، وعلى رأسها، ايران. فهذه الدولة ومن يقوم عليها من كل خزي وخراب قريبون. ان فرض وتقديم قواعد وتنظيمات ومعايير للأمن المعلوماتي نقطة مهمة وبناءة وتصب في مصلحة سلامة اموال المودعين وسلامة الأمن والسلم الدوليين. كما ان الإعلان عن اسماء المصارف المقصرة يمثل قوة دفع (بالإضافة للغرامات المتوقعة عليهم) على المصارف لتبني القوانين والإجراءات المتوقعة. كافة الدلائل والمؤشرات تشير الى مستقبل مصرفي اقل حدة في ازماته وتقلباته، ويبقى العامل الأهم اخلاق المصرفي نفسه، وهذا امر لا يمكن تشريعه وتأطيره بالقوانين. * متخصص مصرفي ومالي