تعتبر صناعة الطيران أو ما يسمى بحركة النقل الجوي من أكثر الصناعات حساسية لأي تقلبات سياسية أو اقتصادية. وبالنسبة للحركة الجوية حول العالم تعتبر السوق الأمريكية هي الأكبر دون منافسة. فأكثر من ثلث حركة الطيران في العالم يتم في الأجواء الأمريكية. ففي أي وقت من الأوقات توجد أكثر من خمسة آلاف طائرة مدنية محلقة في السماء الأمريكية. ومن اهم شواهد حركة الطيران على سبيل المثال هو أن خطوط أمريكان ايرلاينز أكملت منذ نشأتها في العام 1930م نقل ما مجموعه بليون مسافر بحلول عام 1991م. وفي العام 1979م استطاعت خطوط شركة طيران الدلتا نقل مليون مسافر في شهر واحد من مطار واحد وهو مطار أطلانطا. وفي العام 1976م استطاعت خطوط طيران يونايتد نقل مليون مسافر في أسبوع واحد. ولهذا يسأل الكثير عن اي منافسة تخاف منها هذه الخطوط التي تبلغ عدد رحلات كل منها خمسة آلاف رحلة يوميا سواء داخل أو خارج الولايات المتحدة؟ وفي الوقت الحالي تجري حرب شعواء وتظلم من قبل الخطوط الثلاثة الأمريكية (يونايتد- دلتا- أمريكان) والتي هي الأكبر في العالم من جهة وفي الطرف الآخر هناك ثلاثة خطوط خليجية وهي (القطرية- الاماراتية- وطيران الاتحاد). وتعلل الشركات الأمريكية في حربها ضد الخطوط الخليجية بأنها تحصل على دعم حكومي يصل إلى بلايين الدولارات. وفي المقابل ترد عليها الخطوط الخليجية بأن الشركات الأمريكية في المقابل تحصل على بلايين الدولارات من الحكومية الأمريكية كتسهيلات للأبحاث وتحصل أيضا على فرص كبيرة من خلال إخراجها من قوانين الإفلاس المسمى (تشابتر إلفين). ولكن في نهاية الأمر أصبحت هذه الخطوط الخليجية الثلاثة محط أنظار العالم فيما يخص سرعة نموها وكذلك الخدمات التي تقدمها. وأصبح المسافر حول العالم يضع الخطوط الخليجية الخيار الأول خاصة فيما يخص الرحلات الطويلة التي تربط الشرق بالغرب. وقبل ما حدث بين الخطوط الأمريكية وهذه الخطوط الخليجية كانت هناك حرب اقتصادية بين الخطوط الخليجية وشركة النقل الوطنية الكندية (أير كندا) وكذلك الخطوط الوطنية الأسترالية (كوانتس) وقيامهما بالشكوى من قوة المنافسة لينتهي بهما المطاف بعمل اتفاقيات ثنائية والعمل معا. بل ان الأمر تعدى إلى قيام طيران الاتحاد بالاستحواذ على حصة كبيرة لشركة الطيران الوطنية في إيطاليا (أليتاليا). ولهذا فشركات الطيران الأمريكية تفكر جديا في اللجوء إلى المحاكم خاصة وأن عدد رحلات الخطوط الخليجية المباشرة من المدن الخليجية الثلاث وهي دبي وأبوظبي والدوحة إلى المدن الأمريكية يبلغ حوالي 24 رحلة يومية. ومع أن بعض هذه الرحلات تعتبر (كود شير) إلا أن الطائرة الناقلة تحمل شعار الدول الخليجية. وما زاد خوف الكثير من الشركات الأمريكية والأوروبية هو أنه ومع الحركة في مطارات دول الخليج فقد استطاعت هذه الخطوط التوسع المستمر لعدد وجهات السفر وكذلك تطوير مطاراتها لتزيح مطارات عريقة قديمة من سلم الترتيب. وحاليا ومع دخول فصل الصيف فمن المتوقع أن تقوم الشركات الأمريكية بعمل تصعيد في موقفها. ولهذا السبب قامت خطوط الامارات بخطوة استباقية قبل عدة أيام حيث انها نشرت في مجلتها الرسمية تفاصيل ما تدفعه الحكومة الأمريكية لمساعدة الخطوط الأمريكية. فهل ستشهد القضية تصعيدا في المحاكم الأمريكية أم ستقوم الخطوط الأمريكية بالاستمرار والتوسع في عملية الشراكة التجارية. كاتب ومحلل سياسي